عمدت كافة قطاعات التعليم العالي بالمملكة سواء الجامعات الحكومية منها أو الخاصة إلى تعديل خططها الأكاديمية لتشمل في جميعها ما يسمى بالسنة التحضيرية وذلك بهدف إكساب الطلاب المستجدين ذكورا وإناثا عددا من المهارات التي ترى جامعات المملكة كافة أنهم يحتاجون إليها وفي ذلك "أحيانا" غمز ولمز يرتبط بمستوى تأهيل خريج التعليم العام وأنه في كثير من الأحيان لم يصل إلى المستوى الذي يمكنه من المضي قدما بالدراسة الجامعية بنجاح وتميز!! هذا الشعور أدى إلى عدم الاعتراف الكامل بالشهادة الثانوية العامة بطريقة أو بأخرى الأمر الذي جعل الجامعات تفرض على المتقدمين للدراسة فيها الحصول على درجات مرتفعة في اختبارات جديدة تتعلق بالقياس والتحصيل!! وبغض النظر عن أهمية أو جدوى أو مناسبة تلك الاختبارات أو السنة التحضيرية في الجامعات وفي كافة الأقسام أو معظمها ودون الولوج في قضايا تتعلق بالمهارات التي يتم تدريسها حاليا ومدى حاجة الطالب المستجد لها أو مناسبتها أو أهميتها لتخصصه الجامعي المستقبلي إلا أنني أطرح هذا الموضوع من زاوية اقتصادية فقط تتعلق بتكلفة الطالب الجامعي على الدولة خاصة إذا وضعنا في الاعتبار عدد الطلاب الجامعيين الحاليين والمستقبليين من الذكور والإناث.. وهنا يجب في نظري أن نتوقف قليلا وأن نناقش القضية من جوانب متعددة دون "الاستسلام الكامل" لرغبات الجامعات ومؤسسات التعليم العالي سواء كانت حكومية أو خاصة أيضا!! وعند البدء بمناقشة موضوع السنة التحضيرية في جامعات المملكة من الناحية الاقتصادية يقفز إلى الذهن تساؤل عريض يتعلق بالتكلفة المالية المتفاوتة "جدا" حيث تصل في بعض الجامعات إلى عشرين ألف ريال للطالب الواحد بينما لا تتجاوز في جامعات أخرى بالمملكة الثمانية آلاف ريال! وهنا يجب التوقف للتعرف عن أسباب التفاوت الكبيرة تلك وما هي مسبباتها؟! وما مدى منطقية تلك المسببات؟! ثم إن النظر إلى تكلفة الطالب الجامعي على ميزانية الدولة تجعلنا أيضا نطلب الحوار والنقاش حول أهمية وجدوى تطبيق السنة التحضيرية بمهاراتها المختلفة على جميع الطلاب فقد أستغرب مثلا أن يطلب من طالب سيتخصص في مجال التمريض أو الطب مثلا أن يدرس مواد في الرياضيات وهي مجال مخصص لتخصصات تختلف عن القطاعات الصحية التي يكفي في نظري ما تحصل عليه الطالب فيها خلال مرحلة التعليم العام وكشفت عن قدراته فيها اختبارات القياس والتحصيلي أيضا لأن في ذلك إرباكا للطالب وتحميلا إضافيا لميزانية الدولة أيضا دون فائدة تذكر!! وعند الغوص في مسألة السنة التحضيرية التي أجزم أنها أقضت مضجع المخططين لميزانية الدولة يتبادر إلى الذهن تساؤل حول إمكانية استفادة الدولة اقتصاديا من تطبيق هذا المفهوم الجديد وذلك من خلال تأسيس شركة تعليمية شبة حكومية تساهم فيها المؤسسة العامة للتقاعد والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية وكذلك صندوق الاستثمارات العامة وتطرح للاكتتاب العام تتخصص في تنفيذ برنامج السنة التحضيرية لكافة الجامعات السعودية وستكون مثل تلك الشركة التعليمية "في نظري" أكثر جودة من الشركات المنفذة للسنة التحضيرية في جامعات المملكة حاليا! كما أنها باعتبارها شركة شبه حكومية ستعمل على التركيز على النوعية والجودة في الأداء أكثر من تركيزها على الجانب الربحي فقط! وهو ما تمارسه كثير "إن لم أقل" جميع المنشآت الخاصة العاملة في المملكة سواء في المجال التعليمي أو في غيره .. فهل يتبنى المجلس الاقتصادي الأعلى باعتباره المعني الأول في التخطيط الاقتصادي الوطني مثل هذا الطرح ليوجه من يقوم بدراسته؟ ولعل بداية الدراسة تتمحور حول التالي: أولا: لماذا تتفاوت تكلفة الطالب الجامعي بين جامعات المملكة؟ ثانيا: ما هي المهارات الأساسية التي يحتاجها الطالب المستجد بالفعل؟ ثالثا: ما مدى نجاح الجهات المشغلة للسنة التحضيرية بجامعات المملكة؟ رابعا: ما جدوى تأسيس شركة وطنية للقيام بهذه المهمة؟ فهل نرى في قادم الأيام تحركا إيجابيا يرتبط بهذا الموضوع .. قبل أن يكبر الخرق على الراقع؟! ودمتم