يعمل الإعلام الرقمي على نقل الصوت والصورة والحرف رقمياً أو إلكترونياً، بدلاً من الطباعة بالحبر أو الصورة، بما يسمى النظام المتشابه التقليدي. ويُعد الإعلام الرقمي والصحافة الإلكترونية، نتاج لتجربة الإنسان الطويلة مع العمل الإعلامي، وحصوله على تجربة ضخمة مكنته من نقل الحقيقة، حيث بدأ الإنسان في التركيز أكثر على الحصول على المعلومة من خلال "الانترنت"، بسبب التغييرات التي حدثت في المجتمع، وارتباط الكثير ب"الشبكة العنكبوتية"، الأمر الذي فتح آفاقاً كبيرة لإنتشار الأخبار سواء محلية أو عالمية عبر المواقع الالكترونية، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك" و"تويتر" وغيرها. وهنا يجب أن ينظر ل"الإعلام الرقمي" على أنه امتداد ل"الإعلام العام التقليدي"، على اعتبار أنهما يصبان في مصلحة القارئ، من خلال توفير المعلومة الصحيحة، وهو ما يُبحث عنه في النهاية. "الرياض" تطرح الموضوع، لمناقشة المختصين حول الإعلام الرقمي وما يقدمه، إلى جانب معرفة أبرز مميزاته، أو الشروط التي يجب أن تتوفر فيه. خصائص معينة في البداية قال "د.فهد الخريجي" -أستاذ الإعلام في جامعة الملك سعود-: إن الصحافة الإلكترونية لها خصائص معينة ومختلفة، إذ نجد طريقة التحرير والكتابة مختلفة، وكذلك صياغة العناوين وكتابتها، مضيفاً أن ما يسمى بالتفاعلية يُعد أصلاً وأساساً في بناء العمل الصحفي؛ فمثلاً لو أردنا أن نكتب مقالاً عن المملكة ربما نكتب موضوعاً مشابهاً للمواضيع التي نكتبها في الصحافة الورقية، وإنما يكمن الاختلاف في الكمية التي تكتب في الصحافة الإلكترونية، بحيث تكون أقل بكثير مما يكتب في الورقية، وأن يكون الحيز صغيراً، وأن يراعى كذلك مناطق الرؤية البصرية والمشاهدة الحسية والتفاعلية. «الفيس بوك» و«تويتر» يفتحان آفاقاً كبيرة لإنتشار الأخبار وتداولها بسرعة فائقة صورة تفاعلية وذكر أنه عندما نكتب مثلاً عن المملكة ثم نعرج في حديثنا عن مدينة الرياض، ربما هناك أشخاص لا يعرفون شيئاً عن العاصمة، في هذه الحالة نتناول الرياض بصورة تفاعلية أي "حية" تدخل ضمن إطار النصوص النشطة، وللأسف نادراً ما أجد في الصحافة لدينا نصوص نشطة، وهذا خطأ فادح، مبيناً أن النص النشط يجب أن يكون موجوداً في صحافتنا التقليدية، حتى تنطبق عليها خصائص الصحافة الإلكترونية، مشيراً إلى أنه حينما نضغط على كلمة الرياض من المفروض تنقلنا إلى مدنية الرياض، ثم يأتينا سؤال ماذا تريد في مدينة الرياض؟، وهل تريد معلومات عن الملتقيات والمؤتمرات والحوارات السياسية؟، وهل تود التعرف على الجوانب الاقتصادية، أو التعرف على أماكن الترفيه وأماكن أخرى، مع إعطاء نبذة مبسطة عن مدينة الرياض. تقنية حديثة تتيح متابعة الأخبار في أي موقع دعم ومساندة وأكد على أن الإعلام الرقمي هو امتداد للإعلام العام التقليدي، موضحاً أنه يجب ألاّ ينظر إلى الإعلام الرقمي أو إلى الصحافة الإلكترونية أو التجارة الإلكترونية على أنها تهديد مباشر للحاضر، بل هي امتداد وتدخل في إطار الدعم والمساندة للصحافة التقليدية، ذاكراً أنه بدلاً من شراء الجريدة الورقية التي يمكن أن تأخذ حيزاً ووقتاً، يمكنك أن تفتح جهازك وتدخل على الإنترنت وتطلع على الأخبار التي تريدها، مبيناً أن الصحافة الرقمية ليست خطراً على الصحافة التقليدية إذا فكرت تلك الصحف في تطوير ذاتها واستثمار الجمهور الجديد لصالح الصحافة، من خلال تطوير الجوانب الإعلانية داخل الصحيفة الإلكترونية باعتبارها مورداً اقتصادياً بديلاً. قيمة نقدية وأوضح أن القراء حينما