عقب فوز الرئيس الامريكي السابق جورج بوش الابن بفترة رئاسية ثانية خرجت الديلي ميرور البريطانية بغلاف لافت حمل صورة لبوش وعليها عبارة "كيف يمكن ان يكون 59 مليون شخص اغبياء للغاية؟". كان الرقم يشير إلى عدد الأمريكيين الذين صوتوا لبوش الابن رغم اتضاح كارثية المأزق إلى جر الولاياتالمتحدة اليه. تذكرت ذلك الغلاف الشهير عندما قرأت ما كشفته صحيفة يدعوت احرنوت الإسرائيلية عن خطة اعدها وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان للرد على قرار الحكومة التركية بتخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية وطرد دبلوماسيين إسرائيليين وتجميد الاتفاقيات العسكرية وتعليق التعاون في المجالات الدفاعية والعسكرية. رد المسؤول الأول عن الدبلوماسية الإسرائيلية كان اشبه ما يكون برد زعيم عصابة لا وزير خارجية دولة تزعم بأنها ديموقراطية. إذ عوضا عن معالجة سبب غضب الحليف التركي بتقديم الاعتذار المطلوب عن البلطجية الإسرائيلية ضد اسطول الحرية تفتق ذهن ليبرمان عن وسيلة لمعاقبة تركيا وافهامها بان إسرائيل تستطيع ان تزعجها بالتعاون مع اعدائها. خطة ليبرمان للرد على الاجراءات التركية، وفقا للصحيفة الإسرائيلية، تشمل التعاون مع المتمردين الاكراد في تركيا وتزويدهم بالسلاح، تقديم المساعدة للارمن، التنسيق مع زعماء اللوبي الارمني في الولاياتالمتحدة ضد الاتراك في الكونغرس، تقديم الدعم لقضايا يتم رفعها في المحاكم الدولية ضد تركيا تتعلق بانتهاكات لحقوق الإنسان والاقليات. لا يمكن لي ولا لغيري ان يلوم ليبرمان على خطته الهزيلة التي ترقى في حال تطبيقها إلى اعلان الحرب على تركيا، فأجندته معروفة وحزبه اليميني" إسرائيل بيتنا" متطرف حتى بالمقاييس الاسرائيلية لدرجة ان وزير الدفاع السابق وعضو الكنيست الحالي عمير بيريتس طالب بفصله لتسببه في تدهور العلاقات مع دولتين حليفتين هما تركيا ومصر. غير أن اللوم ينصب على مَنْ يتيحون لمثل هذا المتطرف ان يتولى ادارة السياسة الخارجية الإسرائيلية التي منيت بالفشل الذريع على كل الجبهات منذ توليه منصبه. علاقة الحكومة الإسرائيلية بالادارة الأمريكية ليست في احسن احوالها، وعلاقتها بالاتحاد الاوروبي متوترة في ظل عدم رغبة الاوربيين في اتخاذ موقف جماعي واضح من سعي الفلسطينين للحصول على اعتراف دولي بدولتهم. فضلا عن ذلك تواجه إسرائيل عزلة تتزايد باستمرار في جميع انحاء العالم اضافة إلى اخفاقها في تهدئة الاجواء مع حلفائها الاقليمين. خروج ليبرمان من الحكومة الاسرائيلية لن يكفي لانتشال إسرائيل من عزلتها. العالم تغير وهي تخسر باستمرار لانها تعتقد بأن الوضع الشاذ الذي تمتعت به لعقود طويلة والذي اتاح لها الامعان في غطرستها سيستمر إلى الابد.