تشهد مؤسسات التعليم العالي في المملكة نقلة نوعية وإقبالا متزايدا من الطلاب وأصبح تطوير العملية التعليمية مطلبا ملحا في ظل التطورات الحديثة في تكنولوجيا الاتصالات، وبات الطالب الجامعي اليوم أكثر انفتاحاً على ثورة التقنية ومصادر المعلومات الأمر الذي يحتم التحول من النمط التقليدي في التعليم إلى التوجه لتفعيل نمط تعليمي يتسم بالمرونة والكفاءة والفاعلية من خلال تحول الجامعات من النمط التقليدي إلى نمط التعليم الالكتروني والذي يواجه في بناء منظومته العديد من الصعوبات من أهمها الإرث المتراكم لأساليب التعليم التقليدي التي قد لا تتناسب مع الأساليب الجديدة. ولعل أنظمة التعليم الالكتروني التي تعتمد على بوابات الكترونية ذات خدمات متعددة هي من أحدث التقنيات والوسائل التعليمية لإدارة العملية التعليمية وهذا ما بدأت الجامعات في انتهاجه وتطبيقه في سياسة متوازنة اعتمدت على تحليل ودراسة البيئة الحالية للجامعات واحتياجاتها ووضع الخطط الممنهجة للانتقال إلى بيئة تتواكب مع المستقبل واعتمدت في ذلك على الاستفادة من آراء أعضاء هيئة التدريس وممارساتهم الميدانية. نسبة مستخدمين متزايدة بداية يعرف الدكتور سامي بن محمد الحمود عميد التعليم الالكتروني والتعلم عن بعد بجامعة الملك سعود نظام التعليم الالكتروني بأنه نظام متكامل لإدارة العملية التعليمية وهو حلقة في سلسلة متكاملة لتطوير بيئة التعليم الجامعي بحيث يتوفر لعضو هيئة التدريس العناصر والأدوات التي تسهل عليه عملية التعليم وتحسن في الوقت نفسه من المردود العلمي والتحصيلي للطلاب، كما أنها تعمل على توفير الوقت والجهد. ويعلل الحمود نتائج آخر إحصائيات نشرتها الجامعة والتي أشارت إلى زيادة نسبة المستخدمين النشطين لنظام إدارة التعليم الالكتروني بجامعة الملك سعود في الفصل الدراسي الثاني من العام الجامعي 1432ه، حيث بلغ مقدار هذه الزيادة 326.2% مقارنة بعدد المستخدمين من نفس الفئة في الفصل الدراسي الأول، بأنها تترجم واقعا جديداً تشهده بيئة التعليم الأكاديمي بجامعة الملك سعود، وتؤكد مدى الإدراك والتفاعل الايجابي من قبل عضو هيئة التدريس في الجامعة الذي بات يولي أهمية واضحة لاستخدام هذه الوسائل التقنية الحديثة التي وضعتها الجامعة تسهيلا وتطويرا للعملية التعليمية، كما يؤكد الحمود أن نظام إدارة التعليم الالكتروني بجامعة الملك سعود تم اختياره بناء على معايير علمية محددة ترتكز على تميزه وقدرته على الإيفاء بمتطلبات العملية التعليمية لمجتمع أكاديمي كبير يحوي آلاف أعضاء هيئة التدريس وعشرات الآلاف من الطلاب. كما أن التطوير والتحسين في أداء النظام يتم بشكل مستمر حتى تتم الاستفادة من جميع خصائصه وكي يتأكد عضو هيئة التدريس في الجامعة على انه يستخدم نظاما موثوقا يستطيع من خلاله الاستغناء بشكل كامل عن الأساليب التقليدية القديمة. بناء محتوى رقمي وحول التكامل في بناء منظومة التعليم الالكتروني لمثل هذه المشاريع يرى الدكتور عثمان بن إبراهيم السلوم وكيل عمادة التعليم الالكتروني ومدير نظام إدارة التعلم بجامعة الملك سعود أن الجزء الأهم في هذه الجزئية هو بناء المحتوى الرقمي, ونظراً لضخامة الجامعة وكثرة عدد المقررات التي تطرحها في كل فصل دراسي التي يقارب 6000 مقرر موزعة على ما يناهز 25000 شعبة فقد انتهجت العمادة إستراتيجية التطوير الذاتي للمقررات من خلال طرحها لمشروع أدوات تطوير المحتوى الرقمي للمقررات حيث توفر العمادة من خلال هذا المشروع لأعضاء هيئة التدريس كافة الأدوات الضرورية لتصميم وإنتاج العناصر التعليمية الأساسية كما توفر لهم دورات مكثفة على استخدام هذه الأدوات وعلى أساسيات التصميم التعليمي، إضافة إلى توفير طاقم فني موزع على الكليات