ظلت العلاقة بين الأسر السعودية والعاملات المنزليات مستقرة لعقود من الزمن ، لكنها رغم ذلك الاستقرار لم تخلُ من مشاكل الفردية بين الطرفين..وقد لعبت صرامة الأنظمة المعمول بها في البلاد على المضي قدماً في تلك العلاقة بشكل شبه متوازن.. فلم يكن هروب العاملات المنزليات مألوفاً قبل عشر سنوات ، ولم تظهر حوادث السحر والعنف والعمل الجنائي من قبل العاملات كما هي في الوقت الراهن. لكن علاقة الأسر السعودية بالعاملات المنزليات ، تدهورت في السنوات الست الأخيرة وظهر على إثرها اضطراب كبير في سلوك الخادمات ، جراء عوامل سلبية نمت في البلاد ، أبرزها تمرد العمالة بشكل غير مسبوق ، وسعيهم لتهريب العاملات المنزليات وإيوائهن بغية تشغيلهن لدى الغير بسعر أعلى. كما شهدت الفترة ذاتها تراجع القرار المحلي في مسألة حماية حق المواطن بموجب العقود التي تربط المواطنين بخدمهم ، مما أدى إلى تدخل سفارات بلدان تلك العاملات في خصوصيات المواطنين بشكل تجاوز حدود الأعراف الدبلوماسية . وقد أدى هروب العاملات بشكل متزايد إلى إقبال المواطنين على تشغيل العاملات الهاربات ، موفرين على الأقل رسوم الاستقدام والإقامة لعاملة قد تهرب في اليوم التالي من وصولها جراء ترتيب عصابات تهريب العاملات ذلك منذ كانت في بلدها. تباين ملفت بين تكلفة الاستقدام في المملكة مع الدول الخليجية الأخرى مع تأخير في مواعيد الوصول انحسار الفرض وأدى القرار الأخير بإغلاق استقدام العاملات من أندونيسيا والفلبين إلى انحسار فرص الاستقدام أمام المواطنين ، مما حدا باللجنة الوطنية للاستقدام للاتجاه غرباً نحو أفريقيا لجلب الخادمات من دول أفريقية ككينيا وأثيوبيا التي تعد مواطناتها المتخلفات في السعودية الأكثر عدداً بين العاملات المنزليات غير النظاميات..ورغم ما لقيه القرار بإغلاق الاستقدام من اندونيسيا والفلبين من ارتياح شعبي كبير كونه على أقل تقدير يظهر شيئاً من هيبة الأنظمة لتي تحمي المواطن في البلاد، فإن السعوديين يأملون أن يحمل رسالة لدول أخرى تصدر عمالتها إلى المملكة كانت قد أوشكت أن تسلك مسلك اندونيسيا والفلبين ..ورغم أن المعادلة بين المملكة وتلك الدول تميل لصالح المملكة بحكم حجم المليارات التي تحولها عمالة تلك البلدان ، إلا أن تأخر القرار أظهر الموقف السعودي في الكفة الأضعف. سعد البداح ويعاني المواطنون في المملكة في السنوات الأخيرة من تبعات استقدام العاملات المنزليات خاصة في مسألة ارتفاع تكاليف الاستقدام ، وتأخر وصول الخادمات..فالمملكة تعد الأعلى بين دول الخليج من حيث تكلفة استقدام الخادمة ، وتأخر وصولها. وأجرت (الرياض) اتصالات بمكاتب استقدام في قطر ، والكويت ، والبحرين ، وحصلت على متوسط تكلفة الاستقدام والتي نوردها في الجدول البياني المرفق لهذا التقرير والتي تظهر تبايناً كبيراً بين التكلفة في تلك البلدان مقارنة بالمملكة. وقد صرح ل(الرياض) صاحب مكتب استقدام في الكويت أن سبب ارتفاع تكلفة استقدام الخادمات في المملكة يأتي بسبب تعامل أصحاب المكاتب في السعودية ، بسبب سياسة المزايدة التي ينفق من خلالها السعوديون أكثر من غيرهم حين يكون المزاد على عدد محدد من العاملات..وأكد أصحاب المكاتب السعودية هم الأكثر إنفاقاً للمكاتب المصدرة للعمالة من تلك الدول ، مما يساهم في زيادة التكلفة على المواطن.وأكد أن تأخر وصول العاملات المنزليات إلى السعودية يأتي أيضاً بسبب تكديس التأشيرات لدى المكتب السعودي لحين اكتمال النصاب الذي يحدده صاحب المكتب ثم يسافر السعودي حاملها معه ..