دعونا أولاً نعترف بعدم إجادتنا فن الاعتذار، فهل نخاف يا تُرى الاعتذار من الآخرين هرباً من اتهام النفس بارتكاب الخطأ..؟؟ من يرى سلوك أفراد المجتمع إجمالا فإنه يستغرب تلك الجفوة والغلظة في تعاملهم مع بعضهم البعض فقد يلكز احدهم الآخر أو يدفعه أو يخطىء في حقه أثناء مروره في الطريق ومع هذا لا يعتذر له ولو حتى بإشارة تدل على أسفه وكما قيل الاعتراف بالخطأ هو أقرب شيء إلى البراءة، وقد انعكس ذلك السلوك حتى على المستوى الرسمي فقلما سمعنا عن اعتذار جهة رسمية للناس عن تقصيرها في أداء واجباتها، فهل سمعتم أنتم يوماً أن شركة الاتصالات على سبيل المثال قد اعتذرت لمشتركيها عن الأعطال التي تصيب الشبكة وتمنع مرور المكالمات..؟؟ أو سمعتم أن شركة الكهرباء اعتذرت عن انقطاع التيارالكهربائي عن حي أو مدينة وتسبب ذلك الانقطاع في تلف الأشياء والأجهزة هذا غير تعطل إشارات المرور وإرباك حركة السير وضياع أوقات الناس وإحراجهم في تأخرهم عن المواعيد والارتباطات الخاصة والرسمية..؟؟ هل قرأتم يوماً عن اعتذار جهاز خدمي عن تقصيره الذي ثبت بالأدلة عبر الصحف ووسائل الاتصال الاخرى..؟؟ ألا يخطئون..؟ إذاً لماذا لا يعتذرون عن اخطائهم تلك أم هم يؤمنون بمقولة «من اعتذر اتهم نفسه»..!! في المجتمعات غير الإسلامية يخجل الإنسان من نفسه حين يرى الناس هناك يتعاملون بمنتهى اللطف واللين، فقلما تجد أحداً يخطىء إلا ويغمرك بالاعتذارات بل ويحاول التعويض عمّا ارتكبه من خطأ أوتقصير في حقك، ويصل بهم الأمر إلى تقديم الاعتذار حتى وهم يؤدون واجباتهم الرسمية مثلاً يطرق أحدهم باب منزلك من أجل توصيل خدمة مطلوبة فيبدأ بالاعتذار عن الازعاج بقوله: «اعتذر عن ازعاجك سيدي في هذا الوقت ولكن لديّ موعد لتوصيل خط الهاتف إلى منزلك فهل تسمح لي القيام بذلك»..!! أو يوقف رجل شرطة المرور مخالفاً فيبدأ بالقول: «أنا آسف لإيقافك سيدي ولكنك قد خالفت النظام فهل تسمح لي بالاطلاع على أوراقك» وهكذا من أمثلة تسدّ النفس حين نقارن فعلنا هنا وفعلهم هناك..!! الشاعر القروي قال عن الاعتذار: عجبتُ لحرّ يستحي باعتذاره وأولى به أن يستحي بذنوبه قدمت الاسبوع الفائت من خارج الوطن وفي صالة المطار هناك تأخرت رحلة الخطوط في اقلاعها ومع هذا لم نسمع من أحد ما يطمئن بأن الرحلة ستغادر في وقت معين وحين أخذنا مقاعدنا في جوف الطائرة بدأ الوقت يمر دون مؤشرات توحي بتحرك الطائرة كل ما هنالك كان جلَبة ذهاب وإياب لموظفي المطار داخل الطائرة وحين طالت الحكاية أصاب الركاب الشك بأن هناك حدثاً ما غير طبيعي يجري في مؤخرتها وطوال هذا الوقت المتوتر لم يتكرم أحد بالاعتذار عن التأخير وتطمين الناس بما حدث وبعد حوالي ساعة من الزمن تحركت الطائرة دون (إحم ولا دستور) أو حتى كذبة مزيفة تلملم ما انسفح من ماء الوجه..!! حسناً كيف نعلم الناس فضيلة الاعتذار..؟؟ حين نقوم بفعل الصدق في كل أمورنا فانها الخطوة الاولى فيما أعتقد نحو تعديل السلوك المعوج ثم في تعليم فن الاعتذار للصغار وتعويدهم على مفردة «لو سمحت» أثناء تعاملهم مع الآخرين سؤال: هل تذكر آخر مرة اعتذرت فيها عن خطأ ارتكبته في حق أحد..؟؟