في الساعات التي تلت دفن جيمس مبيوي قبل ثلاث سنوات لم تجلس ارملته فاني مبيوي لتلقي العزاء فيه ولم تستقبل الأقارب والأصدقاء كما جرت العادة وبدلاً عن ذلك لجأت إلى كوخ شقيقتها هرباً من اقارب زوجها الراحل. ولكنهم طاردوها وامسكوا بها وأصروا عليها ان تقوم بمضاجعة احدهم حتى يخلصوا روح زوجها من الأرواح الشريرة التي ستطارده وإلا فانها ستحمل وزر كل مصيبة تحل بأي شخص في القرية. وأذعنت فاني للأمر الواقع .وبعد ان أوى طفلاها الصغيران إلى فراشهما خرجت من عندهما وهي تجر رجليها لتسلم نفسها لأبن عم زوجها الراحل. وعن تلك اللحظات تقول فاني» بكيت عند تذكري زوجي وحينما قضى ابن عمه وطره خرجت واغتسلت جيداً لأنني كنت خائفة ووجلة من إصابتي بالإيدز الذي لن يبقي علي لاعتني بطفليّ». هنا في مالاوي وعدد من الدول الأفريقية المجاورة بما فيها زامبيا وكينيا لا تنتهي مراسم دفن الزوج إلا بعد طقس خاص: ان يقوم أحد أقارب الزوج الراحل بمواقعة أرملته حتى يفسخ الرباط مع روحه حسب اعتقادهم لتسلم بقية القرية من الأذى والمرض. وقد احتملت الأرامل هذه العادة منذ أمد طويل ولم يفعل الزعماء المحليون شيئاً إزاء هذه التقاليد البالية.ولكن يبدو أن انتشار مرض الإيدز يفعل ذلك الآن. وقد اخذ الزعماء السياسيون والقبليون في الحديث عن هذه الممارسة الخاطئة او ما يعرف بعادة «التطهير الجنسي» مشيراً إلى انه واحد من الأمور المسببة لانتشار فيروس الإيدز الذي أصيب به نحو 25 مليون شخص في المنطقة دون الصحراء الأفريقية ووفاة 2,3 مليون شخص العام الماضي لوحده. ولكن هذا التغيير يتم ببطء ومن قرية لأخرى ومن كوخ لآخر. وفي منطقة يسود فيها الإيمان بالسحرة والمشعوذين تجبرالكثير من النساء منذ طفولتهن على إطاعة زعماء القبائل والرجال طاعة عمياء حتى ولو أدى ذلك إلى أصابتهن بالإيدز. وفي زامبيا حيث يوجد شخص واحد مصاب بفيروس الإيدز من بين كل خمسة أشخاص، أشار المجلس القومي لمكافحة الإيدز بان عادة «التطهير الجنسي» تعد من بين الأسباب الرئيسة لانتشار هذا الداء اللعين ودعا رئيس المجلس ليفي مواناوازا إلى إبطال هذا التقليد. مثل نظرائهم في زامبيا تحدث المسؤولون الصحيون في مالاوي عن ضرورة إجبار الأرامل على مضاجعة أقارب أزواجهن الراحلين ولكن في قرية ندانغا التي لا تبعد اكثر من مسيرة 90 دقيقة بالسيارة من مدينة بلانتير اكبر مدن مالاوي يظل الكثيرون غير مقتنعين بالإقلاع عن هذه العادة الذميمة. وفي هذه القرية يوجد أشخاص معينون من قبل زعيم القرية للقيام بمهمة «التطهير الجنسي» يستدعون في حالة عدم وجود أقارب للزوج الراحل. ويقوم اموس ماشيكا شيسوني منذ عام 1953 بمهمة تطهير الأرامل. ويقول شيسوني الذي لا يعرف عمره بانه يقوم بهذه المهمة بدافع الواجب وليس بدافع المتعة فهو زوج لثلاث من النساء اللاتي يشجعنه على القيام بهذه المهمة لما تدره عليهن من عائد لا يزيد في بعض الأحيان عن دجاجة مقابل كل جلسة تطهير. ويصر شيسوني على عدم ارتداء الواقي الذكوري لأنه وكما يقول بان هذا الفعل من شأنه إثارة حفيظة ارواح أخرى مجهولة ويرفض الخضوع لفحص الإيدز. وقال شيسوني بأنه من اجل حماية نفسه يرفض تطهير الأرامل المريضات وعندما قيل له بأنه حتى الأرملة التي يراها صحيحة قد تنقل له الإيدز هز رأسه مستنكراً. وفي مجلس العائلة الذي انعقد بعد مقتل جيمس مبيوي في حادث شاحنة في أغسطس 2002 اعترضت والدة فاني وأشقاؤها على عملية التطهير خوفاً من إصابتها بالإيدز ولكن أقارب زوجها أصروا على ذلك وحملوها مسؤولية ما سيقع لأفراد مجتمعهم في حالة إصرارها على الرفض. وبعد اخذ ورد وافقت فاني على استقبال ابن عم زوجها الراحل في الليلة التي تلت دفن زوجها وكان ما كان من» تطهير» تخشى الأرملة الآن عواقبه. (نيو يورك تايمز)