عابد فهد من الممثلين أصحاب العلامات الفارقة في الدراما العربية، فخياراته الفنية تعكس عشقه للمغامرة وإثارة الجدل، فمن «الطريق إلى كابول» الذي كان محفوفا بالمخاطر مروراً بالحجاج والظاهر بيبرس وهدوء نسبي، ووصولاً لعمله الأبرز هذا العام «الولادة من الخاصرة» الذي تعرضه قناة أبوظبي الأولى خلال شهر رمضان، حيث يؤدي دور ضابط الأمن حاملاً صفات الرجل المتسلط القاسي. عن هذا الدور المركب يتحدث عابد فهد في سياق هذا الحوار: * ما مغزى عنوان «الولادة من الخاصرة» الذي يبدو غريباً بعض الشيء؟ العنوان يطرح الكثير من الأسئلة ويثير فضول المشاهد ويرسم في ذهنه صورة عن الشيء الغريب غير المألوف فكيف للولادة أن تكون من الخاصرة؟ إنها ولادة متعثرة لا شك في ذلك، وأعتقد أن الكاتب سامر رضوان تقصّد أن يضع هذا العنوان بغرض استفزاز مخيلة المشاهد وجعله يسرح في خيال الشخصيات حتى يستنبط المغزى وراء القصة التي تشكل واقعاً حياتياً قاتماً. * كيف لك أن تشرح لنا مبررات قبولك لدور رؤوف ضابط المخابرات الذي ربما تلعبه للمرة الأولى؟ حين قرأت الدور أحسست أنني عدت بالذاكرة إلى تجسيد شخصية الحجاج بن يوسف الثقفي بتسلطه وجبروته وقسوته، فرؤوف يملك كل هذه الصفات ولكن بمقاييس العام 2011، هناك الكثير يمكن أن يغري الممثل للعب مثل هذا النوع من الشخصيات إنها حالة نادرة، وأستطيع القول إنها أتعبتني وأرهقتني وكنت أنتظر لحظة الخلاص منها. * ألا تعتقد أن تجسيد شخصية ضابط المخابرات بهذه الطريقة هي تكريس للصورة السلبية المعروفة عنه عند غالبية الناس؟ لم نقصد تكريس هذا المفهوم فقد أحاط الكاتب الشخصية بالعديد من الظروف التي تحكمت في تصرفاتها المستقبلية، فرؤوف عاش يتيماً وتخلى عنه أقاربه وكانت ردة فعله عنيفة تجاه المجتمع الذي عاقبه مدة عشرين عاماً وجاء اليوم الذي ينتقم فيه، ولو أسقطنا هذه الظروف على أية مهنة أخرى لكنا وجدنا تصرفاتها مشابهة، فالهدف ليس الحديث عن ضابط الأمن كمهنة وإنما إلقاء الضوء على الجوانب النفسية التي تحكم شخصية صاحب السلطة الذي نشأ في ظروف غاية في الصعوبة ثم بعد ذلك تحصل على موقع يؤهله لرد الدين للمجتمع الذي كان قاسياً عليه في وقت من الأوقات. * من خلال قراءتك لنص المسلسل عموماً كيف يمكن تصنفه في خانة الجرأة أم في خانة العمل الصادم؟ هو عمل صادم وجريء في آن، وفي اعتقادي يجب أن تكون الصدمة موجودة في أي عمل فني، فالصدمة تثير الدهشة وتحفز المشاهد على الإقبال على مشاهدة العمل. * وجود سلاف فواخرجي إلى جانبك في المسلسل قد يعيد إلى الأذهان اجتماعكما في مسلسل أسمهان، هل كان ذلك مقصوداً منذ البداية؟ قد يربط الناس بين أسمهان وهذا المسلسل، لكن لا أتصور أن أياً منا كفريق عمل كان يخطط لجمعنا في عمل مشترك على أساس استغلال نجاح أسمهان، ولو أن شيئاً من هذا القبيل قد حصل فأنا اعتبره أمراً خاطئاً فلا يمكن قياس عمل على آخر، أو استثمار شيء ناجح بمجرد نجاحه فقط. * تعاونك الأول مع رشا شربتجي وكلاكما يبحث عن أعمال فارقة في الدراما، كيف تجد نتائجه؟ لا شك أن لرشا اسماً كبيراً بات معروفاً بتميزه على الساحة الدرامية، لكن ما حملني على المشاركة هو النص بشكل رئيسي فهو ما يحفز الممثل أولاً ومن ثم يأتي النظر إلى العوامل الأخرى، أما تجربتي مع رشا فاعتبرها تجربة مميزة اكتشفت من خلالها أنها مخرجة تملك الإحساس المتميز والقدرة على سبر أغوار الشخصية بمختلف أبعادها وهذا أمر يساعد الممثل ويحمله على الإتيان بالأفضل دائماً. * هناك اجتماع عدد من النجوم في عمل واحد، وقد يخيل للبعض أن صراعاً سينشأ بينكم على ترتيب الأسماء، ما رأيك في ذلك؟ المسألة في اعتقادي تعود إلى المخرجة وشركة الإنتاج واعتبارات التسويق أيضاً، ولعل شيئا من التوازن سيكون موجوداً ليرضي جميع الأبطال، لكن ما أؤمن به أن حجم النجم الأول سيحدده الأداء خلال العمل هنا سيكون الاختبار الحقيقي بغض النظر عن الأسماء وحجم نجوميتها. * هل تعتقد أن لعنة النجومية أصابت الدراما السورية كما يحصل لدى نظيرتها المصرية؟ نعم بدأ الكثيرون يقعون في هذا المطب، ويتسابقون إلى لقب النجم الأول ويحاولون إلغاء الآخرين حتى لو كانوا أصحاب تاريخ وإنجازات على الصعيد الفني. * نشاهدك هذا العام متواجداً بشكل كثيف في الدراما السورية بعد غياب، ما سبب هذه العودة؟ كنت في السنوات الماضية في رحلة بحث واكتشاف وكان لا بد من خوض تجارب عربية في اعتقادي أنها هامة، بدأت بتنفيذ عرب لندن، ثم هدوء نسبي، وشاركت في الدراما المصرية في عملي الأخير، لكن الناس دائما يطالبونني بتقديم أعمال سورية خالصة وعدم الاكتفاء بالأعمال العربية المشتركة، ولهذا عدت هذا العام إرضاء لهم، بالإضافة إلى أن النصوص التي عرضت علي كانت جيدة وأغرتني بالعمل فيها. * لا بد أخيراً أن أسألك عن عودتك إلى مرايا ياسر العظمة في سلسلة هذا العام وما الجديد الذي تقدمونه فيها؟ مرايا دائما تحمل الجديد، وأنا شخصياً أستمتع بما يكتبه ياسر العظمة ويؤديه، وأعتقد أن مسلسل مرايا من الأعمال الخالدة في ذاكرة الناس والمطلوبة دائما وعلينا أن نحافظ عليها ما استطعنا.