في كل كيلومتر مربع (من أي منطقة حول العالم) لابد وأن توجد حجارة سقطت من المريخ أو القمر أو أحد الأجرام البعيدة وتحولت لقطع صخرية صغيرة.. هذه القطع ليست بجمال الذهب ولا ببريق الألماس ولا بروعة الزمرد، بل قد تكون مجرد حجارة بركانية سوداء قبيحة لا يميزها سوى أنها قطعت ملايين الأميال قبل أن تسقط على الأرض من خلال أحد النيازك (ومن يدري لعلك دست على إحداها بقدمك ذات يوم).. غير أن صعوبة التعرف عليها والتأكد من مصدرها رفعا سعر المؤكد منها لمستويات تفوق الأحجار الكريمة ذاتها.. ففي الولاياتالمتحدة مثلاً لا توجد سوى 12 قطعة موثقة من المريخ (يبلغ مجموع أوزانها 77 كجم) و41 قطعة من القمر (يبلغ مجموع أوزانها 386 كجم) وأكثر من 400 كجم من أعماق الكون مجهولة المصدر.. وحين عرضت محطة كيوفيوسي (للبيع التلفزيوني) أربع قطع من الشظايا المريخية قبل عامين تقريباً اتصل بها في أول ساعة أربعة آلاف زبون زايدوا عليها!! وتعتبر شركة بييت الأمريكية أشهر متداول لهذا النوع من الأحجار وتوزع «كاتالوجاً» يضم عشرات القطع الفضائية التي يتراوح سعرها بين 90 دولاراً إلى 850 الف دولار.. وتدعي الشركة أن 98٪ من مصادرها تأتي من كويكبات المجموعة الشمسية (ويبلغ عددها 40 الفاً) في حين يأتي واحد بالمائة فقط من القمر، ونصف بالمائة من كوكب المريخ، ونصف المائة من المذنبات التي تأتي من شتى أرجاء الكون.. ومن الناحية العلمية تعتبر الحجارة الساقطة ذات قيمة علمية كبيرة لعلماء الفلك والأحياء، فقبل عدة أعوام مثلاً وقع في يد علماء ناسا قطع صخرية من المريخ اعتبرت دليلاً قاطعاً على وجود حياة بدائية قديمة فيه.. فقد وجد العلماء في بنية الحجر جزئيات عضوية كدليل على وجود بكتيريا حية تعيش على المريخ منذ 4,5 مليارات عام.. وكانت هذه القطعة جزءاً من نيزك سقط في القطب الجنوبي قبل 13 الف عام وجدته بالصدفة عالمة جيولوجيا فسلمته لناسا! على أي حال الحجارة الساقطة من السماء لا تعد ذات قيمة تذكر أمام الاكتشاف المدهش الذي ظهر في مايو عام 1998م.. ففي ذلك العام اكتشف علماء الفلك نجماً بحجم الأرض يتكون بشكل كامل من الألماس الخالص (نعم.. الألماس الخالص).. وهذا النجم الفريد يبلغ وزنه 10 مليارات ترليون طن ويطلق أطيافاً زرقاء وخضراء وصلت إلى الأرض من مسافة 11,5 مليار سنة ضوئية. (ولك أن تتصور روعة هذه الجوهرة العملاقة وهي معلقة في الفضاء وتطلق بريقاً أخاذاً يملأ جنبات الكون)!! ورغم ان هذا الخبر يبدو غريباً، إلا ان عدداً من العلماء توقعوا وجود كواكب ونجوم من هذا النوع منذ زمن بعيد.. فنحن نعرف ان الألماس يتكون من الكربون (أو الفحم) وان الفحم يمكن أن يتحول إلى ألماس إذا تعرض لضغط وحرارة شديدتين لوقت طويل (وهذين الشرطين هما في الواقع أساس صناعة الألماس المقلد).. وحين يموت نجم ما «ينكمش» على نفسه فتتولد حرارة هائلة وتتسبب قوى الجذب المركزي في تحويل الكربون إلى ألماس.. وإذا علمنا ان بعض الأحجار الكريمة تتشكل بطريقة مشابهة، فإن هذا يعني ان الكون يضم أيضاً «كواكب كريمة» تتكون بشكل كامل من الياقوت أو الزمرد أو العقيق الخالص!!