"وبعد إجراء جملة من البحث والتحري، كانت أولى ثمارها التعرف على هوية المجني عليه والذي تبين أنه من جنسية أفريقية ومقيم في المملكة بطريقة غير نظامية، ومن خلال دراسة سيرته الذاتية اتضح أنه كان يمارس نشاط تصنيع وبيع الخمور." ما حرصتُ على إدراجه أعلاه هو جزء من خبر محلي عن اكتشاف جثة قتيل . ومن التعرف على المجني عليه تابعت سلطات الأمن الجاني حتى تم القبض عليه . وهذا عمل جيد ننصف عند ذكره الجهات الأمنية إذا ذكرناه. ولي ملاحظة لغوية على الواقعة . فقد ذكر الخبر أنه مقيم في البلاد بطريقة غير نظامية . وله " سيرة ذاتية " كعظام الرجال ... ! وبالمناسبة السيرة الذاتية هي التي يكتبها المرء عن ذاته ، أي عن شخصه . Biography ، وغير ذلك تُسمى "سيرة شخصية " C. v.( Curricula) Vitae ) وهي عبارة لاتينية معناها ( بيان السيرة ) ( سي في ). لنعد إلى الموضوع وهو كيف نملك سيرة شخصية عن رجل يصنع خمرا ولا يحمل إقامة نظامية ؟ وكان بإمكاننا القبض عليه وترحيله ( سالما ) إلى بلده بدلا من أن يموت نتيجة منافسة بينه وبين شريك أو منافس ، مثله يصنع خمرا. واقعة كهذه ألا تذكركم بأفلام أمريكية كانت رائجة في الخمسينيات عن مرحلة منع الكحول (Prohibition of alcoholic beverages) هي التي كان فيها تصنيع أو نقل أو تصدير أو استيراد أي من المشروبات الكحولية ممنوعاً (غير قانوني). وقد تم منع الكحول في أمريكا بناء على "تعديل الدستور (الصفحة غير موجودة)" التعديل الثامن عشر للدستور الأمريكي والذي اعتمد في 16 يناير. بدأ تنفيذ المنع في 16 يناير وانتهى بناء على التعديل الحادي والعشرين للدستور الأمريكي. وكانت جزءا من تاريخ العنف في ذلك البلد. وشيء مؤسف رواج تلك الصناعة القاتلة في بلدنا . فإلى جانب الضرر البدني المتفق عليه فهي صناعة تشغل هيئات البحث والضبط عن واجبهم الأمني الأساسي . فقد ثبت وجود منافسة شرسة وعنيفة بين أهل الصنعة . وأستدل على ذلك بالوقائع التي تشير إليها الصحافة المحلية . فما أن تبحث عن حادثة إلا وتجد للخمر ذكرا فيه مصانع للخمر . بطاقات ضخمة في الإنتاج تصل إلى 30.000 قارورة في اليوم الواحد متوسط سعر القارورة 150 ريالا مصانع في جميع انحاء المملكة لا يمضي شهر إلا ونسمع عن اكتشاف مصنع . لكن هناك أسئلة : هذه الآلاف من اللترات الا توحي بأن هناك مستهلكين لهذه الكمية الهائلة . جرى اكتشاف قبل أيام قليلة أحد أكبر مصانع الخمور «العرق» في فيلا دورين بحي شمالي الرياض يديره سعوديان ويعمل معهما مجموعة من العمالة الآسيوية الذين يعمل تحت مظلتهم أيضاً عدد من العمالة الوافدة بعد اجتيازهم فترة التدريب على فن التقطير وكيفية التخمير والتبريد والتصنيع التي يتم بها إعداد «العرق» في حي البطحاء قبل وصولهم إلى المصنع الرئيس ومقر التوزيع في فيلا دورين تتوسط حي الازدهار شمالي الرياض بين مساكن عدد من الأسر ويقدر إجمالي ما يتم إنتاجه من «العرق» في المصنع خلال أيام إلى (400) كرتون تقريباً ويحوي كل كرتون نحو (12) قارورة ويصل سعر كل قارورة إلى (100) ريال حيث يتجاوز دخل هذا الوكر الآلاف خلال أيام بالنظر إلى الكمية المصنعة.