** حين لم تكن لدينا رياضة بالمعنى الصحيح.. ** وحين كنا - في مرحلة التأسيس - لمستقبل رياضي يقوم على أسس علمية.. ومنهجية محددة.. ** وحين كان الجميع يتحسس مواقع أقدامه.. وهو يقدم لتلك البدايات ما يملك من جهد .. أو دعم .. أو فكر.. ** حين كنا في تلك المرحلة.. كان الأستاذ المرحوم عبدالرحمن بن سعيد .. شعلة نشاط.. وقمة إحساس بأهمية الرياضة.. وبضرورة التأسيس لها على قواعد متينة.. ** تصدى في البداية كما نعرف، لقيادة نادي الشباب وأصبح بعد ذلك ولفترات طويلة على قمة هرم المسؤولية لإدارة أكبر أندية العاصمة الرياض.. (نادي الهلال).. وظل كذلك حتى أبعده المرض وأقصاه عن متابعة أحداث الرياضة بعقلية الإنسان المفتون بهذا المجال.. والمتعاون إلى أبعد الحدود.. مع كل من شاركه هذا الاهتمام.. ** لقد كان الأستاذ (عبدالرحمن بن سعيد) الذي غادر دنيانا يوم الثلاثاء الماضي.. مهموماً بالرياضة رغم مكانته في الدولة.. ورغم مشاغله الحياتية الأخرى.. ** فقد أعطاها عقله.. وأحاسيسه.. وماله.. وخبراته الطويلة.. كما أعطاها اسمه.. ووطنيته.. التي لو وجدت من يقتدي بها في هذا الوسط الرياضي لكانت الرياضة لدينا اليوم بألف خير.. ** وإذا وجد المثقف الذي يدرس تاريخ الرياضة.. وحياة رموز الرياضة مثل "ابن سعيد" ، و"عبد الحميد مشخص" ، و"حمزة فتيحي" فإنه سيجد أن هؤلاء القمم رحمهم الله.. قد وضعوا لنا خارطة طريق مبكرة.. لرياضة متفوقة.. لو حافظنا عليها.. وطورناها.. وأدخلنا عليها كل جديد دخل على هذا المجال.. سواء في المجالات التنظيمية.. أو الفنية أو الخططية.. أو في النواحي الأخلاقية والقيمية والإدارية.. لوصلنا إلى القمة.. ** وحتى "الاحتراف" الذي عرفناه الآن.. كان لهؤلاء باع في التنبيه إليه.. والاهتمام به.. والسعي إلى ترسيخه.. لكن أحداً ما كان يدرك بعد نظر هؤلاء الرواد الثلاثة.. ** وتشاء الأقدار أن نفقدهم واحداً بعد الآخر.. وأن نطوي صفحاتهم.. حتى دون أن نسجل تاريخهم العاطر، أو نحتفظ بما تركوه لنا في هذا المجال من ركائز عظيمة.. ** واليوم وقد فقدنا آخر هذه القمم.. الأستاذ الكبير عبدالرحمن بن سعيد .. فإننا نفقد معه "قصة كفاح" في ميدان لم نستثمره بالصورة التي ساهم هؤلاء رحمهم الله في رسمها.. وإلا لكانت الرياضة لدينا قد سارت من خير إلى خير.. ومن تطور إلى تطور أوسع وأكبر وأبعد.. ** ولستُ اليوم هنا.. بصدد الحديث عن هذه القمم الثلاث "المشخص" والفتيحي" و"ابن سعيد" فالتاريخ كفيل بأن يحفظ لهم ما قدموه لنا كوطن.. وما وضعوه أمامنا كشباب في يوم من الأيام من فرص ترقٍ حقيقية في هذا المجال.. لكنني بصدد أن أقول إن تاريخ الرياضة في بلادنا.. قد ارتبط بأسمائهم.. وبعطاءاتهم المتميزة.. وإن إعادة دراسة الأعمال الكبرى التي قدموها رغم تواضع الإمكانات.. ومحدودية الاحتكاك بالخارج.. وندرة الطاقات البشرية الموهوبة.. ربما تشكل انطلاقة جديدة لتصحيح بعض مسارات تجربتنا العريضة في المجال الرياضي.. بالرغم من أن جهودهم انصبت على كرة القدم دون غيرها.. وتلك هي طبيعة البدايات في دول العالم الأخرى.. ** لكن الأهم من إعادة دراسة ومراجعة تاريخ هؤلاء الأفذاذ.. هو ضرورة أن تشهد الرياضة لدينا.. ثورة حقيقية.. ثورة في التفكير وثورة في التخطيط.. وثورة في الإدارة.. وثورة في الكشف عن المواهب.. وثورة في المهنية والحرفية في التعامل العام.. حتى تصبح لدينا أندية تدار بكفاءة.. وثقافة.. وتجرد.. وبفكر وقمم نفتقدها كثيراً في الوقت الراهن.. إلى حد كبير.. ونطالب بها بكل قوة .. وبإلحاح شديد.. ** وإذا سمع كلامي بعض من يقودون الأندية الآن.. فإنني أقترح عليهم ترك هذا الميدان.. وإلا فإن المرحلة لا تتحمل أن يدخل أنديتنا.. من لايملك خصائص مهنية وإدارية أو فنية.. تفرضها أنظمة وقواعد وتوصيفات علمية نفتقدها حتى الآن.. وإلا فإننا سنظل في مكاننا من تصنيفات الاتحادات الدولية المؤسفة لنا.. كواقع رياضي.. لو عاش بيننا.. "المشخص.. والفتيحي وابن سعيد" اليوم لأنكروه.. ولتبرأوا منه.. ولتركوا المجال احتجاجاً على ما يدور فيه من ممارسات لا تليق بنا كبلد.. وكأفراد.. والله المستعان.. *** ضمير مستتر ** (نحن بلد..لا يليق به.. أن يوصم بما يدور في أوساط الرياضة.. على الإطلاق).