يقول الله تعالى: {وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون}، الحمد لله المتفرد بالبقاء، الحمد لله الذي كتب على خلقه الفناء، والصلاة والسلام على خير وخاتم الأنبياء القائل: «ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه». فأكتب هذه الكلمات مصحوبة بالعبرات والدمعات لفراق ذلك الشيخ المربي، وإن ما سأسطره من عبارات هو تسلية لي ولكل من فجع برحيله فياله من جرح قد تفجرت دماؤه. كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر فليس لعين لم يفض ماؤها عذر كان امر الله قدراً مقدوراً فقد بلغ الكتاب اجله، والمؤمن الحق هو الذي يجعل ما يحصل له او عليه في هذه الدنيا درساً وعبرة ونبراساً يضيء به طريق الآخرة. اسوق لكم شيئاً مما عرف به خالي علي بن عبدالله الضمام - رحمه الله - لعلنا نستفيد ونتعظ. كان رحمه الله من اوائل ممن عمل في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المحافظة - الزلفي - منذ عشرات السنين واشتغل بالدعوة التي هي من اجل العبادات كما قال تعالى:{ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين} وصبر على المشاق وتحمل الاستهزاء والازدراء ومع ذلك: هو حجة الله قاهرة هو بيننا اعجوبة الدهر عرف رحمه الله بسلامة الصدر وطيب الكلام ولم اذكر يوماً انه تكلم او تفوه بسب في عرض احد. ولذلك احبه من رآه. مرت به آلام وأسقام - التي أسأل الله ان تكون لذنوبه مكفرة -، وأدخل على اثرها المستشفى. وكان يذهب وجع الآلام ومرارتها بترديده للآيات وذكره لربه عز وجل. وإذا اتاه زائر ليسأله عن حاله لم يكن جوابه سوى شكر الله عز وجل والثناء عليه فقد كان صبوراً لا يشتكي اوجاعه لأحد الا لخالقه سبحانه وتعالى. وفي آخر اللحظات هاهي الآلام والأوجاع تهد ذلك الجسد شيئاً فشيئاً الذي حمل نفساً ابية زكية بإذن الله. حتى فارق الدنيا في مساء السبت الثامن والعشرين من شهر ربيع الأول لعام ستة وعشرين وأربعمائة وألف فحقاً ان العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول الا ما يرضي ربنا وإنا بفراقك يا خالي لمحزنون. رحمك الله رحمة واسعة والى اللقاء بإذن ربنا في جنة الخلد. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه اجمعين.