من يشاهد ما يجري بسوريا وأهل سوريا الصامدين من إخواننا المغلوبين على أمرهم يجد أن الوضع الذي يعيشونه مأساوياً، فلا يقلون شأنا عما جرى في ليبيا من تقتيل وتعذيب وتشريد، ووصلوا إلى حد طفح معه الكيل، وذلك مما نراه بصفة يومية من أبناء شعب أحكم الطغيان عليه قبضته، وصار يعيثو فسداً في الأرض ليمشي على جثث وأشلاء أبناء شعبه الأعزل، فالوفيات من جراء القتل والتعذيب بصفة يومية تفوق ما تفرزه الحروب في أشهر!! بل وما خفي أعظم!! كل ذلك يحصل والشعب يقف صامداً أعزل من السلاح، في مظاهرات سلمية، يريد الاصلاح في البداية وكان سقف مطالبه منخفضاً!! والآن وفي النهاية حينما رأى أن الحكومة ظالمة واستبدادية، ولا تأبه بشعب يرزح تحت مظلة الظلم والطغيان غيّر من سقف مطالبه ورفع منها وذلك بالمطالبة بتغيير الرئيس والحكومة!! فهم بحق لا يمكن أن يؤتمنون على شعب خانوه وقتلوه وجعلوه في الحضيض، بل وباعوه في سبيل أن يتربعوا على عرش الرئاسة بالقوة الجبرية!! ولكن الغريب وقوف الدول العربية، والدول الغربية صامتة لا تحرك ساكناً، وكأنها راضية بالوضع، و خائفة من أن تقول الحق، عدا الدول التي أفصحت عن مواقفها المشرفة، وذلك من منطلق الإفصاح عن ضميرها الحي، وقول كلمة الحق كالمملكة العربية السعودية ممثلة في قائد مسيرتها خادم الحرمين الشريفين - سلمه الله - في كلمة بليغة وضعت النقاط على الحروف، وقد كتبت مقالاً في حينه تحت عنوان: (قراءة في خطاب الملك عبدالله). حتى الأممالمتحدة باعتراف فرنسا تقول إن الأممالمتحدة قد فشلت في اتخاذ قرار بشأن سوريا!! فقد تتخذ الأممالمتحدة قراراً ينعكس ذلك على الكيان الإسرائيلي!! إن وضعاً كهذا لهو مخجل للغاية، حينما نرى حمامات الدماء الطاهرة الزكية تراق على قارعة الطريق في المحافظات السورية، ويؤخذ الرجال من الميادين والبيوت فيصلبون، وتصادر حرياتهم!! ناهيك عن المناظر المؤسفة التي ترتكبها الجيش السوري باسم القمع والتهديد بالأسلحة والدبابات تارة، وتارة باسم حفظ الأمن، وتارة أخرى باسم الخيانة. ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل انتهجت الاستخبارات السورية طرقاً مبتدعة في تعذيب أبناء الشعب السوري ممن انشقوا عن هذا النظام الإجرامي الغاشم الذي عاش علي تعذيب الأبرياء، فكانت لهم أساليب معينة في تعذيب الضباط وتشويه أجسادهم، وشق حناجرهم والتمثيل بهم، لأنهم لم يقدموا على قتل الأبرياء، وحاولوا أن يجنبوا أبناء الشعب السوري مآسي القتل وشبح التعذيب، فكان جزاؤهم ما نشاهده كل يوم من المناظر البشعة لهؤلاء الأبرياء الذين حاولوا أن يعبروا عن شجاعتهم بالامتناع عن ضرب إخوانهم الأبرياء من أبناء الشعب. إن الشعب السوري المسكين يعيش في هذه الأيام ظروفاً عصيبة قاسية لا يعلمها إلا الله، ولكن الأيام حبلى بإذن الله بالمستقبل الجميل لهذا الشعب الأبي، لهذا الشعب الصامد، لهذا الشعب الصابر. ويبقى الوضع دون جدوى فنجد بأن الحكومة السورية في هذه الأيام تتخبط في عمل إصلاحات، وتحاول أن تستجيب لجامعة الدول العربية بعدما كانت رافضة لذلك في وقت سابق!! محاولة إجراء بعض الإصلاحات الجذرية، ولكن بعد ماذا؟ بعدما وقع الفأس في الرأس!! وهل يصلح العطار ما أفسده الدهر؟