يُحكى أن رجلاً باع رجلاً آخر دجاجة بثمن باهظ، زاعماً له أنها تبيض كل شهر بيضة من ذهب! ومضى شهر ولكنه لم ير البيضة الذهبية فعاد للبائع وقال: لقد خدعتني.. كيف تقول إنها تبيض بيضة ذهبية كل شهر ولم أر شيئاً مما قلت..؟! خذ دجاجتك وأعد إليّ فلوسي.. قال الرجل أنا أستغرب ألا تبيض إلا إذا كنت قد وضعتها مع ديوك عادية.. قال ماذا تقصد؟ قال أقصد أنه لابد من وضعها مع ديك ذهبي إذ ليس من المعقول أن يتم إنتاج بيضة ذهبية من ديك غير ذهبي..!! فقال الشاري: ولكن كيف لي بأن آتي بديك ذهبي؟ ضحك البائع وضرب صدره وقال عندي... ودخل بيته وأخرج ديكاً غريباً له عرف أحمر كالياقوت وقال: هذا هو الديك الذهبي، فعجب الشاري من لون الديك وقال: حقاً إنه ديك عجيب.. ولابد من شرائه، ولكن لا تبالغ في الثمن قال: ديك ينتج بيضاً ذهبياً فما تظن أني سأطلب ثمناً له؟ لابد أن يكون غالياً على قدر انتاجه.. فاضطر الشاري إلى أن يدفع مبلغاً كبيراً وضخماً ثمناً للديك.. وانتظر شهراً ولكن البيضة الذهبية لم تخرج.. فعاد إلى البائع غضبانَ ثائراً مهدداً ومزمجراً وقال: لقد خدعتني أيها الأفاق.. فقال: كيف؟ أنا لم أخدعك مطلقاً. قال الشاري: ولكن أين البيضة الذهبية؟! فأنا منذ شهر وأنا أعتني بهما وأطعمهما وأنتظر.. قال البائع: قل لي أولاً ماذا كنت تطعم الدجاجة والديك قال: أحسن الطعام: ذرة وقمحا، وشعيرا ولوزا وكل أنواع الطيبات من الحبوب.. ضحك البائع وكاد يستلقي وقال كنت أظنك عاقلاً، أتطعمهما قمحاً وذرة وشعيراً وتريد أن ينتجا لك بيضاً ذهبياً! إذن أنت مغفل وأحمق.. فقال الشاري: وهو يكاد يفقد عقله، وماذا تريد أن أطعمهما إذاً؟!.. قال: تطعمهما حبوباً من ذهب، فصاح: حبوباً من ذهب! قال: نعم فالذهب لا يأتي إلا من الذهب.. فقد المسكين صوابه، وأصيب بالذهول، وصار يمشي في الشوارع بلا عقل.. *** أورد هذه الحكاية وأنا أسمع عن قضية شاب تقدم إلى احدى الشركات للعمل فرحبوا به، وقالوا: ما عليك إلا أن تعبئ هذه الاستبانة وتعيدها إلينا.. عبأها وسلمها لهم.. قالوا تراجعنا بعد شهر.. ولما انقضى الشهر جاء متلهفاً على الوظيفة. وقالوا: كل شيء ممتاز إلا أنك تحتاج إلى لغة انجليزية قال: وما لزوم اللغة الانجليزية.. لسنا في بريطانيا أو أمريكا.. نحن في قلب بلاد العرب.. نظر إليه أحدهم وقال: يبدو أنك متحمس للفصحى يا فصيح.. بلع الإهانة كالجمرة وكظم غيظه، وقال في سره: لا بأس أن نتنازل عن اللغة والكرامة في سبيل أكل الخبز المرّ.. ودخل المسكين دورة لتعلم اللغة الانجليزية دفع فيها كل ما يملك ولم يعد في جيبه قرش واحد.. فلما جاء بالشهادة قالوا: هذا رائع وعظيم الآن الوضع شبه مكتمل، ولكن تبين لنا أنك تحتاج إلى دورة في التخصص الدقيق للوظيفة! فباع المسكين سيارته ثمناً للدراسة في الدورة المطلوبة والتي كانت مدتها ستة أشهر بالتمام والكمال.. وجاء إليهم وقد توفرت فيه جميع الشروط ولما قدم ملفه كاملاً قالوا: رائع راجعنا بعد شهر وسيكون كل شيء جاهزا لتستلم وظيفتك.. ولما راجعهم بعد شهر استقبله الموظف المسؤول بكل ترحاب ولطف، وقدم له كوباً من الشاي وهو يبتسم فأحس أن هذه الابتسامة وراءها الكثير من الاحتمالات.. قال له الموظف المسؤول: آسف يبدو أن شيئاً واحداً كان ينقصك. قال باستغراب ولهفة: وما هو؟ قال له: الحظ.. نعم لستَ محظوظاً فقبل أسبوع واحد فقط تقدم لنا شخص تتوفر فيه كل الشروط، وتنطبق عليه مواصفات الوظيفة وكأنها مفصلة عليه فسبقك بها.. خذ ملفك..!! أخذ ملفه وخرج إلى الشارع وهو يهذي كصاحب الدجاجة والبيضة الذهبية..!