سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مبارك عبدالكريم: «المطاوعة» أجبرونا على ارتداء السراويل الطويلة .. وذكاء ابن سعيد جعلهم يتعاطفون مع الرياضة في مطعم الصومالي كان اللاعبون «يتعشون» على حسابه كل ليلة
الشيخ عبدالرحمن بن سعيد مؤسس الهلال والمهاجم الشهير مبارك عبدالكريم اسمان مرتبطان ببعضهما البعض فهما من أوائل الهلاليين، فابن سعيد مؤسس النادي وباني أمجاده ومبارك أول كابتن في تاريخه والمهاجم الأبرز والأشهر، رحل الأول في الأسبوع الماضي فهب الكل للحديث عن مناقبه وأفعاله الرياضية والاجتماعية، وبالطبع لن يحسن الحديث عن الراحل بن سعيد سوى أمثال مبارك ممن عاشروه وعاصروه وزاملوه منذ يومه الأول في الهلال ، في هذا الحديث نسترجع الكثير من ذكريات بن سعيد «رحمه الله» عبر ذاكرة مبارك عبدالكريم التي لم تسعفه في الكثير من المواقف لتأثره الكبير من رحيل رفيق مسيرته الرياضية : * بداية نعزيك في وفاة رفيقك وصديقك الشيخ عبدالرحمن بن سعيد: - الحمد لله على كل حال، وأحسن الله عزاءنا وعزاءكم جميعاً فوفاة رفيق دربي ابن سعيد خسارة لكل الرياضيين لما له من تاريخ كبير صنعه بجهده وصبره وحنكته وحسن أخلاقه . *كيف تلقيت خبر وفاته رحمه الله : - اتصل عليّ اللاعب الهلالي السابق الزميل مهدي بن علي وأبلغني بوفاة الشيخ بعد الفطور من يوم «الثلاثاء»، والحقيقة أنه كان خبرا مؤلما ومحزنا على الرغم من إيماني الكبير بأن ذلك أمر لا بد منه والشيخ كان مريضا منذ فترة من قبل رمضان وهو في العناية المركزة وحالته تسوء يوماً بعد آخر وعلى الرغم من ذلك فوفاته أثرت عليّ لما له من محبة كبيرة فنحن صحبة منذ تأسيس الهلال وعليكم بالحساب الذي لا يقل عن خمسين سنة . *متى كان آخر لقاء جمعك به؟ - بحكم انتقالي للشرقية بسبب المرض الذي ألمّ بي قبل اعوام عدة كانت زيارتي له قليلة ولكنها لا تكون متباعدة وأظن آخر لقاء جمعني به كان قبل حوالي عام في منزله العامر بالعمارية . *كيف كنت تتابع أخباره وهو على فراش المرض في الشهرين الأخيرين قبل وفاته ؟ - كنت اتصل بأولاده وزوجته وأخذ أخباره منهم، وكانوا في كل مرة يطمئنوني بأنه في تحسن فهم سبحان الله متطبعون بطبعه في حسن الخلق ومراعاة شعور الآخرين ويعلمون معزته لدي ويعرفون أنني مريض وقد يؤثر عليّ أكثر أي أخبار سيئة عن حالته الصحية الحرجة . *علاقتك بابن سعيد متى بدأت ؟ - كنت ألعب في أهلي الرياض ثم لعبت معه في الأولمبي من أول يوم للتأسيس عام 1377ه ومنذ ذلك التاريخ وأنا وابن سعيد أخوان وعلاقتنا قوية جمعنا حب الهلال ولا زال حتى بعد مماته . *بدايات التأسيس كانت صعبة، أنت كشاهد على عصر تأسيس الأندية الرياضية في الرياض كيف تصف لنا ذلك من خلال تأسيس الأولمبي «الهلال»؟ - كما هو معروف حدث خلاف بين الشبابيين فخرج ابن سعيد وأسس الأولمبي ، وكنت معه من أول يوم ، وعانى كثيراً حيث صرف الكثير من الأموال فكان يدفع للاعبين حتى لا يذهبوا للعب مع فرق أُخرى ، والمشكلة التي كانت تواجه الأندية في تلك الأيام أنه لم يكن هناك تسجيل بل كان اللاعب يتدرب معك اليوم ومن الغد تجده يلعب مع الخصم ضدك، أيضاً كانت الرياضة محاربة وشيء غريب على المجتمع، و كان الكل يحارب وجودها وجاهد ابن سعيد حتى صمد بفريق الشباب ثم بالهلال وأسس نهضة رياضية حقيقة صراحة في منطقة ترفض كل جديد، حتى أننا أرغمنا على ارتداء السراويل الطويلة وكان المطاوعة يحضرون لنا في التدريبات وينصحوننا . *ما أبرز مواقف هؤلاء ؟ - كان هناك شيخ اسمه عبداللطيف أعمى وكان ابن سعيد بحكم معرفته بالقراءة والكتابة يقرأ عليه الكتب والقرآن والرسائل وغير ذلك، وهذه من المواقف الإيجابية لأبن سعيد جعلته يحظى بتقدير هذا الشيخ ويدعمه معنوياً كونه مثقفاً ومحباً للقراءة بمعنى أن سمعة ابن سعيد كانت عطرة في نواحٍ يحبها المجتمع فهو متعلم وقارىء ممتاز وكذلك خطه كان جداً جميلا ومرتبا. *وما قصة الثلج ومطعم الصومالي ؟ - كنت اذهب بسيارة ابن سعيد وأحضر الثلج ونضعه في برميل فلم يكن هناك ترامس، وأما مطعم الصومالي فكان في منطقة قريبة من قصر الحكم وكنا نتعشى فيه بشكل يومي ونسجل الحساب على ابن سعيد الذي يحضر للتسديد من وقت إلى آخر، وكان هذا العشاء من الاشياء التي أثرت إيجابياً في نفوس اللاعبين وجعلتهم يتمسكون بالبقاء مع ابن سعيد كونهم وجدوا منه الكرم والوفاء والصدق في زمان صعب من النواحي المادية فأي إغراء من نادٍ آخر كان سيجعلهم ينسحبون من الهلال. *أول بطولة حققتموها ضد الوحدة 1381ه بعد أربعة اعوام من التأسيس، كيف كان تأثيرها عليكم ؟ - كانت مباراة مفصلية في تاريخ الهلال ، فالوحدة فريق قوي وعريق وصاحب خبرة وتجربة ونحن كنا في بدايتنا، وكنت مهاجما خطيرا، والوحداويون يعرفونني بالاسم فقط، وقبل المباراة طلب الجعيد مدافعهم الكبير أن «يورونه» مبارك بقوله سيبو لي مبارك هذا ، وبالفعل تمت محاصرتي وكانت خطتنا لعب الكرات لرجب خميس « رحمه الله» الذي نجح في تسجيل ثلاثة أهداف وفزنا بالكأس على الرغم من أننا دخلنا المباراة ونحن نتمنى ألا نتلقى خسارة كبيرة ، وكان فوزاً تاريخياً أراح ابن سعيد وجعله أكثر فخراً بفريقه وهذا الكأس أرسى قواعد متينة للهلال وجعله أكثر شعبية وفرح أهل الرياض بذلك الفوز التاريخي. *بعد فترة ابن سعيد الرئاسية الأولى كيف كانت متابعته للنادي؟ - مر بمرحلة مرض لا أذكر تفاصيلها ولكنها كانت بعد 86 تقريباً فترك رئاسة النادي ، وكان هناك بعض التسرب للاعبين فذهبت له أنا وسلطان مناحي وأخبرناه بذلك وطلبنا منه الدعم حتى لا ينهار الفريق ونطلع مع من طلع، ولكنه رد علينا إذا طلعتم طلعت حتى أنا وحليت النادي، فعدنا للفريق وتماسكنا حتى شفي وعاد لمتابعة النادي ولكن ليس كرئيس وبعدها اعتزلت أنا في مطلع التسعينات واعتزل أغلب جيلي وحصل ضعف في مستوى الفريق حتى عاد للمنافسة مع جيل «الفودة» وشمروخ وناجي والحمد لله استمر الهلال على البطولات كما أسسه ابن سعيد وهو بطل بعد اربعة اعوام فقط من تأسيسه وهذا إنجاز كبير وتاريخي لا يصدق. *ماذا كان يميز ابن سعيد عن غيره ممن عاصرت من الرياضيين؟ - كان رحمه الله لا يحب السهر في غير وقت المباريات فكان ينام مبكراً بعد صلاة العشاء مباشرة ، كان محباً للقراءة والكتابة والتدوين، وكان يكتب كل صغيرة وكبيرة بخط يده ، كان محباً لكل الألعاب ويعامل اللاعبين كأبناء من كل الألعاب، كان متواصلاً مع الرياضيين بمختلف أطيافهم صغيراً وكبيراً ، كان سخياً كريماً مع كل من يلجأ له والحمد لله فهو ممن ينطبق عليهم الحديث إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولدٍ صالح يدعو له، فالراحل كان صاحب صدقة وجاه يحب خدمة الناس ومنفعتهم والعمل على قضاء حوائجهم وذلك لم يكن مخصصا للرياضيين فقط بل لكل من يطرق منزله الذي لم أزره يوماً منذ ثلاثين عاما ووجدته خالياً من الهلاليين وغيرهم من الرعيل الأول والأجيال الجديدة، ابن سعيد لا استطيع أن أعطيه حقه فأعماله ومنهجه لا يتكرر. *كلمة أخيرة نختم بها مشوار ذكرياتك عن ابن سعيد: -أولاً أشكر لكم هذه البادرة وهذه ليست بغريبة على جريدة «الرياض» التي كانت محبوبة عند رفيقنا ابن سعيد ورئيس التحرير أخي الغالي أبو عبدالله من الذين كانوا معنا في النادي كسكرتير ولم يلعب معنا، وكان من زملاء الشيخ ومحبيه ، وأتمنى من الهلاليين أن يعذروني إذا قصرت في هذا الحديث لأنني لا أتذكر الأحداث بدقة والسن له أحكام ثم انني متأثر من وفاة رفيق دربي الغالي رحمه الله ، أتمنى من الجميع أن يدعو لابن سعيد بالرحمة وأتمنى من الهلاليين أن يسيروا على نهج ابن سعيد في الألفة والمحبة وألا تدخل الخلافات بينهم بعد رحيل رمزهم الأول ومؤسس ناديهم وباني مجده وجماهيريته الغفيرة رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وغفر الله لنا وله.