تعتبر الخدمات الصحية المقدمة لمواطني أي بلد في العالم هي من أهم متطلبات العيش الكريم، ودليلاً على تقدم البلد، فليس هناك ما هو أهم من صحة الإنسان والحفاظ عليها. إن الخدمات الصحية المتقدمة والمتطورة والمصحوبة بإنجازات طبية دائماً ما تفاخر بها الدول وتبرزها بشكل كبير، وهذا يدل على إرتفاع قيمة المواطن الإنسان لدى هذه البلدان. ولكن هل تأملنا يوماً الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين في بلدنا الغالي؟ هل اختفت عبارة عذراً لا يوجد سرير!! هل انتهت مشكلة المواعيد التي تمتد إلى أشهر وتصل إلى سنة او اكثر؟؟ لا زالت للأسف خدماتنا الصحية مكانك سر، والمواعيد كما هي وما كنا نسمعه قبل عشرين عاماً يتردد على مسامعنا حالياً دون تغير. مشاكل لم ولن تنتهي واعذار ومبررات مستمرة، مع ضخ هائل في ميزانية وزارة الصحة في كل عام بل انها تحظى بنصيب الأسد في موازنة الدولة، والنتيجة متواضعة والخدمات ضعيفة!!. في ظل هذا التردي الحاصل في الخدمات الصحية اتجه المواطنون للمستشفيات والعيادات الخاصة والتي انتشرت بشكل كبير، وما كان لها أن تنتشر بهذا الشكل لولا أنها وجدت مناخاً مناسباً واجواء مساعدة من عدم التنافسية وتأخر في المواعيد وضعف الخدمات في المستشفيات العامة. وقد إستغلت المستشفيات والمراكز الخاصة حاجة المواطن المسكين الذي يأتيها محتاجاً للبحث عن الإستشفاء وعدم وجود البديل الحكومي المنافس، فأصبح ينفق مدخراته وامواله بحثاً عن أسباب العافية. فمواطن راتبه لايتجاوز بضعة الآف يسكن في بيت بالإيجار لديه عدد من الابناء كيف سيتصرف؟ وماذا سيفعل لو احتاج لزيارة طبيب في حالة طارئة؟!! فهو حتماً يعلم أنه سينفق مبلغاً كان يحاول إدخاره، وأن القضية لن تنتهي عند هذا الحد بل سيلحقها مراجعات ومتابعات ومواعيد تستنزف مدخراته وراتبه، وهو مغلوبٌ على أمره لا يجد بديلاً. أين يذهب المواطن الذي ليس له ملف في المسشفيات الجامعية أوالعسكرية ؟ وليس لديه واسطة ، ولا يملك تأميناً طبياً يستطيع من خلاله خفض فاتورة المراكز اوالمستشفيات الأهلية؟ ولم يجد مراكز متخصصة ومرخصة "بالطب البديل" يمكن الاستعانة بها، وتكون تكلفتها معقولة له. أين التأمين الطبي لموظفي الدولة؟ لماذا كل هذا التأجيل والتسويف؟ لقد أصبح ضرورةً ملحة، فلا ينقضي يوم إلا وتطالعنا صحفنا المحلية بحالات ستجداء واستعطاف لفاعلي الخير ليقوموا بعلاج طفل او امرأة او شيخ مسن لا يستطعون الصرف على انفسهم وعلاج حالاتهم المرضية، ولم يجدوا واسطه تساعدهم للدخول إلى أحد المستشفيات الحكومية. أتساءل اليس من حقي كمواطن أن احظى بفرصة العلاج في وطني؟ اليس من واجبات الدولة ممثلة بوزارة الصحة أن تقدم لي خدمة صحية مناسبة ؟ قيادتنا لم تقصر ابداً ولكن ما زال المسؤولون يسوفون ويأجلون الحلول، ولاندري لماذا؟ كيف سيعيش المواطن مرتاح البال وهو يعلم أن حرارة طفله لو ارتفعت فهو سيدفع مبلغاً وقدره كان يدخره للمستقبل وسترتفع مع هذه الحرارة وتيرة الصرف والإنفاق. التأمين الطبي هو الحل المناسب او أن تمنح الفرصة للجميع بدون واسطات وشفاعات واستجداء للحصول على موعد او فتح ملف او سرير، فهذا اقل مقومات العيش الكريم لأي مواطن في وطنه.