تنافس بل ربما تفوق منتجات الألبان ومشتقاتها المصدرة من المملكة لدول مجلس التعاون الخليجي وربما بعض الدول العربية تلك المصنعة في كثير من تلك الدول التي تباع منتجاتنا فيها.. كما أن المياه السعودية المعبأة تتواجد في معظم دول الخليج العربي بكميات ضخمة أيضا!! ومن المعروف أن صناعة الألبان ومشتقاتها وكذلك المياه المعبأة تعتمد بدرجة كبيرة جداً على المياه.. بل إنها ماء معلب!! هذا في الوقت الذي نعتقد أننا في المملكة نعاني من شح في المياه!! وكنت أظن أننا ربما اكتفينا بالسماح بإنتاج كميات تسد حاجة المستهلك في الوطن العزيز فقط دون السماح لهذه الصناعة بالتصدير للخارج حفاظاً على الثروة المائية المحلية التي "نقول" إننا نخشى نضوبها!! وفي نظرة عاجلة إلى الوراء وفي مجال آخر نتذكر أن المملكة كانت قد شجعت المواطنين على الانخراط في المجال الزراعي والعمل على زراعة القمح باعتباره أحد أهم أسس الأمن الغذائي الوطني الأمر الذي جعل كثيرين يتركون أعمالهم الحكومية والخاصة ويتجهون إلى العمل في مجال زراعة القمح استجابة لتشجيع الدولة أولاً ثم لتحقيق أرباح مضمونة والولوج إلى قطاع خاص مضمون الربحية بسبب ما كان يحظى به من دعم ومؤازرة!! كان الإقبال منقطع النظير فالأراضي الزراعية تمنح مجانا والبنك الزراعي يقدم القروض بلا فوائد وصوامع الغلال ومطاحن الدقيق تستقبل المنتج وتدفع قيمته للمزارع دون عناء التوزيع أو التسويق!! زاد الإقبال فأصبح يشكل أزمة إذ فاض عن الاحتياج المحلي الأمر الذي ربما دفع بنا إلى التصدير للخارج!! ثم توجه القطاع المنظم للزراعة لإيقاف زراعة القمح تماماً حفاظاً على المخزون المائي!! فإما أن يكون التشجيع وتكثيف الزراعة بما يزيد عن الحاجة أو أن نقفل الباب تماماً ليصبح لدينا حاجة!! ومع إيقاف زراعة القمح بالمملكة هبت على المستهلك عواصف من الخوف والقلق تمثلت أولاً في ارتفاعات مفاجئة ومتفرقة للأسعار ثم بتلويح حول ربما عدم إمكانية استيراد المحصول من الجهات الزراعة له بالخارج!! ثم جاءت فكرة الاستثمار الزراعي السعودي بالخارج كمحاولة لتحقيق ما يسمى بالأمن الغذائي التي لم تكن هي الأخرى أحسن حالاً مما سبقها فقد صاحبها كثير من العوائق والعراقيل فها هو أحد المتخصصين يشير إلى عوائق كبيرة تواجه مسألة الاستثمار الزراعي السعودي بالخارج ويدعو إلى العمل على إزالة تلك المعوقات للإسهام في سد الفجوة التي تعاني منها المملكة في السلع الغذائية الرئيسية ويشير كذلك إلى أن التحدي يظل كبيراً في ظل توقعات شبه مؤكدة ترى أن موجة ارتفاع أسعار المحاصيل الأساسية، التي بدأت في عام 2007 لأسباب مختلفة مرشحة للتصاعد حتى عام 2015 على أقل تقدير نتيجة التغيرات في المناخ ومشكلات الموارد المائية والتوجه الغربي للحصول على الوقود من المحاصيل الزراعية، كما يحذر أيضا من ارتفاع فاتورة الغذاء لتتجاوز 50 مليار ريال وهو مبلغ ضخم ربما يصل إلى ما يقرب من 10% من إجمالي ميزانية وطننا!! من هنا أريد أن أفهم كيف نسير نحن في تخطيطنا الزراعي؟ وكيف يمكن لنا أن نحقق شيئاً (وليس كل) من الأمن الغذائي؟ وهل صناعة الألبان بما يفيض عن حاجة المستهلك المحلي ليتم تصديرها للخارج بأسعار تنافسية يمثل توجهاً وطنياً صحيحاً؟ وهل زراعة القمح تبدو غير مهمة لهذه الدرجة وخطيرة على أمننا المائي أكثر من إنتاج وتصدير المياه المعبأة والألبان ومشتقاتها؟ ولماذا تم إيقاف زراعة القمح واستبدلت بزراعة الأعلاف على الرغم من استهلاك الأخيرة الكبير جداً للمياه؟! وهل يمكن أن نعيد ترتيب أولوياتنا الزراعية خاصة ما يتعلق منها بإنتاج الأعلاف والعصائر والألبان والمياه بحيث تقتصر على الاستهلاك المحلي؟! وما دمنا في "رعب" من نضوب مواردنا المائية.. لماذا لا نستفيد من مياه الطبقات الرسوبية التي تزيد كميتها عن 460 مليار متر مكعب (كما ذكر في هذه الصحيفة) في تخفيف حجم الاستهلاك المنزلي والخارجي من المياه المحلاة التي تجلب من البحر؟! والأهم من هذا وذاك.. هل لدينا خطط في مجال تحقيق الأمن الغذائي؟ وما هي تلك الخطط؟ وكيف نعالج العقبات التي "قد" تواجهنا مستقبلاً؟ وهل درسنا ذلك نحن من خلال أبناء الوطن المتخصصين الذين تغص بهم جامعات الوطن؟ أم اعتمدنا على أولئك "المستشارين" من الخارج؟! وأخيراً نريد أن نفهم.. ونطمئن فقط لأن الموضوع في غاية الأهمية.