نشر الأستاذ سعيد إسماعيل في مقاله الأسبوعي، وليس اليومي، في الصفحة الأخيرة من جريدة الأخبار القاهرية عدد يوم أمس الثلاثاء معلومات بالغة الأهمية؛ وهي ليست بالجديدة عند أصحاب المتابعة، ولكنها متجددة المضمون وضرورية المتابعة، وهو ما جعل نشرها بتوثيقات بارزة مهمة وطنية يجب أن يطّلع عليها كل عربي سني وكل عربي شيعي، خصوصاً إذا كانت بعض الشعوب تتعلق بمفاهيم أوروبية وهي لا تملك قدرات تنفيذها لتأكيد ضرورة وجود الديموقراطية، فإنها إذا كانت هذه الديموقراطية تتيح فضيلة أن يتعايش ديني منفتح مع ليبرالي حديث المفاهيم، وأن تفرض أهمية المواطنة على رجل الأعمال الغني أن يكون زميلاً منصفاً في المواطنة مع موظف متواضع المحصول، وأن يتعاون مسيحي مع مسلم فيما يمثّل مصلحة وطنية عامة فلماذا - لو كان هناك وعي اجتماعي عام - لا تحقق هذه الديموقراطية تآخياً وتعاوناً بين شيعي وسني؟.. ولعله من المألوف أن كنا نردد هذا المفهوم عبر أعوام قديمة لكن ظروف الواقع الراهن تحتّم، بل تفرض، أن يكون التقارب السني الشيعي ضرورة وطنية في مواجهة تعدّد أسباب الانقسامات في كثير من المجتمعات العربية.. أعود إلى المقال.. أشار الأستاذ سعيد إسماعيل إلى ما نشرته مواقع نشر عديدة مختلفة الاتجاهات ومن بينها مجلة البيان عدد مارس 1998، التي ذكرت أن المجلس الثقافي الأعلى لشورى الثورة الإيرانية وجّه رسالة سرية إلى جميع المحافظين ورجال الدين في مختلف الولاياتالإيرانية تتضمن تفاصيل خطة يتم تنفيذها خلال خمسين عاماً قادمة، والغايات منها تخفيف وجود الصدام الشيعي السني بابتكار صدامات سنية دينية واجتماعية الأسباب، وقد وضعت لذلك خطط عمل تُبرز الحضور الشيعي في مواجهة الأزمات السنية على أنه حضور إسلامي يعمل على تهدئة الخلافات وإقرار السلام، طبعاً عبر احتواء أي عدد من الطرف الآخر لتحقيق هدفين: الأول، وهو المهم، إدخال المجتمعات السنية في دولها بصراعات محلية تجعل استقرارها أمراً في منتهى الاستحالة.. وأيضاً يتوفر تناسب مذهبي في عدد الشيعة بالنسبة للأكثرية السنية.. هذا المنطق المنسوب إلى إيران قبل زمن ليس بالقليل ربما يكون بعضه من استراتيجيات طهران.. وهذا المفهوم على صعوبته لا يبدو غريباً في منطق رئيس دولة يقول أثناء مؤتمر دولي بأن الإمام المهدي قريب الظهور وأنه أشعره بذلك.. الحقيقة تطلب حماية السني والشيعي من أن يكونا هدف رماة غير إنسانيين، خصوصاً وأنه قد حددت سبع دول سوف تمتد إلى أكثر.. إننا نتألم الآن لقسوة الخلافات القائمة وعدم موضوعية بل عدم إنسانية جهات الحكم في دول الصراعات.. فهل من المعقول أن تُترك مفاهيم الوعي الوطني مُهملة في خمودها ليتواصل تراجع العالم العربي من السيئ إلى الأسوأ مثلما حدث خلال الستين عاماً الماضية؟.. وإن كنت لا أتصور أن يحقق الحلم الإيراني شيئاً من أهدافه لعدم موضوعية الأساليب وتخلفها، لكن ما ورد من معلومات يفترض الاطلاع عليه كمؤشر عدوان استراتيجي لا موضوعية ولا مبرر له.