أعلنت حركة المقاومة الإسلامية «حماس» أنها قد تقاطع انتخابات الإعادة للجولة الثانية من الانتخابات البلدية التي من المقرر أن تعقد في 31 مايو (أيار) الجاري في بلديات فازت فيها الحركة، مشيرا ان الحركة تدرس عدم المشاركة في الجولات الانتخابية إذا لم تحصل على ضمانات كافية بعدم تكرار ما ارتكبته حركة (فتح) من تجاوزات خلال الانتخابات البلدية. وقال سامي أبو زهري الناطق باسم الحركة في تصريحات له إن «الحركة تدرس عدم المشاركة في الجولات الانتخابية القادمة إلا في ظل شروط واضحة تضمن نزاهة الانتخابات القادمة». وأضاف: «الخيارات كلها مفتوحة وحتى هذه اللحظة لم نقرر عدم المشاركة في انتخابات الإعادة ولا تزال المناقشات والاتصالات مستمرة وإذا وصلنا إلى مقاطعة انتخابات الإعادة فسيدفع هذا إلى تفاعلات كبيرة جدا سيكون لها آثار كبيرة على الساحة الفلسطينية مستقبلا». وأوضح ابو زهري ان الحركة كانت حريصة على أن يظهر شعبنا بصورة مشرفة بما يتعلق بالعملية الديمقراطية لكن بكل أسف حركة (فتح) هي التي أساءت إلى شعبنا حينما اتهمته بالتزوير وألغت نتائج الانتخابات بشكل سافر، مشيرا أن قرار إلغاء نتائج انتخابات يجب عدم اتخاذه إلا في أحرج الأوقات حيث يشبهه المحامون بقرارات الإعدام التي لا يصل إليها القضاء إلا في أحرج الأوقات. وكانت محكمة فلسطينية أبطلت الخميس الماضي بعض نتائج الانتخابات البلدية في بيت لاهيا بشمال غزة مشككة في فوز (حماس) ب 7 من 13 مجلسا بلديا. وهو الحكم الثاني بعد حكم أصدرته محكمة يوم الثلاثاء الموافق 17-5-2005 بإلغاء النتائج في 51 من بين 141 دائرة انتخابية بعد أن ظهرت مخالفات في قوائم تسجيل الناخبين في أجزاء من مدينة رفح جنوب قطاع غزة في الانتخابات التي جرت في الخامس من الشهر الجاري. وبحسب النتائج الأولية فقد فازت (فتح) في الجولة الثانية من الانتخابات البلدية بحوالي 50 من 84 مجلسا بلديا في الضفة الغربية وقطاع غزة، بينما فازت (حماس) بحوالي 30 مجلسا، قبل إبطال المحاكم الفلسطينية بعض النتائج التي حققتها حماس. وأكد أبو زهري على تمسك الحركة بحقها حتى لو أدى لعدم مشاركتها في النهاية في انتخابات الإعادة حيث ان (حماس) متمسكة بحقها في النتائج التي أعلنت وعكست تقدمها ولذلك رفضت قرارات «المحاكم الفتحاوية» التي صادرت حق (حماس) في الفوز وموقف الحركة هو التمسك بإعلان النتائج كما هي. واستذكر انتخابات الرئاسة التي جرت في شهر كانون الثاني (يناير) 2005 حيث جرى في الساعتين الأخيرتين منها تجاوزات كبيرة ورغم ذلك فإن القضاء الفلسطيني اعتبر أن تلك التجاوزات لا تمس نزاهة الانتخابات.. فلماذا هذه الازدواجية بحيث تلغى الانتخابات بسبب زيادة بطاقة هنا أو بطاقة هناك؟. وأكد أبو زهري حدوث ضغوط وتدخلات سافرة مورست لإجبار القضاة على إصدار هذه الأحكام وكان منها الضغط على عدد من أعضاء اللجان الانتخابية وتهديدهم من بينهم عدد من أعضاء اللجان الانتخابية العليا وتواطؤ عدد من أعضاء المكتب التنفيذي التابع للجنة الانتخابات سواء بالإدلاء بشهادات معكوسة لصالح جهة الطعن أو بتسريب ملفات ومحاضر سرية إلى جهة الطعن. وحول ما بدا أنه تناقض في موقف (حماس) حيث أعلنت في البداية قبولها قرار القضاء ثم عادت لترفضه قال أبو زهري «موقف (حماس) لا يشكل مسا بالقضاء الفلسطيني وإنما اعتراضنا على المحاكم التي شكلت خصيصا للنظر في هذه القضايا». وأضاف «حينما قبلنا في البداية بقرار القضاء كنا نحاول أن نستوعب الأمور وأن نخرج إلى شعبنا والعالم بصورة وحدوية ولو على حسابنا ولكن بكل أسف هذا لم يقدره الآخرون واستمروا في إلغاء نتائج فوز الحركة في بيت لاهيا ومخيم البريج مما دفع الحركة إلى اتخاذ خطوة جادة لوقف هذه المهزلة». من