تتجه الرياضة الحديثة في الوقت الراهن إلى الاهتمام بالجوانب النفسية إلى درجة تكاد توازي النواحي الفنية والبدنية، ولم يعد مستغرباً ان تجد اخصائياً نفسياً ضمن طاقم الاعداد لأي فريق أو منتخب سواء أكان عالمياً أو غير ذلك. ٭٭ وعلى الرغم من أن الاستفادة من الجوانب النفسية في منظومة العمل الرياضي في محيطنا العربي والخليجي على وجه التحديد بدأت متأخراً إلا أن ذلك لم يمنع بعض المنتخبات من الاستفادة من هذا الجانب من باب أن تصل متأخراً خير من ألا تصل، حيث لفت انتباهنا استعانة المنتخب العماني بأخصائية نفسية في دورة الخليج الأخيرة، وكذلك استعانة المنتخب البحريني بأخصائي نفسي في مشاركته الحالية في تصفيات كأس العالم. ٭٭ والأخصائي النفسي للمنتخب البحريني هو الرياضي القدير والمدرب المعروف نبيل طه والذي يملك تأهيلاً متقدماً في علم النفس الرياضي، والبحريني طه تربطني به علاقة قديمة من خلال عمله كمدرب مع فريق الخليج ومنتخبنا الوطني لكرة اليد، وأعلم - تماماً - حجم العمل النفسي الذي يؤديه مع أي فريق يعمل معه، وليس سراً حينما أقول ان طه ساهم قبل عامين وبشكل مباشر في صعود فريق القدم بنادي الخليج للممتاز من خلال محاضرات نفسية قدمها للاعبين في المراحل الأخيرة من منافسات دوري الأولى وذلك بإيعاز من المدرب الوطني خالد المرزوق الذي يعد من المدربين الوطنيين القلائل الذي يدرك قيمة التأهيل النفسي على اللاعب والفريق. ٭٭ وقبل أيام حضرت تدريباً للمنتخب البحريني في مدينة الرفاع وشاهدت حجم العمل الذي يقوم به طه ومدى تفاعل اللاعبين معه، ومن يعرف الحالة النفسية التي يكون عليها اللاعب البحريني في المباريات الحساسة والتي شاهدنا في كثير منها انفلاتا لاعصابهم إلى حد يصل إلى خروجهم عن النص مما يؤدي إلى خسارتهم للمباريات يدرك مدى التغيير الذي يعيشه اللاعب البحريني في الآونة الأخيرة والذي انعكس على نجاحاته مع منتخب بلاده وفي تجاربه الاحترافية حيث بات مطلوباً في كثير من الدول الخليجية. ٭٭ واستحضاري لأهمية الجوانب النفسية في حياة اللاعب يعود الى حوار قرأته مؤخراً مع النجم المصري هاني رمزي وهو الذي قدم واحدة من انجح التجارب الاحترافية للاعب العربي في اوروبا من خلال تألقه في الدوري الألماني مع ناديه كايزر سلاوتون حيث يؤكد رمزي أن تأهيله نفسياً من قبل مسؤولي النادي الألماني كان العامل الأول في نجاحاته مشيراً إلى أنه يقضي يومياً ما يقرب من ثماني ساعات داخل النادي لا تخلو - عادة - من محاضرة نفسية حيث تهتم الأندية الألمانية بالنواحي النفسية للاعبيها اهتمامها بهم في النواحي البدنية والفنية!! ٭٭ وحينما نسقط مثل هذه التجارب على محيطنا الرياضي المحلي نجد ان ثمة قطيعة واضحة بين رياضتنا والاهتمام بالنواحب النفسية في اعداد الفرق أو اللاعبين سواء على مستوى الأندية والمنتخبات إلى حد يخال لنا فيه ان ثمة خطوطا حمراء تمنع الاستفادة من علم النفس في الرياضة على الرغم من ان لدينا اساتذة جامعات متخصصين في علم النفس والاجتماع الرياضيين، في حين ان الحقيقة هي ان كثيرا من العاملين في منظومة العمل الرياضي لدينا لا يدركون اهمية هذا الجانب، والا لما تجرأ «مدير منتخب» قبل سنوات حينما سئل عن مدى حاجة منتخبنا لأخصائي نفسي أن يقول بأن منتخبنا لا حاجة له في هذا الأخصائي لأن لاعبينا ليسوا مجانين!! ٭٭ لكن هذه القطيعة يبدو لي أنها في الطريق للزوال، ولكن شريطة ان يبادر احد ما في أخذ قصب السبق، وحبذا لو كان منتخبنا الوطني هو البوابة التي تنطلق منها التجربة التي من المؤكد انها ستنعكس بجلاء على فرقنا ولاعبينا لاسيما في ظل ازدياد الضغوطات النفسية على حياة الانسان بشكل عام وليس اللاعب وحده مما ولد أمراضاً نفسية قد لا يدرك كنهها الا من خبر هذا المجال، والتي لا اشك للحظة اننا خسرنا بسببها نجوما متألقين، وقد نخسر آخرين منهم مالم نسارع للحاق بالركب. [email protected]