وجه متخصص زراعي انتقادات حادة لأوضاع بعض الجمعيات التعاونية الزراعية القائمة، مطالباً بتطبيق الحوكمة، أو محاسبة لأفعال مجالس الإدارات، كما طالب بأن يكون الدعم الحكومي سنوياً مباشاً يتغير من سنة إلى أخرى حسب التقارير التي تثبت مدى رضا المزارعين عن الخدمات التي تُقدمها الجمعية لهم ! ويرى من جهة أخرى أن الجمعيات التعاونية الزراعية عددها قليل في المملكة، والإقبال عليها يكاد يكون معدوماً من قبل المزارعين، لأنها لم تقدم لهم من الخدمات ما يغريهم للانضمام إليها ! وتناول عبدالله بن محمد البصير قي حديثه (للرياض) جوانب عديدة مستهلاً بقوله: الجمعيات التعاونية الزراعية، وما يجب عليها تقديمه خدمة لأعضائها من المزارعين، ومنها (البذور-والأسمدة- والمبيدات بأسعار التكلفة - وإقامة مستودعات التبريد والتجميد لتخزين الإنتاج الزراعي ) والذي يُعد خط التسويق الأول لأن الحصاد يكون في وقت واحد ، وبالتالي تنخفض الأسعار إلى أقل من سعر التكلفة - ومنها ( خدمات أخرى منها - الإرشاد الزراعي تأمين العمالة الموسمية رش المبيدات صيانة المعدات تصنيع وتسويق المنتجات الزراعية والحيوانية تأمين الأعلاف المركبة) وأضاف البصير في سياق حديثه: ولكن للأسف نجد أن الجمعيات التعاونية الزراعية عددها قليل في المملكة, والإقبال عليها يكاد يكون معدوماً من قبل المزارعين؛ لأنها لم تُقدم لهم من الخدمات ما يغريهم للانضمام إليها, وذلك للأسباب التالية: 1 مواردها المالية ضعيفة, فليس هناك دعم حكومي مباشر, وإنما تسهيلات للحصول على القروض من صندوق التنمية الزراعية. 2 إدارات المجالس في أغلب الجمعيات التعاونية تتكون من أشخاص لا يتغيرون منذ تأسيسها , ويكونون متجانسين (لوبي) يسيطرون على الجمعية, وعاملا طارداً لأي قادم لا يتوافق مع توجهاتهم حتى ولو كانت خاطئة ! 3 لا توجد حوكمة، أو محاسبه لأفعال مجالس الإدارات, فليس هناك تشريع يقول ( للمحسن أحسنت وللمسي أسأت ) فالمحسن يُفترض أن يُكافيْ, والمسيء يُحاسب، وإنما الأمور حسب أهواء أعضاء مجلس الإدارة المتجانس في ظل غياب دور الجمعية العمومية، لأنه لا يحضر أحد عند انعقادها , وإذا حضر القليل قدم لهم للأسف معلومات( تلمع ) مجلس الإدارة, وليس الوضع علي حقيقته! وزاد في حديثه : في رأيي من خلال خبرتي أن الحل يكون عن طريق تفعيل الآتي : 1 دعم حكومي سنوي مباشر يتغير من سنه إلى أخرى حسب التقارير التي تثبت مدى رضا المزارعين عن الخدمات التي تقدمها الجمعية لهم. 2 إلزام المزارعين (بالاشتراك المسترد ) بالجمعيات التعاونية مقابل مبلغ محدد, وليكن ألف ريال مثلا، يصبح رصيد المزارع، ويخصم من هذا المبلغ أي خدمه تقدمها الجمعية للمزارع. ومعلوماتي – بحسب البصير - تُبين أن هناك حوالي مائتي ألف حيازة زراعيه في المملكة , وبهذه الطريقة لا يكون على المزارع أي ضرر وإنما تصبح الجمعيات لها دخل مستمر يساعدها على تحقيق أهدافها وهو خدمة المزارع. 