جريمة الراشي لا تقل عن جريمة المرتشي ، ولو أن هناك من يجد عذراً للراشي لأنه يريد أن يستخلص حقه من أيسر الطرق وأسهلها ، وهو بذلك يضحي بجزء من أرباحه في سبيل أن يأخذ حقوقه ، ومن هنا أصبحت الرشوة أمرا مشروعا وأصبحت جملة ادهن السير يسير، من الجمل الدارجة في المهنة وخاصة في قطاع المقاولات ، ولكن كارثة السيول في جدة ، ولنقل كارثتين ، فهي لم تكن كارثة واحدة والتي ذهبت ضحاياها أرواح وممتلكات ، ولم تكونا كارثتين عاديتين بحيث يمكن التغاضي عن جرائرهما ، وعدم محاكمة المسؤولين عنهما موظفين ومقاولين ، وهكذا بدأت القضية تأخذ مسارا جديدا ، فبعد التحقيق مع الموظفين المسؤولين عن الكارثة اتجه الاتهام إلى الشركات ومؤسسات المقاولات ، حيث أحالت هيئة التحقيق والادعاء العام مؤخرا 3 ملفات لشركات ومؤسسات مقاولات إلى المحكمة الإدارية بسبب ضلوعها في سوء تنفيذ مشاريع مرتبطة بالكارثة ، وستتعرض لعقوبات أقلها في حالة ثبوت إدانتها إلى شطب سجلاتها التجارية بشكل نهائي بالإضافة إلى عقوبة الغرامة ، والتهم تشمل التلاعب في تنفيذ مشاريع تصريف مياه السيول والأمطار ، وكذلك بعض المشاريع الهندسية التي تمت بالتزامن مع مخالفات المتهمين في الكارثة ، حيث تزامن مع فتح باب التحقيق في هذه القضية ضلوع عدد من منسوبي بعض مؤسسات وشركات المقاولات في جرائم التزوير والرشوة بالتواطؤ مع متهمين آخرين تابعين لأمانة جدة ، والذين أحيلوا مسبقاً للمحكمة الإدارية والجزئية حسب اختصاص كل منهما ، وهكذا لا تفرق العدالة بين الراشي، والمرتشي ، فهما في حسبان الجريمة سواء ..