عندما قدم لي صديقه ورفيق دربه صورة إحدى لوحاتهما القديمة وهما يضعان اللمسات النهائية لها قبل 47 عاما سبح الخيال في تلك الأجواء التي كانت تحيط بواحد من رواد الفن التشكيلي السعودي وهو في عمر المراهقة. تذكرت «مرات» البلدة التي ارتضت رفقة «كميت» فعرف أحدهما بالآخر، وحاولت أن أكون صورة لطفولته قبل أن يمسك الريشة وهل اختص كميت تلك الأنامل بصفحة من صفحاته الحمراء. ثم تصورته وهو يخط إبداعاته بما عرف بعده بما عرفه «المدرسة الآفاقية» تصورت محمد السليم رحمه الله بهدوئه واستغراقه. وتذكرت ما كان يخبرني عنه آخرون من قراءاته الفنية لبعض التكوينات الصخرية. كنت أتمنى أن أحصل على لوحة من لوحاته لتكون جوهرة في عقد ما أحتفظ به من لوحات فنية محلية. وكم كانت رائعة تلك الفرصة التي أخذتني صدفة حيث تصطف قصائده التشكيلية في صالة المتحف الوطني وكأنها خرجت من مرسمه للتو. وكان لي ما أردت من تلك اللوحات. ولئن كان الرجل منا يسعى للجمال والمحتوى في بحثه قبل عقد قرانه عليهما فقد ظفرت بالجمال والمحتوى في ركنه وعقدت القران معهما وليس عليهما. وقد اخترت تعبير القران لأن ماندفعه للوحة يماثل المهر حيث إن اللوحة لاتقدر بثمن عند صاحبها ومتذوقها على حد سواء. لوحات السليم جزء من معرض تشكيلي كبير نظمه الفنانان المخضرمان سعد العبيد وأحمد السلامة لصالح الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بمنطقة الرياض «إنسان». أتمنى أن يُغطى ذلك المعرض بما يستحق. وأتمنى أن يمدد العرض لأسابيع حتى يتسنى لمتذوقي الفن زيارته فربما كانت لأحدهم الرغبة في عقد قران آخر مع «وليس على» بعض لوحات أبي طارق رحمه الله. ومن قبيل إحقاق الحق فإن للمبدع إبراهيم بن عبد الله الصقيران «يستحق تحقيقا منفصلا» فضلاً علي بما أمدني به من وثائق عن الحقبة التشكيلية في الثمانينيات الهجرية وما قبلها، حيث كان الفن أصيلا ولم يكن مجرد إكسسوار يولده الترف.