يقبلون على المواقع الإلكترونية يقرأون المقالات والمواضيع مجاناً، ولكن هذه القراءة في المقابل تساوي قيمة ورقماً يباع للمعلن، ولعل "جريدة الرياض" تعد من الصحف المتميزة في هذا المجال، مضيفاً أنه إذا دخل عليها مثلاً مليون متابع أو قارئ، فإنهم يساوون قيمة نقدية يجب أن تتعامل بها أمام المعلنين، بشرط تسويقها لهم بطريقة جيدة، مؤكداً على أن هذه من الجوانب التي تُعد في غاية الأهمية بالنسبة للصحافة التقليدية أو الرقمية، مبيناً أن التفاعلية تُعد مهمة وكذلك النصوص النشطة تُعد مهمة، مشيراً إلى أنه إذا تمت كتابة مقال ولم يجد من يقرأه فوراً، فإن ذلك يُعد ميتاً وغير مهم وغير صالح. خصائص التحديث وأكد على أن الصحافة في المملكة الآن مازالت صحافة تقليدية سواء كانت ورقية أو إلكترونية، مبيناً أنها تمر عبر ناقل إلكتروني وليست صحافة إلكترونية؛ لأن الإلكترونية يجب أن يتوفر فيها خصائص التحديث والآنية والنصوص النشطة والتفاعلية، وحول ما نحتاجه من أدوات للتعامل مع الصحافة الإلكترونية والإعلام الرقمي، قال: ينقصنا الخبرات التي تدير هذه الأدوات، ينقصنا الرجل الذي يمكن أن يتعامل مع البرامج المتخصصة في النشر الصحفي بكفاءة وقدرة، وكذلك ينقصنا الصحفي الذي يستطيع إعادة تحرير المقالات وكتابتها إلكترونياً؛ لأن نمط صياغة المواضيع وكتابة العناوين في الصحافة الإلكترونية يختلف عن الورقية. رسائل إعلامية ورأى "د. وديع العزعزي"- أستاذ الإعلام المشارك في جامعة الملك سعود- أن الإعلام الرقمي الآن بدأ يسيطر على جميع شؤون حياتنا، فهو مثل "الجوال" ينقل إلينا رسائل إعلامية، بل وأصبح ما يسمى بالرسائل الدعائية موجودة فيه، موضحاً أن القنوات التلفزيونية تتلقى من خلاله الرسائل الإعلامية وبعض الأخبار، مضيفاً أنه كمثال على ذلك، أحداث ثورات بعض الدول العربية، مشيراً إلى أن الإعلام الرقمي أصبح يؤثر على المحطات التلفزيونية، وكذلك على الأوضاع السياسية والاقتصادية، فكل ما بين أيدينا من جوال وشبكة "انترنت" ووسائط متعددة وأجهزة تلفزيونية، كلها تُعد من ضمن الإعلام الرقمي، الذي يجب أن نلتفت إليه وألاّ نهمل شيئاً منه. الفيس بوك وأضاف: مثلاً ال "فيس بوك" يجب أن تكون للمملكة باع فيه، وأن يكون لرجالها وأبنائها باع فيه كذلك، مبيناً أنه لكي نكون مؤثرين في هذا العالم الذي نحن جزء منه، يجب أن يكون إعلامنا في هذا المجال، ذاكراً أن الإعلام التقليدي يتراجع لكنه موجود وسيبقى موجوداً، لأن ذلك من سنة الحياة، مشيراً إلى أنه عندما ظهر التلفزيون لم تنقرض السينما، وعندما ظهرت الفضائيات لم ينقرض التلفزيون، فكلاهما مكمل للآخر، مؤكداً على أن محطات التلفزيون لم تعد هي الأجهزة المؤثرة إعلامياً، فقد أصبح الإنسان يتنقل بين شبكات الانترنت. عناية خاصة وطالب بإعطاء الإعلام الرقمي عناية خاصة، وأن نواكب تطورات هذا الإعلام، مبيناً أنه قد يكون الاسم كبيراً أو ثقيلاً، ولكن عندما ندخل في منظومته نجد أننا يمكن التعامل معه بكل بساطة؛ لأن لدى أبنائنا من الجيل الجديد من شبابنا القدرة والمهارة للتعامل مع هذه التقنيات أكثر من الجيل القديم، بحكم تعاملهم مع البيئة الحقيقية، متمنياً أن ننطلق مع عالم الإعلام الرقمي وأن نرى صحيفة الكترونية سعودية بالمواصفات الخاصة بالصحيفة الالكترونية وليست التقليدية، واصفاً عمل المؤسسات الصحفية بالجهد الكبير في مجال الصحافة الالكترونية، لكن يجب أن نهتم بالتفاعلية والنشاط والحيوية؛ لأنه إذا لم تتوفر هذه الأمور فليس ذلك من صفات الصحيفة الالكترونية.