لا توجد جهة محددة في المملكة تشرف بالكامل على النشاط الاقتصادي في المملكة - أو على الأقل تتابعه - وتوجهه نحو تحقيق الأهداف التنموية مثل التركيز على الأنشطة الإنتاجية لتخفيف الاعتماد شبه التام على النفط، والأنشطة التي تدرب وتوظف المواطنين، وتوجيه رجال الأعمال إلى المناطق الأقل نموا، وذلك من خلال تحديد رؤية استراتيجية لإدارة النشاط الاقتصادي والتجاري في البلاد، ومن ثم وضع سياسات متكاملة لمنح التراخيص للأنشطة التجارية في مختلف القطاعات والمناطق وسياسات متكاملة للحوافز بحيث تحقق الأهداف التنموية المشار لها وغير ذلك من سياسات ضرورية لإصلاح العديد من جوانب الخلل، ومنها هذا التزاحم الكبير على الأنشطة غير الإنتاجية أو التي تقدم قيمة إضافة محدودة للاقتصاد الوطني ومن ذلك على سبيل المثال المكاتب العقارية حيث أن المملكة هي الدولة الوحيدة في العالم التي تجد في الشارع الواحد من شوارعها عشرات المكاتب العقارية. كما أكاد أجزم أن المدن السعودية الرئيسية تحقق أرقاما قياسية عالميا من حيث أعداد الصيدليات دون أن توظف مواطنا واحدا في حالة لا توجد في أي بقعة في الكون! كما يسيطر الأجانب عبر التستر على ملكية وإدارة معظم محلات التموينات وقطاع التجزئة بشكل عام والذي كان يمكن أن يكون هو القطاع الأكبر من حيث توظيف السعوديين لو تم قصر التوظيف في بعض مؤسسات هذا القطاع على السعوديين والسعوديات عبر تدرج معين، وبعد وضع حد أدنى للأجور، وتقليص ساعات العمل، والذي قد يسهم في تناقص أعداد هذه المؤسسات أو إغلاق بعضها، وهذا أمر ليس سلبيا لأنه سوف يعالج الخلل في سوق العمل في البلاد ويقلل من أعداد الأجانب المسيطرين على هذه المحلات والذي يحارب بعضهم المواطنين. وبدل أن يكون لدينا في كل حي عشر بقالات ليتجاوز المجموع في المملكة أكثر من 100 ألف، يملك ويعمل في معظمها أجانب، أليس الأفضل أن يكون هناك في الحي "سوبر ماركت" واحد شريطة أن يكون جميع العاملين فيه سعوديين، وهذا مجرد مثال نظري لتوضيح وجهة نظري، بينما الموضوع بالكامل يحتاج دراسات متعمقة. وأرى من الضروري الإسراع في إنشاء جهة تشرف على النشاط الاقتصادي في كافة مناطق البلاد وتتولى دراسته وتوجيهه بما يخدم المجتمع والاقتصاد الوطني، والمتابعة العلمية الدقيقة لهذا النشاط ومعالجة سلبياته، أو إسناد المهام المتناثرة حاليا بين عدة جهات إلى إحدى الجهات القائمة بعد دعمها بالخبرات والإمكانيات اللازمة (المجلس الاقتصادي الأعلى أو وزارة الاقتصاد والتخطيط أو وزارة التجارة والصناعة).