كان الأستاذ عبدالرحمن الهزاع في منتهى الشفافية والصراحة وهو يردّ على احتجاح الفنان فايز المالكي على حذف الرقابة لمشاهد من مسلسله "سكتم بكتم" حين قال إنه ليس من حق المالكي أو غيره من المنتجين أو الممثلين فرض ما يريد عرضه في التلفزيون السعودي وان علاقتهم بمسلسلاتهم تنتهي بمجرد تسليمها للتلفزيون. هذه اللغة الحازمة من المشرف العام على التلفزيون السعودي هي ما نحتاجه هذه الأيام ولابد أن تكون ديدن التعامل مع المنتجين والممثلين السعوديين لأن بعضهم اعتقد -للأسف- بأنه أصبح نجماً لا يشق له غبار وأن نجوميته تعطيه الحق في المطالبة بما يتجاوز صلاحياته. من البداهة أنه عندما يضع التلفزيون السعودي اسمه على المسلسل كمُنتج له، فإن ذلك يعني أن هذا المسلسل ملتزم التزاماً تاماً بالمعايير الأخلاقية والدينية والثوابت والقيم التي يؤمن بها المجتمع السعودي، وإذا كانت تلك القيم ليست ضمن اهتمام القنوات الفضائية الأخرى فلا يعني ذلك أن يُفرّط بها التلفزيون السعودي بحجة المنافسة على كسب الجمهور، فالتلفزيون الوطني مهمته الأولى هي المحافظة على قيم المجتمع وحماية الذوق العام. لا بد أن يغير التلفزيون آلية التعميد باتجاه «المنتج الصريح» حين كانت أعمال الممثلين السعوديين تعرض عبر قنوات فضائية تجارية في سنوات مضت؛ كانت تحوي إسقاطات وإيحاءات وألفاظا سيئة خارجة عن الأعراف والتقاليد وذلك لأن الرقيب في تلك القنوات له معايير مختلفة تماماً تتعلق بالإعلانات وحجم الإيرادات أكثر من الأخلاق، وهو ما جعل الممثلين يعتقدون أن هذا المستوى غير المسئول من الحرية هو الصواب ولذلك نراهم يطالبون التلفزيون السعودي بأن يفعل ذات الشيء دون اعتبار لحجم المسؤولية الاجتماعية الملقاة على هذا الجهاز الحكومي المهم. أما عن مستوى الرقابة في التلفزيون السعودي فقد أكد الهزاع بأن أفرادها يملكون خبرات إعلامية تجاوزت العشرين عاماً وهم يعرفون ما يصلح للعرض وما لا يصلح، مُشدداً على أن الممثل يجب أن يكون دوره فقط في محاولة إثراء عمله من الناحية الفنية فقط دون الدخول في تفاصيل ليست من صلاحياته. img src="http://s.alriyadh.com/2011/08/17/img/160344791454.jpg" title="من حلقة "الابتعاث" التي فجرت المشكلة " من حلقة "الابتعاث" التي فجرت المشكلة إن ما يؤخد على الجيل الجديد من الممثلين أنهم لا يقبلون سماع الصوت الآخر ولا يقبلون أن تذكر بعض الملاحظات على ما يقدمون من أعمال على اعتبار أنهم وصلوا للكمال والنجومية التي تعفيهم من أي نقد متناسين أن كبار النجوم في جميع الدول العربية تنتقد أعمالهم وتراقب وتتعرض لمقص الرقيب ولا يبدون اعتراضاً لأن دورهم انتهى عند الانتهاء من تصوير العمل والباقي هي مسائل إنتاجية لا علاقة لهم بها. وبعد هذه التجربة أرى أنه واجب على التلفزيون السعودي أن يُغير من آلية التعميد التي يسير عليها حالياً بحيث لا يكلف ممثلاً بإنتاج مسلسل بل يتجه نحو المنتجين الصريحين الذين وظيفتهم هي الإنتاج فقط، فالممثل حين يكون هو بطل وكاتب ومنتج المسلسل فبالتأكيد أنه سيرى عمله كاملاً ولا تشوبه شائبة ولن يتفهّم أي محاولة لتحريره سواء بالحذف أو التعديل، بينما المنتج الصريح بما أنه تاجر بالدرجة الأولى فإنه سيراعي قيم المجتمع الذي يصنع الأعمال من أجله حتى لا يخسر استثماره. كما أن لهذا الحل فائدة فنيّة إذ سيكتفي الممثل حينها بأداء دوره في العمل ولن يتجاوز إلى أمور قد لا يدرك أبعادها. عذراً من كل ممثلينا الذين تضايقوا من رقابة التلفزيون السعودي، ونقول لهم: إن الرقابة مطلوبة للحفاظ على بعض ما تبقى من قيم وأخلاق المجتمع، وما ظهر منكم سابقاً في بعض المسلسلات كان مرحلة من الفوضى ستنتهي على يد الشرفاء في التلفزيون السعودي.