يتصف هذا الشهر الكريم بالحساسية الكبيرة تجاه الحلال قبل الحرام، حيث العباد في هذا الشهر يحاولون أن يتقاطعوا مع روحانيته بالبعد عن المحرمات والشهوات والرغبات، إلاّ أنه من الأمور التي عرفت اجتماعياً بعدم قبولها "هي الزواج في شهر رمضان"، وإقامة الاحتفلات في هذا الشهر، على الرغم من شرعية عقد الزواج والدخول في هذا الشهر، حيث لم يحرم الإسلام ذلك، إلاّ أن كثيرا من الأسر تقوم بتأجيل حفلات الأفراح إلى ما بعد "شهر رمضان". وعلى الرغم من الحساسية الكبيرة التي يراها بعضهم في إقامة حفل الزواج في رمضان والدخول به، إلاّ أن هناك من يرى أنه لا مانع من إقامة حفلات الأعراس في شهر رمضان والدخول بالعروس طالما أنه يدخل في حدود الشرعية والجواز.. حتى أقام بعضهم حفلاته في وسط انتقاد المجتمع لذلك.. ويأتي تحاشي كثير من الأسر إقامة احتفالاتها في شهر رمضان المبارك لقدسية هذا الشهر، خاصة حفلات الزواج التي تتطلب الفرح والبهجة إذ يعمد بعض إلى التعبير عن ذلك الفرح بسبل متنوعة وأيضاً السهر، وذلك قد يتنافى مع شهر القرآن والقيام للصلاة والتهجد، بينما هناك أسر أخرى ترى أن البركة في هذا الشهر ويحصل فيه المودة والألفة بين الزوجين، كما يمكن للزوجين السفر إلى الخارج، والفطر، وقضاء أجمل الأوقات!. السؤال * هل تؤيد إقامة حفلة الزواج في شهر رمضان؟، أو جعل موعد الدخلة للعروسين في هذا الشهر؟، ولماذا ينتقد المجتمع من يتزوج في رمضان حتى يتجنب بعضهم حضور هذا الزواج؟، وما الرؤية الشرعية في ذلك؟. وجهات نظر "أم فهد" تقول: لا أفضل حضور أو إقامة أي احتفال بشهر رمضان لما يتبعه من استقبال وتوديع وبهرجة، مشيرة إلى أنه من المفترض أن يترقب المسلم هذا الشهر ليعبد ربه، لا لإقامة أفراح وسهرات. في حين لا ترى "أفراح محمد" أي إشكالية من إقامة الزواج بشهر رمضان، حيث تروي لنا قصة زواج أختها في شهر رمضان، وقد كانت السهرة عائلية وكلهم دعا له بالتوفيق والصلاح والذرية الصالحة في أوقات مستجابة، ولم يمنع ذلك من إقامة صلاة التهجد سوياً. وفي حديثنا مع شقيقتها "عائشة"، قالت: لم أر أي حرج في زواجي في هذا الشهر الكريم، بل أرى أن الزواج في هذه الأيام يخلق جوا من الود بين الزوج وزوجته، ويفتح مساحات للتعاون وإشعار كل منهما بأنه يعوضه عن أهله الذين اعتاد أن يتناول وجبة الفطور معهم سنوياً، مشيرة إلى أنها واجهت العديد من الانتقادات، والنظرة الاجتماعية حول الزواج في هذا الشهر، والتخوف من التقصير في أداء الشعائر والعبادات. فكرة مرفوضة في حين رفضت "سلوى عبدالوهاب" فكرة الزواج في رمضان أو حتى قبله بأسبوعين.. فرمضان شهر عبادة أكثر منه شهر زواج وسياحة، لهذا لا أؤيد الزواج في هذا الشهر؛ لأن العروسين سيضطران في الغالب إلى الإفطار، ولن يتمكنا من الصيام، وأداء العبادة في هذا الشهر وإعطائها حقها. ورفض "متعب العتيبي" تلبية دعوته لحفل زواج صديق له تزوج في رمضان، وذلك لقدسية هذا الشهر، وأن ذلك غير متقبل اجتماعياً مع انه مباح شرعاً، بينما يرى "سعد الشهراني" أن الزواجات في رمضان مازالت قليلة، وقليل جداً من الأسر الذين يقيمونها ويؤدنها، وبرأيه الشخصي فهو لا يرى ما يمنع من إقامة الزواج برمضان إذا كان الزوج والزوجة متفقين على ذلك ويستطيعان أتمام فريضتهما من دون الدخول في المحظورات. وأشار "صالح العمري" إلى أن حفلات الزواج في رمضان يتجه إليها بعض المتدينين، ويفعلون ذلك لأنهم يتباركون ويتفاءلون بهذا الشهر الكريم لكونه شهر خير وبركة لبدء حياة زوجية محفوفة بالإيمان والطاعة. مباح ومحظور وبين "حسن آل عمير" المستشار والمدرب في العلاقات الأسرية، أن أجواء الاجتماع على الطاعة والعبادة في جو مفعم بالإيمان يضفي على الحياة الزوجية نسائم الحب والود، فهو فرصة حقيقية للحياة الزوجية السامية، موضحاً أن شهر رمضان يطور عادات الأزواج في الصبر والجود والحلم والتسامح والأخلاق الحميدة، وأنه يتوجب على الزوجين أن يسعيا للاستفادة من هذا الشهر كما هو المطلوب من مشروعيته وحكمته وليجعلا من الشهر الكريم دورة تدريبية لهما. وقال "د. أحمد السهلي" رئيس جمعية تحفيظ القرآن بالطائف إن الزواج في رمضان مباح شرعاً، ولكن سبب التخوف والمطالبة بتأجيل الزواج إلى ما بعد رمضان يرجع إلى خشية المخالفة الشرعية التي تحرم الوطء والجماع في نهار رمضان، وذلك لأن العنفوان وقوة الجنس عند الشباب قد تتسبب في ارتكابه لهذه المخالفة الشرعية التي وضعت لها كفارة مغلظة، وهي عبارة عن عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، وإن لم يقدر فإطعام 60 مسكيناً، وتجب هذه الكفارة على المرأة إذا كانت راضية، مشيراً إلى إنه لا يوجد أي نص شرعي موجب للنهي، وقد كان رسول الله يقبل زوجاته في نهار رمضان، ولكن كثير من الناس يحجم عن الزواج في رمضان خوفاً من انتهاك حرمة هذا الشهر ما يعرضه للعقوبة.