ماذا قال عنه الشعراء وكيف ساهموا في توضيح أضراره والتحذير منه ساهم الشعر قديماً وحديثاً في تصحيح الكثير من المفاهيم الخاطئة والعادات السيئة التي تنتشر في المجتمعات حيث نجد ان الشعراء وحسب رؤية كل واحد منهم يحاولون أن يوضحوا حيناً وينتقدوا أحياناً أخرى وفي بعض الأحياء يلجأون إلى عرض المشكلة بأسلوب يخاطبون فيه المشاعر الإنسانية والضمائر الحية من أجل الوصول إلى تحقيق نتيجة إيجابية. ومن العادات السيئة والصفات القبيحة التي حاول الشعراء أن يساهموا بما لديهم في حلها وانتقادها وثني الناس عن الاتصاف بها هي صفة (الحسد) التي تنتشر في المجتمعات المختلفة. ويصور الشاعر أبو العتاهية آثار هذه الصفة عبر هذه الأبيات قائلاً: يارب ان الناس لا ينصفونني وكيف ولو انصفتهم ظلموني وان كان لي شيء تصدوا لأخذه وان جئت ابغي سيبهم منعوني وان طرقتني نقمة فرحوا بها وان صحبتني نعمة حسدوني سأمنع قلبي ان يحن إليهم واحجب عنهم ناظري وجفوني ويحذر شاعر آخر من الحسد بقوله: اياك والحسد الذي هو آفة فتوقه وتوق غرة من حسد ان الحسود اذا اراك مودة بالقول فهو لك العدو المجتهد ورغم ان البعض قد يضيق بالحاسد ذرعاً ولا يصبر على تصرفاته ويقابل ذلك بتصرفات قد لا تحمد عقباها نجد بعض الشعراء يختار وصفة خاصة للقضاء على الحسد وهي وصفة لاشك انها مفيدة وان تأخر أثرها بعض الشيء.. يقول الشاعر: اصبر على حسد الحسود فإن صبرك قاتله كالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله ويظل الحسد هو الحسد بكل صوره وأنواعه حتى انه لدى البعض قد يصل إلى درجة لا تصدق.. يقول الشاعر: هم يحسدوني على موتي فو اسفي حتى على الموت لا أخلو من الحسد ويؤكد ما ذهب إليه الشاعر في البيت السابق ما روي عن الأصمعي انه قال: كان رجل من أهل البصرة بذياً شرياً يؤذي جيرانه فأتاه رجل فوعظه فقال له: ما بال جيرانك يشكونك؟ قال: إنهم يحسدونني.. قال: على أي شيء يحسدونك. قال: على الصلب! قال: وكيف ذك؟ قال: اقبل معي. فأقبل معه إلى جيرانه فقعد متحازناً فقالوا: مالك؟ قال: طرق الليلة كتاب معاوية أن أصلب أنا ومالك بن المنذر وفلان وفلان فذكر رجالاً من اشراف اهل البصرة فوثبوا عليه! وقالوا يا عدو الله انت تصلب مع هؤلاء ولا كرامة لك؟! فالتفت إلى الرجل وقال: أما تراهم قد حسدوني على الصلب؟!! فكيف لو كان خيراً؟! ويعتبر بعض الشعراء ان في الحسد فائدة من نوع خاص حسب وجهة نظرهم حيث يقول أحد الشعراء: وإذا أراد الله نشر فضيلة طويت اتاح لها لسان حسود لولا اشتعال النار فيما جاورت ما كان يعرف طيب عرف العود ولأن الحسد يضر صاحبه ويودي به إلى المهالك فقد صور أحد الشعراء هذه الحقيقة عبر أبياته الطريفة التالية: إن الغراب وكان يمشي مشية فيما مضى من سالف الأحوال حسد القطاة فرام يمشي مشيها فأصابه ضرب من العقال فأضل مشيته واخطأ مشيها فلذاك كنوه ابا مرقال ولاشك ان كل ذي نعمة محسود وما اكثر ذلك في زمننا الحاضر الذي كثر فيه الحساد ورموا اصحاب النعمة في اوطانهم بالبطيل الكلام يقول الشاعر مصوراً هذا الجانب: حسدوا النعمة لما ظهرت فرموها بأباطيل الكلم وإذا ما الله اسدى نعمة لم يضرها قول أعداء النعم وبقي ان نقول لكل حاسد كما قال سليمان التميمي: الحسد يضعف اليقين ويسهر العين ويكثر الهم.. اعاذنا الله واياكم من الحسد والحاسدين.