ناحية أخرى أشار الناطق باسم (حماس) أن الحركة تعيد النظر في جملة التفاهمات التي أبرمتها مع حركة (فتح) وخاصة تلك التي تم التوصل إليها في إعلان القاهرة في شباط 2005، مضيفا ان هناك قدراً كبيراً من هذه التفاهمات يتعلق بالوضع الداخلي وفي حال استمرار التجاوزات فإن (حماس) لن تجد نفسها ملزمة بالاستمرار في الالتزام بما ورد في التفاهمات لكن القرار الأخير للتهدئة يتخذ بالتشاور مع جميع الجهات المشاركة في القرار». وشهدت مختلف مناطق قطاع غزة مسيرات جماهيرية حاشدة شارك فيها عشرات الآلاف من أنصار «حماس» احتجاجا على إلغاء نتائج الانتخابات. ففي مخيم جباليا خرجت مسيرة مركزية من قبالة مسجد الخلفاء الراشدين و رفعوا الرايات الإسلامية والأعلام الفلسطينية و شعارات (حماس) و تقدم المسيرة قادة (حماس). وجابت التظاهرة شوارع مخيم جباليا و ردد المشاركون شعارات تطالب باحترام إرادة الناخب ورفض الضغوط السياسية والأمنية على القضاء والمحاكم و المؤسسات الرسمية. وألقى أحد قادة (حماس) كلمة رفض فيها قرارات المحاكم الجائرة استجابة للضغط السياسي والأمني وشدد على رفض (حماس) لإعادة الانتخابات لأنها فازت فيها و انتهت الانتخابات. ورفض التحريض على (حماس) و قادتها الذين قدموا أبناءهم وأهلهم في سبيل الله والوطن. وفي مدينة غزة انطلقت التظاهرات العارمة من مساجد غزة ترفع الرايات الإسلامية ولافتات تطالب بالالتزام بنتائج الانتخابات ورفض التدخل في نتائجها وردد المتظاهرون هتافات مؤيدة للدكتور محمود الزهار. والتقت مسيرة غزة و جباليا في شارع الجلاء حيث ألقى د. أحمد بحر أحد قادة (حماس) كلمة شدد فيها على ان الجماهير ترفض قرارات المحكمة في المناطق التي فازت فيها (حماس) دون منازع. وشدد على ان (حماس) لن تسمح لأحد بسرقة فوزها الذي شهد له الجميع حتى لو كانت محاكم باملاءات فوقية وقرارات سياسية يريدون تزييف إرادة الشعب الفلسطيني والانتخابات. ودعا حركة (فتح) وجميع الفصائل الى الحوار البناء لمصلحة الشعب الفلسطيني وبناء الوطن على قاعدة برنامج سياسي لحماية الشعب الفلسطيني والمصلحة الوطنية العليا. من جهته، أكد عضو قيادة التعبئة والتنظيم لحركة (فتح) أحمد حلس أن حركته لن تنجر إلى أي عمل أو قول أو سلوك يدفع باتجاه توتير الساحة الفلسطينية وستحافظ على صورة شعبنا الحضارية والديمقراطية، مشددا على أن حركة (فتح) مازالت مؤمنة بأن الحوار هو الوسيلة الوحيدة التي ستعتمدها لحل الإشكاليات ولن تلجأ لأي أسلوب يشوه صورة الشعب الفلسطيني ونضاله ويبعث الخوف والقلق في نفوس المواطن. وشدد حلس في تصريحات له على أن الفرصة مازالت مواتية للعودة إلى الصواب والمصلحة الوطنية والتأكيد أن القضاء وحده هو الذي يبت في الخلافات يبن الفصائل الفلسطينية في موضوع الانتخابات، مؤكداً أن العملية الديمقراطية هي خيار ارتضته «فتح» والفلسطينيون بوعي كامل ولن تنحرف عن هذا الخيار ولن تتراجع أو تتردد وأنها ستمضي بالعملية الانتخابية حتى نهايتها سواء كان ذلك تشريعياً أو في انتخابات البلديات والنقابات وفي كل مجال يمكن أن تمارس فيها الديمقراطية. وأكد حلس على أن الحركة ستضرب مثلاً رائعاً يفخر به شعبنا على انها قادرة على تقبل الهزيمة، مثلما تعمل من أجل النجاح، مشدداً على رفض فساد العملية الديمقراطية وتزوير إرادة شعبنا، وقال: إن «فتح» تقبل بقرار شعبنا في كل مستويات العملية الديمقراطية. وقال حلس: «نحن بحاجة لأن يكون موقف حركة (فتح) واضحا أمام شعبنا، وأضاف أن علاقاتنا الوطنية من اليوم الأول للانتفاضة تم ضبط إيقاعها من خلال تشكيل لجنة المتابعة العليا للقوى الوطنية والإسلامية والتي هي امتداد للجنة سبقتها باسم لجنة التنسيق العليا للقوى الوطنية والإسلامية».