يساند أعضاء هيئة التدريس في كافة مراحل بناء العناصر التعليمية وبمشيئة الله سيتم البدء بالعمل في هذا المشروع مع بداية الفصل الدراسي الأول للعام 1432-1433ه. وكمرحلة ثانية ومهمة في بناء كنز الجامعة الرقمي وبشكل متوازٍ مع مشروع أدوات تطوير المحتوى الرقمي الذي يستهدف كل مقررات الجامعة لتحويلها إلى صيغة رقمية سيتم إنشاء خطوط متكاملة لإنتاج المقررات الرقمية بحيث يتم انتقاء مجموعة من المقررات الجامعية التي تخدم عدداً كبيراً من الشعب ويتم العمل على تطويرها بشكل احترافي لتكون نموذجاً للمقرر الرقمي المتكامل وسيكون أعضاء هيئة التدريس في الجامعة هم خبراء المحتوى لبناء هذه المقررات. وبهذين المشروعين سيكون للجامعة مستودع رقمي غني بالعناصر التعليمية يمكن أن يشكل رافداً قوياً للمكنز الرقمي الذي يعمل على تطويره بالتعاون مع كل الجامعات السعودية المركز الوطني للتعلم الالكتروني والتعليم عن بعد. د. الحمود: التعليم الإلكتروني حلقة في سلسلة متكاملة لتطوير بيئة التعليم الجامعي تكامل الأنظمة.. السنة التحضيرية أنموذجاً ولعل العامل الرئيس الذي يغيب عن منظومات التعليم الالكتروني الناجحة هو تكامل أنظمة التعليم الالكتروني مع بعضها أولاً ومع أنظمة الجامعة الأخرى ثانياً, والتركيز على تلبية الاحتياجات الخاصة لبعض كليات الجامعة لكونها تنتهج نظاماً مختلفاً لإتاحة وإدارة المقررات وما ترتب عن ذلك من إعادة تهيئة لهذه الأنظمة لتلبية تلك الاحتياجات، كل هذا كانت تحرص العمادة على توفيره بكفاءة عالية لتحقيق منظومة تعليم الكتروني كاملة الخدمات ومتكاملة الأنظمة. ولعل المثال الأبرز في ذلك ما يصفه الدكتور عبدالعزيز العثمان عميد السنة التحضيرية بالتجربة المميزة مع "عمادة التعليم الإلكتروني والتعلم عن بعد" مع خلال تجهيز مبنى السنة التحضيرية (مبنى المعرفة) وكافة المباني التابعة لها بكافة التقنيات التعليمية الحديثة ابتداء بالفصول الذكية إلى نظام الإعلانات الالكتروني والأكشاك الإلكترونية، بالإضافة إلى نظام إدارة التعلم، حيث درست السنة التحضيرية منذ بدايتها أفضل السبل التعليمية والتربوية فكان من ضمن الأسس لتطوير النواحي المهارية والتعليمية تهيئة البيئة المعرفية للطلاب لمساعدتهم للانتقال من التعليم للتعلم، وتواصلت حينها مع عمادة التعليم الالكتروني والتعلم عن بعد لتهيئة هذه البيئة المحفزة للتعلم، فكانت التعاون مثمراً ومميزاً لصناعة منظومة الكترونية متكاملة مع المنهج التعليمي لتحقيق أهداف السنة التحضيرية ومن أهمها تحفيز الطلاب على التحصيل العلمي والمهاري من خلال التعلم الذاتي، بالإضافة إلى الخدمات التعليمية والترفيهية، مع التركيز على أن يتولى الطالب بنفسه استخدام تلك التقنيات بشكل أمثل. ويضيف العثمان أن السنة التحضيرية تسعى من خلال تلك البيئة إلى تحقيق أحد أهم الأهداف الإستراتيجية للجامعة ألا وهي"البيئة التعليمية الداعمة" وذلك بتوفير البيئة المحفزة لأعضاء هيئة التدريس والطلبة والموظفين، وهذا بالطبع بدعم مختلف القطاعات والعمادات المساندة بالجامعة والتي من أهمها عمادة التعليم الإلكتروني والتعلم عن بعد. تأهيل العامل البشري ومزيد من الأبحاث ولا يأتي التحدي في نجاح منظومات التعليم الالكتروني في صعوبة وضع وتنفيذ الاستراتيجيات اللازمة في الزمن المناسب فحسب ولكن يتعدى ذلك إلى ضرورة التعامل مع العامل البشري وهو العامل الأكثر أهمية في إنجاح هذه المنظومات فكما نجد المتحمسين من أعضاء هيئة التدريس لاستخدام التقنيات الحديثة وتوظيفها في بيئة التعليم الجامعي نجد أيضاً التقليديين الذين يرون هذا النمط من التعليم عبئاً زائداً عليهم, ولهذا تقوم جامعة الملك سعود في نشر ثقافة التعليم الالكتروني كونه