3- أرى أن تُحدد عضوية مجالس الإدارات لفترة واحده فقط , وفي الدورة الثانية لا يُترشح إلا نصف مجلس الدورة الأولى , وتعطي حوافز مجزية للفاعلين، ويُحاسب المقصرين , وذلك حسب الميزانيات والأرقام التي تتضمنها. وتابع حديثه: ولو تحققت هذه الأعمال لأصبح لدينا جمعيات خدمية تحل مشاكل المزارعين ، وترفع من النهضة الزراعية المباركة في بلادنا الحبيبة وتقدم للمستهلكين انتاجاً طازجاً صحياً, وليس كما نشاهده في الصحف والمنتديات من دعوات لإقامة جمعيات تعاونية والدعاية لها . وفي الحقيقة هناك جمعيات قائمة لم تؤد ما عليها والدليل على ذلك لا احد ينضم إليها ، فهل حان العمل الجاد والإدارة الصحيحة بعيدا عن الدعاية ! وتحدث البصير عن معرجاً عن التعاون، حيث يعد أحد أهم العمليات الاجتماعية التي أدت إلى ازدهار ورقي الحضارات الإنسانية المختلفة منذ خلق الله آدم عليه السلام، والديانات تحث على التعاون, فشريعتنا الغراء تأمر بمد يد العون والمساعدة والتعاون بين أفراد المجتمع , حيث يقول الله تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى). أدى ذلك إلى ازدهار ورقي الحضارات الإنسانية المختلفة، ومنذ خلق الله آدم عليه السلام والديانات تحث على التعاون فشريعتنا الغراء تأمر بمد يد العون والمساعدة والتعاون بين أفراد المجتمع. والتعاون هو السمة الأولى في المجتمعات قديماً وحديثاً سواء كانت الرعوية أو الزراعية أو الحضارية، ومثال ذلك التعاون ، في هذه المجتمعات قديماً الزواج الإنسان لا يحمل هماً في حالة الزواج فالكل يتعاون، وأخيراً نجد مظاهر زواج الغني لا تختلف كثيراً عن زواج الفقير بسبب تعاون الجميع، والتعاون إما أن يكون تلقائياً كالمثال السابق، أو منظما مثل ما تقوم به الجمعيات التعاونية التي تؤسس وتُدار من قبل أعضاءها المساهمين، وتخدم مصالحهم الاجتماعية والاقتصادية على أساس التكلفة الفعلية، بعكس الشركات التي تقدم خدماتها على أساس الربحية ، وزيادة الثروة ، وتحكم كبار الملاك في قراراتها ! وكانت تلك الجمعيات قد قامت بتحركات خلال أزمة الشعير، للتأكيد بأهميتها، وعلى نقيض حديث البصير، وأبان في حينه ل(الرياض) الأستاذ عبدالله الوابلي أمين عام مجلس الجمعيات التعاونية " أن الجمعيات كيانات خاضُعة للمراقبة, والتدقيق مما يجعلها صمام أمان للتوزيع, وإن الجهات الحكومية جميعها، وإمارات المناطق حريصة كل الحرص على رفع المعاناة التي يعيشها مربو الماشية، وكذلك استقرار سوق الشعير، كما أن مجلس الجمعيات التعاونية مطمئنٌ على قدرة القطاع التعاوني لعب دوره في هذه القضية الحيوية الهامة ". وأضاف خلال ورشة عملها الأخيرة موضحا أحد أدوارها، ومشددا على قيامها بما يتفق وخدمتها للقطاع الزراعي في هذا الشأن : " تلك الجمعيات التعاونية مكملة ، وليس بديلاً لأصحاب النقاط، والناقلين السابقين ، وأن الجمعيات التعاونية هدفها استقرار الأسعار ، والحد من التجاوزات ، وإن عملية توزيع الشعير يُشارك فيها عدة لاعبين رئيسيين هم المستوردون والمعبئون والناقلون والموزعون ، وعلى كل من هؤلاء مسؤولية كبيرة لاستشعار دوره الوطني في هذه العملية كي تسير الأمور بانسيابية تامة ". وفي تحركات أخرى رصدتها (الرياض) حيث عقد مجلس الجمعيات التعاونية السعودية حلقة عمل عن دراسة