أثار حادث دبلوماسي أمس أزمة بين تركيا وإسرائيل مع اقتراب زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي أيهود باراك الأحد إلى أنقرة. فقد تسببت الطريقة التي أقل ما يقال عنها إنها غير لائقة التي عامل بها نائب وزير الخارجية داني أيالون السفير التركي احتجاجا على مسلسل تركي اعتبرته إسرائيل معاديا لإسرائيل وللسامية في زيادة توتر العلاقات المضطربة أصلا بين البلدين. وفي أنقرة طالبت وزارة الخارجية التركية في بيان باعتذار عن الطريقة التي عومل بها السفير التركي اوغوز جيليكول والتي لا تتفق مع التقاليد والأعراف الدبلوماسية. وأضافت الوزارة أن تركيا تنتظر إجراءات ترضية عن الأسلوب الذي تم فيه التعامل مع السفير. كما رفضت بشدة اتهامها بمعاداة السامية مذكرة بأن اليهود السفرديم الذين فروا من محاكم التفتيش الأسبانية في القرن الخامس عشر لجأوا إلى الإمبراطورية العثمانية. كما أعلن وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو مساء الثلاثاء أن الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة قبل عام هي سبب تدهور العلاقات بين بلاده والدولة العبرية. وفي تصريحات أدلى بها في لندن عقب محادثات مع نظيره البريطاني ديفيد ميليباند، قال داود أوغلو إن الفتور في العلاقات مع إسرائيل: «ليس بالتأكيد مؤشرا على سياسة تركيا الخارجية». وأضاف «لقد عملنا بكل جدية مع الحكومة الإسرائيلية لتحقيق السلام بين سوريا وإسرائيل وعندما اقتربنا جدا من السلام، وقبل ذلك بيوم واحد، هاجموا غزة». وتابع «وبعد ذلك كانت نقطة التحول في علاقاتنا». وقد اعتبرت تركيا، الدولة المسلمة، على وفاق مع إسرائيل بعدما وقع البلدان اتفاق تعاون عسكري العام 1996، غير أن العلاقات بينهما تدهورت الشتاء الماضي إثر الهجوم العسكري الذي شنته إسرائيل على قطاع غزة. وانتقد اردوغان مجددا إسرائيل الإثنين، فاتهمها بتجاهل قرارات الأممالمتحدة وبامتلاك واستخدام قدرات عسكرية غير متكافئة. وعلى الأثر نددت وزارة الخارجية الإسرائيلية بما اعتبرته هجوما منفلتا يضر بالعلاقات الثنائية. وعمد مساعد وزير الخارجية الإسرائيلي داني أيالون عقب ذلك إلى استدعاء السفير التركي في تل أبيب أوغوز جليكول للاحتجاج على بث المسلسل التلفزيوني التركي. وحرص أيالون على وضع ترتيبات الاستدعاء بحيث تقلل من شأن السفير، وتحدثت وسائل الإعلام الإسرائيلية أمس عن تأنيب مذل للدبلوماسي التركي، ناشرة صورا يظهر فيها جالسا على كرسي منخفض في مواجهة أيالون الذي ظهر واقفا ومحاطا بثلاثة موظفين إسرائيليين تبدو عليهم الصرامة. ورفض أيالون مصافحة السفير وارغمه على الانتظار طويلا في رواق قبل استقباله. كما تعمد عدم وضع أي علم تركي على الطاولة خلال اللقاء مكتفيا بالعلم الإسرائيلي. وأعطى تعليمات بعدم تقديم أي شراب للسفير وطلب من الصحافيين أن يذكروا أن السفير كان جالسا بمستوى أدنى من المسؤولين الإسرائيليين. وعلق أيالون في ما بعد: «هذا هو الحد الأدنى في الإجراءات الدبلوماسية المتوافرة»، موضحا أنه يعتزم الرد على بث المسلسل التلفزيوني المعادي لإسرائيل والمعادي للسامية. بدورها، استدعت تركيا سفير إسرائيل في أنقرة غابي ليفي للاحتجاج على سلوك أيالون. وفي إسرائيل نفسها، انتقدت وسائل الإعلام ووزير التجارة والصناعة بنيامين بن اليعازر النائب عن حزب العمل الذي يتزعمه باراك، بشدة سلوك أيالون. وقال بن إليعازر في تصريح للإذاعة العامة إن تصرفه بلا معنى وخطير ومهين، مبديا خشيته من أن يسيء إلى العلاقات الحساسة بين البلدين. ورأى مسؤول في وزارة الخارجية طلب عدم كشف اسمه أن هدف الوزير افيغدور ليبرمان الذي يدعو إلى دبلوماسية شديدة اللهجة كان زيادة الضغط قبل زيارة باراك لأنقرة من أجل نسفها. وعارض ليبرمان زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» القومي المتطرف وأيالون أحد نوابه في الكنيست. ومن المقرر أن يلتقي باراك خلال زيارته التي تستمر يوما واحدا الأحد القادة الأتراك الكبار وفي طليعتهم نظيره وجدي غونول والرئيس عبدالله غول ووزير الخارجية أحمد داود أوغلو ورئيس هيئة الإركاب وعدد من ضباط الجيش الكبار. وكان بن إليعازر زار تركيا في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بهدف إعادة أجواء من الثقة بين البلدين.