وقال: بينما نحن في الكويت نستقبل السير الذاتية عن الإيميل ونفيز للخادمة الكترونياً في اليوم التالي، مما يجعلها تصل في وقت جيد. رمضان ..أزمة كل عام وتتأزم الحاجة للعاملات المنزليات في شهر رمضان المبارك أكثر منها في أي وقت طيلة العام ، ويتوقع أن يشهد رمضان هذا العام أزمة في الطلب المتزايد على الخادمات غير النظاميات جراء تعطل آلاف التأشيرات التي صدرت من قبل للفلبين واندونيسيا..مما قد يعزز من فرضية تحليق أجور الخادمات المقيمات بطريقة غير نظامية إلى أرقام كبيرة لم تحدث من قبل..وقد بدأت بعض الأسر بحجز العاملات الأثيوبيات المتخلفات برواتب لشهر رمضان تصل في بعضها إلى 3000ريال. ويخشى مراقبون أن يؤدي الطلب الكبير على الخادمات المتخلفات والهاربات في الداخل إلى تحفيز الخادمات النظاميات نحو الهروب من بيوت كفلائهن طلباً لتلك الأجور المغرية ، خاصة في ظل وجود عصابات من العمالة تعمل على إغرائهن من خلال إلقاء رسائل بلغتهن تحت الأبواب مزودة بأرقام الاتصال لتلقفهن. كما أن عدم وجود عقوبات نظامية بحق العمال والعاملات الهاربات يفتح الباب على مصراعيه لاحتمال حدوث هروبهن.يأتي هذا في الوقت الذي ينتظر فيه السعوديون مبادرة ستفضي إلى إنشاء شركات استقدام يتضامن من خلالها خمسة مكاتب فأكثر والتي يعول عليها المواطنون في حل كثير من المشكلات الفردية التي تحدث بين الخادمة والأسرة التي تعمل لديها. وكانت وزارة العمل قد أعلنت مؤخراً البدء بلائحة شركات الاستقدام في محاولة لتنظيم استقدام العمالة للغير، وكذلك تقديم خدمات العاملات المنزليات بغية استقدام العمالة المهنية التي تتمتع بالخبرة الكافية ، والتي تشمل تنظيم تقديم الخدمات العمالية للأفراد والقطاعين العام والخاص. البداح: هم بحاجتنا أكثر مما نحن بحاجتهم من جانبه قال رئيس اللجنة الوطنية للاستقدام سعد البداح في تصريح مقتضب ل(الرياض) أجرته معه هاتيفاً وهو خارج المملكة: ان مشاكل الاستقدام التي تعاني منها المملكة في الوقت الحالي هي نتيجة لاستغلال المصدرين للعمالة في تلك البلدان للسعوديين ..وقال البداح إن هذا الاستغلال لم يطل المواطنين الخليجيين الذين يستقدمون العمالة المنزلية من تلك البلدان ذاتها ، وذلك بسبب الحماية التي توليها إياهم الجهات المختصة لديهم ..وامتدح البداح عملية إيقاف الاستقدام من الدول التي حاولت استغلال حاجة السعوديين للعمالة ،وقال إنهم بحاجتنا أكثر مما نحن بحاجتهم. السفارات الأجنبية تجاوزت العرف الدبلوماسي من جانبه قال الدكتور صالح الخثلان وأستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك سعود سابقاً ونائب رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان إن تواصل سفارات بعض الدول مع المواطنين السعوديين فيما يخص فرض شروط وإبرام عقود معهم بشكل مباشر فيما يخص استقدام العمالة هو أمر يتنافى مع الأعراف الدبلوماسية ..وشدد على أن اتصال السفارات الأجنبية يجب أن يكون مع وزارة الخارجية فيما يخص أي تحرك من جانب السفارة. واستنكر الدكتور الخثلان التدخل في خصوصيات المواطنين من قبل السفارات الأجنبية ، وقال إن طلب كشف حساب المواطن ،وتحديد موقع منزله ومعرفة راتبه وعدد أفراد أسرته ، جميعها تخضع ضمن الخصوصية للفرد والتي يجب ألا تتدخل فيها جهات خارجية ..ودعا الخثلان وزارة الخارجية والجهات المسؤولة في المملكة للتحرك للحد من هذه التجاوزات التي تبديها بعض السفارات الأجنبية في المملكة.