واقع القطاع التعاوني ومعالجة أوضاع الجمعيات التعاونية المتعثرة في المملكة ، وتشجيع التوسع في المجالات التعاونية الجديدة، وبالتالي دعوة المكاتب الاستشارية لتبني مبادرات تعاونية جديدة ومفيدة، وتوضيح العلاقة بين الجهات الاستشارية وبين المجلس ووزارة الشؤون الاجتماعية . فلابد من وضع استراتيجية مستقبلية، وهدفت الحلقة التي شارك فيها أعضاء مجلس إدارة الجمعيات وأصحاب المكاتب الاستشارية وأكاديميون متخصصون ومهتمون بالفكر والعمل التعاوني ، إلى شرح آفاق العمل التعاوني ، وتسليط الضوء على نظام الجمعيات التعاونية، والتعريف بالدعم وأشكاله التي تقدمه حكومة خادم الحرمين الشريفين للجمعيات التعاونية. وهنا طالب الوابلي خلال حديثه عن دورها بالتزامن مع ازمة الشعير " أن يُشرك مجلس الجمعيات التعاونية الذي يعد المظلة النظامية للقطاع التعاوني في المملكة المكون من أكثر من مائة وسبعين جمعية تعاونية تضم في عضويتها أكثر من خمسين ألف عضو في عموم مناطق المملكة في اللجان الحكومية المشكلة لحل أزمة الشعير ، مؤكداً أن المجلس يسعى جاهداً للمساهمة في حل هذه الأزمة، وليس إدارتها وأن المجلس لن يلغي الآخرين ، وسيستمر الناقلون وأصحاب النقاط في أداء دورهم المأمول " . وفي تحرك مشابه تابع المختصون ماتم عقده بمقر المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق بمدينة الرياض ، حيث اللقاء الثالث مع الجمعيات التعاونية الزراعية بالمملكة لتطوير التعامل القائم بين المؤسسة والجمعيات التعاونية الزراعية الذي يخدم مربي الماشية. وأكد مدير عام المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق المهندس وليد بن عبدالكريم الخريجي أهمية هذه اللقاءات، والدور الذي تقوم به الجمعيات لخدمة مربي الماشية قرب مواقعهم، مشيرا إلى زيادة دعم الدولة لمدخلات الأعلاف، وتوجه المؤسسة إلى التعاون مع الجمعيات في تسويق أعلاف تسمين الماشية المنتجة بمصانع المؤسسة من خلال زيادة حصصها من الأعلاف وبيعها للمربين بأسعار المؤسسة المدعومة . وتركز النقاش حول أبرز الايجابيات والسلبيات لتجربة المؤسسة الحالية مع الجمعيات ، والدعوة للتعاون بما يخدم توجه الدولة في توفير الأعلاف للمربين. ولابد من الاشارة الى الدعم الحكومي من خلال صندوق التنمية الزراعية حيث أوضح المهندس عبدالله بن عبد الرحمن العوين مدير عام الصندوق أن الهدف من إقراض الجمعيات زيادة القدرة التفاوضية للمنتجين , وكسر احتكار وتحكم بعض القوى في السوق، وتوزيع العوائد بعدالة أكبر، بحيث يأخذ المنتج الفعلي، الذي يتحمل المخاطرة الفعلية، حصته العادلة منها، القدرة على تزويد الأسواق المختلفة باحتياجاتها الفعلية في توقيت مناسب وبالصورة المناسبة، وتفريغ المنتج للعمل الإنتاجي، وعدم إشغاله بالنقل والحفظ والتبريد والتسويق. ويؤكد العوين على أهمية الدور الذي يمكن أن تقوم به الجمعيات الزراعية، وخصوصا التسويقية منها في هذا المجال، الذي ثبت بصورة لا يدخلها الشك، إنها الصيغة الناجحة لحل مشاكل المنتجين في القطاعات الإنتاجية الزراعية كافة بأشكالها ومن دون استثناء.