ما يشغل البال العام عربياً وتحترف معظم أنواع الصحف عرض سلبياته هو التقلبات المزعجة بل والمخيفة التي تتعرض لها المجتمعات العربية بما يتلاحق من تناقضات.. فإذا كنا شباب الأمس مولعين بمتابعة أفكار القوميين ومثلهم البعثيين ومَنْ يلتحفون بادعاء الليبرالية ومروراً أيضاً بالعلمانية، وكنا منذ خمسين عاماً نعتقد أن المجتمعات العربية محظوظة بأنها تبني وجوداً إصلاحياً سوف ينافس روسيا، ثم بعد سنوات أخرى شعرنا بعد سقوط الشيوعية أن المطلوب منافسة أمريكا.. لكن حقائق الحياة المتداولة أثبتت أن مجتمعاتنا العربية الثورية لم تكن تملك شيئاً من موضوعية روسيا حين غيّرت أوضاعها، ولا تجذّر قدرات أمريكا في ثبات أولويتها.. بات واضحاً أن المجتمعات خرجت من أنظمة حكم كانت أكثر عدالة إلى أنظمة ألغت أي حضور اجتماعي في سلوكيات استمرارها.. أفترض أن نكون خليجياً وسعودياً بخصوصية أكثر لسنا من اتهمنا في الماضي بالرجعية نعيش حالياً مرجعية تخلّف، ولكننا، وهذا عبر براهين الواقع، نعيش حالات انطلاق نحو حداثة الوجود الحضاري والبناء الاجتماعي العادل.. براهين المشروعات ونوعية ممارسة المواطن تثبت ذلك، وفي الخلاف مع التعنت السلفي الذي يريد حجز الطموحات بروتينية الماضي لم يكن يعني خلافاً مع العقائد أو الأخلاق وبالتالي يفترض ألا يكون هناك صراع، لكننا لو تأملنا واقع بعض حالات الظهور الفني في بعض مواقع العرض التلفزيوني الفني نجد أن هناك خروجاً غير أخلاقي لا يقره سلفيون ولا أكثرية وعي اجتماعية، عندما نجد أن مواقع عرض تلفزيوني معينة قد استخدمت الإباحة الجسدية وسائل ترويج لأغاني فنانين ليس ما يحدث هو الاستماع إليهم وإنما مشاهدة عروض التعرّي التي تكشف من الراقصة كامل صدرها وكل ما تحت أردافها.. لم يحتل أي مغن حتى الآن مكانة محمد عبدالوهاب أو عبدالحليم حافظ أو وديع الصافي وكذا أم كلثوم وفيروز بل حتى أيضاً تحية كاريوكا وسامية جمال.. العروض تتم بحثاً عن هدفين: أرباح الإعلان، وفي نفس الوقت تقديم المطرب ليس عبر الصوت واللحن وإنما عبر تموّجات الأجساد شبه العارية.. في حين نعرف وموضوعياً أن المجتمعات العربية في معظمها لا تتخلى فيها المرأة عن مظاهر الاحتشام، بل هناك مجتمعات يندر أن ترى امرأة عارية شعر الرأس.. كيف اندس هذا التوغل غير الأخلاقي في عروض فنية غير أخلاقية.. يأتي هذا الوضع في مرحلة نحن الواثقين من مستقبلنا والمجتمعات الأخرى تبحث عن حقوق ضائعة، وكأن هذه العروض بعض من حقوق.. ولو قيل ذلك فهي غير أخلاقية..