اختلافات الرأي في حد ذاتها ليست مظهراً غريباً في أي مجتمع، وعندما تمارس بموضوعية فقد تكون منطلق الوصول إلى إيجابيات.. هذا وضع تعيه الشعوب الراقية وعياً وثقافة.. في عالمنا العربي ومنذ ما لا يقل عن سبعين عاماً استخدمت اختلافات الرأي كمداخل إلى تفعيل صراعات ثم عنف محاولات الوصول إلى الهيمنة.. هذا الأمر واضح للغاية ولو قورنت أعداد الخسائر الدموية بين كل سنوات الأحداث لوجدنا ما يخجل مواقع أحداثه أن تعترف به.. زعيم إسرائيلي قال قبل زمن ليس بالبعيد وهو أحد البانين لحداثة دولة إسرائيل.. قال: إن العرب لا يعودون إلى ماضيهم بأي مراجعة تقييم أو ربطه بأحداث حاضرهم.. هذا صحيح.. لأن تكرار مظاهر السلبيات حتى ولو كانت مسبباتها المعاصرة مؤكدة ولابد من التصدي لها خصوصاً في سحبها المجتمعات نحو الخلف، لكن من المؤكد عقلانياً أن هذا التكرار ليس إلا مواصلة هبوط بينما أعطيت في البداية صفة أنها منطلق تقدم وهو ما لم يحدث.. نحن في مجتمعنا نمتلك إيجابيات كثيرة وتباعداً واضحاً عن سلبيات عالمنا العربي.. هذا لا يحتاج إلى برهنة، لكنني أتوقف عند بعض شطحات غير موضوعية تنشر بواسطة بعض مواقع النت.. لست أتابعها لكن يزودني بعض الزملاء أحياناً بشيء منها.. هؤلاء يجعلون من قضايا بسيطة ومحدودة التواجد.. وبعضها توجده صفة بشرية مبسطة وترفضه صفات مؤهلة وواعية، فنحن مثلاً لم نفتح أبواب الفنون بما عليه من تجاوزات عند غيرنا.. نريد تطوير الفنون بكفاءات مضامينها وتواجد الطفل والمرأة والرجل في تمثيل أحداثها، لكن دون تعمد وجود إثارات كما في بعض الأغاني.. المرأة بما ينشط من مطالبات بضرورة تواجدها في مرافق العمل وممارسة أدوار اجتماعية مرموقة.. وهي موجودة فيها فعلاً.. لكن ذلك لا يعني أن نقبل ببعض مظاهر التفسخ والعرض الجسدي كما في الدول الغربية على أنه حرية.. ويبعد عنا القلق في مشوار ثقة ننطلق معه نحو الأفضل أننا وبصفات شخصية.. أي بأكثرية عالية.. نرحب بالتقدم، لكن في نفس الوقت لا نتخلى عن مقوّمات شخصيتنا الأخلاقية.. إذاً ليس هناك ما يبرر أن يوجد مَنْ يستخدمون مواقع النت وكأنهم يعلنون ما لا يعرفه إلا هم مما يتصورونه خلل مجتمع.. والصحيح أن ما يريدون ترويجه ليس إلا عمليات سحب لا مبرر لها كي يتجه المجتمع نحو الخلف.. بنينا تطوّرنا وتميّزنا ومظاهر جزالة مكانة مستقبلنا ولم يحدث ذلك بوجود صراعات يصح أن تسمى اقتتال أجيال كما عند غيرنا..