في مبنى يصعب وصفه في جزء ناءٍ من مدينة اسطنبول جلست امرأة شابة أمام شاشة التلفاز تتابع مشهداً يثير القشعريرة في البدن.وفي أثناء مسحها لجدران الكهف الرطبة توقفت الكاميرا عند رسم بدائي لصورة امرأة ثم تلاشت الصورة لتفسح المجال أمام مشهد لجريمة حديثة وقد رسمت المعالم لجثة امرأة بالطبشور على إسفلت الطريق. وقال اتيلا اولغاك - الممثل الذي يلعب دور الشرير في المسلسلات الدرامية التركية الأكثر شعبية بصوت متوعد في شريط الفيديو التوعوي الذي تشارك عدد من القنوات التلفزيونية التركية في بثه مساهمة منها في حملة قومية ضد جرائم الشرف» في كل عام تسقط عشرات النساء التركيات ضحايا. لا تكونوا جزءً من العار. لا تغمضوا أعينكم عن جرائم القتل التي ترتكب باسم الشرف». ويعد الشريط جزءاً من حملة قومية في تركيا لوقف ما يسمى ب «جرائم الشرف» والتي يقوم فيها الزوج أو احد الأقارب بقتل المرأة لسلوكها الذي يعتبر ماساً بكرامة واحترام العائلة. وقد ادانت منظمات الحقوق في تركيا والخارج منذ فترة طويلة هذه الممارسة الوحشية وغير العادلة ضد المرأة. وكانت المرأة الشابة -42 عاماً- تشاهد لقطات من العرض المسبق لبرنامج تلفزيوني يذاع في فترة الربط بين البرامج اليومية للقنوات التلفزيونية مع بعض المسؤولين في مأوى للنساء. مضت ثلاثة أيام على وصول المرأة الشابة إلى المأوى وهو المكان الأخير في سلسلة تنقلاتها التي هدفت للمحافظة عليها في مأمن من عائلتها التي قررت بضرورة عودتها لزوجها رغم سوء معاملته لها وإلا سيكون مصيرها الموت. وقد تزوجت المرأة التي يعرفها مسؤولو المأوى باسم نازان فقط ضد إرادتها عندما كانت في الخامسة عشرة من عمرها والآن هي أم لثلاثة أطفال. وقالت نازان بانها هربت من بيتها بعد سنوات من سوء المعاملة والضرب وعادت لعائلتها واعلنت لهم بانها تريد الطلاق. وتوسلت أن تبقى في بيت ابيها طلباً للأمان ولكن الأخير اعتبر سلوكها اهانة لشرف عائلتها وفي سبيل اعادتها لزوجها اساء معاملتها هو الآخر وترك ندوباً بالسكين على ذراعيها وقدميها وظهرها. وفقاً للسجلات الرسمية قتلت 43 امرأة تركية في جرائم غسل العار في عام 2004 ولكن ناشطو حقوق الإنسان يقولون بان الرقم اكبر من ذلك بكثير حيث ان بعض العائلات تبلغ عن جرائم القتل بانها انتحار أو تقدم بلاغات عن فقدان أفرادها. وتعتبر جرائم الشرف من الجرائم الشائعة في المناطق الريفية الجنوبية الشرقية من تركيا ووسط الأتراك الفقراء والأقل تعليماً. وفي مدينة ديار بكر التي تعد اكبر مدينة في المنطقة لا يوجد مأوى للنساء الفارات من جحيم الأزواج وقسوة الآباء بالرغم من الجهود التي تبذلها الجماعات المحلية. وقالت ريحان يالصنداق نائبة مدير جمعية حقوق الانسان في ديار بكر» النساء يترددن كثيراً في الحضور إلينا. حتى لو كن يملكن الشجاعة لتقديم شكوى رسمية فلا بد لهن من العودة للمنازل التي شهدت سوء معاملتهن وللعيش وسط نفس الأشخاص الذين شكونهم». واضافت ريحان» هنالك 14 مأوى فقط في تركيا ولا يوجد واحد منها في الجنوب الشرقي». وتعد الحملة الإعلامية في تركيا الأولى في الجهد المشترك ضد جرائم الشرف والتي تجمع بين منظمات حكومية وغير حكومية وعلماء الدين وتمول بمنحة من وزارة الخارجية البريطانية . وتعمل تركيا التي تأمل في الانضمام للاتحاد الأوروبي جاهدة لتحقيق مستويات حقوق الإنسان المطبقة في الغرب وإلى تحديث نظام العدالة الجنائية فيها. وقد ألغى قانون جنائي جديد تمت المصادقة عليه في سبتمبر 2004 «حماية شرف العائلة» الذي كان يعتبر ظرفاً مخففاً للحكم في قضايا القتل واعتمد عقوبات ثقيلة في الادانات في قضايا الشرف. ويدعو قانون تمت المصادقة عليه مؤخراً في البرلمان التركي لايجاد مأوى للنساء في كل مدينة كبيرة في البلاد. ولكن بعض النقاد يقولون بان التغييرات غير كافية حيث توجد ثغرات في القانون الجديد يمكن ان ينفذ من خلالها مرتكبو الجرائم. ٭ (نيو يورك تايمز)