تعليم المستقبل من خلال ما قدمته من دورات تأهيلية على مدار الأعوام الدراسية السابقة لتعريف وتحفيز أعضاء هيئة التدريس على استخدام الأنظمة والتقنيات التي تم تصميمها أصلاً بهدف تخفيف العبء عنهم والاستثمار الأمثل لوقتهم ومساعدتهم للتفرغ في قضايا البحث العلمي. وهو ما يؤكده الدكتور وحيد بن احمد الهندي عميد البحث العلمي بقوله إن عضو هيئة التدريس أصبح ينتقل من الطريقة التقليدية في تحضير المواد وإعداد الامتحانات والتصحيح ورصد الدرجات إلى الطريقة الالكترونية في تعاملاته حتى أصبح هناك توظيف للتقنية خلال العملية التعليمية كإدراج مواد مرئية وعرض للمقرر عبر نظام إدارة التعلم الالكتروني لتسهل للطالب الجامعي الرجوع إليها والاستفادة منها، مبيناً أن نظام الفصول الافتراضية قد ساهم في التواصل بين الأستاذ والطالب من بُعد. وبين الهندي أن الأنظمة الالكترونية ساهمت في دعم العملية البحثية من خلال منح أعضاء هيئة التدريس مزيدا من الوقت والتفرغ في عمل الأبحاث تساهم توجه الجامعة نحو الريادة العالمية، مشير إلى أن المكتبة الرقمية كان لها مساند للبحث العلمي من خلال إتاحة العديد من المصادر بصيغة الكترونية توفر الوقت والجهود في البحث عبر المكتبات التقليدية التي قد تتعارض أوقات عملها مع عضو هيئة التدريس المطالب بمزيد من الأبحاث. ضرورة حتمية لسوق العمل واعتبرت الدكتورة سلوى النقلي الأستاذة في كلية الآداب بجامعة الملك سعود أن تجربتها مع نظم إدارة التعلم في العملية التعليمية مميزة، وترى أن الدورات المقدمة لهذا النظام هي بداية فقط لمعرفتها الجيدة به، وهناك الدعم الفني ثم الممارسة وهي الأهم للتعود على استخدام النظام. وتؤكد النقلي بأنها لمست إقبالا شديدا من الطالبات وتفاعلا عاليا جدا على استخدام نظم إدارة التعلم منذ استخدامها له في التدريس وقبل أن تتبنى الجامعة استخدامه، وأن أنظمة إدارة التعلم هي المستقبل في التغلب على كثير من المشاكل التعليمية الماضية وهي في نفس الوقت تدريب للطالبات على التعاملات الالكترونية بعد التخرج فلا توجد وظائف الآن لمن لا تجيد إرسال بريد الكتروني وتجيد التعامل مع العالم الافتراضي. خصوصا وأن نظام إدارة التعلم هو أحد الطرق غير المباشرة لربط العملية التعليمية بسوق العمل خاصة في إجادة الاتصال وعموما فالطالبات ليست لديهن أي إشكالية في استخدام النظام ويتعلمن أشياء جديدة مع كل استخدام. تجربة ناجحة أما الدكتور سامي النصار الأستاذ بكلية الطب واستشاري الجراحة بمستشفى الملك خالد الجامعي فيصف تجربته مع التقنيات الحديثة في التعليم بالناجحة ويقول إنهم عملوا مع عمادة التعليم الالكتروني بكل جهد لكي تكون المحصلة ذات نتائج ممتازة، بحيث أصبح جميع الطلاب والأساتذة في السنتين الأولى والثانية يستخدمون كافة خدمات التعليم الالكتروني التي تمت إتاحتها لهم من خلال نظام إدارة التعلم في الجامعة، والعمل الآن يتركز على توفير آلاف العناصر التعليمية المتعلقة بكافة تخصصات العلوم الطبية من خلال المستودع الرقمي الذي وفرته عمادة التعليم الالكتروني والتعلم عن بعد. الطالب أولا فيما شدد الدكتور رياض بن صالح الجمعة عضو هيئة التدريس بكلية علوم الأغذية والزراعة على ضرورة عقد دورات لطلاب الجامعة للتعرف على نظام التعلم الالكتروني والتفاعل معه إضافة لزيادة دورات أعضاء هيئة التدريس لكي يتم تعميم التجربة على نطاق واسع. وطالب الجمعة المعنيين بالجامعة بالتطوير المستمر للنظام ووضع عدد من الخصائص كخاصية تقييم الطلاب للمقرر والاستبانات مشيرا إلى أن نظام إدارة التعلم الالكتروني ساهم بشكل كبير في حفظ وقت عضو هيئة التدريس والطالب إضافة إلى جعل العملية التعليمية تفاعلية ومتطورة وسهلة التحديث.