والكرة للذي يعرف، هي عبارة عن "كائن دائري له وزنه وثقله ومحط اهتمام الكبار قبل الصغار"، تصنع من مواد معينة ذات ألوان مختلفة وأسعار مختلفة يتقاذفها اللاعبون، قد يتناولونها بين أرجلهم، أو يقذفونها عبر شبكة أو يرمون بها عاليا أو يضربونها بأيديهم أو بمضرب خاص يرفعونه أو يدحرجونها على الأرض. والكرة التي بدأت كوسيلة تسلية صارت صناعة تدر المال وصار نجومها سواء أكانوا يلعبون كرة القدم، أو كرة السلة أو الجولف أم كرة المضرب استثمارا ماليا يدر الملايين. لكن لا أحد يتحدث عن الكرة نفسها إلا عند الهزيمة حين يرددون بأسى" الكرة دوارة"! لنتحدث عن الكرات المدورة. أولا- كرة قدم: توضع الخطط ويركز المدربون وتدفع المبالغ الهائلة لنقل اللاعب من هنا إلى هناك ويتغنى المعلق بإمكانات هذا الفذ ويصبغ عليه من الصفات مالم يسمعها سلاطين زمن مضى في قصائد المديح المفتعلة، ويتجمع مشجعو النادي هذا أو ذاك وتتسارع القنوات للنقل الحصري ويتجمع المحللون ليتحدثوا بجدية مشابهة لمحللي الثورات العربية والسياسية الدولية، يتحدثون باستطراد عن مجريات اللعب والخطط السرية والسلاح الفتاك وتغيير مجريات اللعب. ينطلق اللاعب فرحا حين تصادقه الكرة أو حين يسجل هدفا أو يمنع آخر، قد يقبلها وهو يجري مسرعا قد ينظر إليها بحنان، لكن حين تعانده ويهزم، يوجه كل غضبه لها و "يشوتها" بعنف وقهر وكأنها السبب في كل مآسيه! ثانيا- كرة السلة: اللاعبون بقاماتهم الطويلة أصبحت صورهم تنافس الممثلين والممثلات في المجلات المبهرجة، أخبارهم تتصدر الصفحات كما تشترك معها أخبار المشاهير الذين يحضرون بعضهم مباريات فريقهم المفضل، وتتابع حركاتهم لوضع الكرة في السلة والتعلق بها. ملايين تلاحق هذا الفريق أو ذاك، وصناعة نجوم يمكننا أن نقول إنها تشبه عمليات غسل العقول. ولاعب يقفز فرحا حين يسهم في فوز فريقه وحين يجانبه الحظ، يرمي بالكرة وراء ظهره بعنف وكأنه لا يريد أن يراها رغم أنها سبب شهرته ومصدر أكل عيشه! ثالثا- كرة المضرب: النجم الواحد الذي لا يحتاج لفريق كي يتنافس مع أفراده على النجومية، الجماهير تتسابق على شراء التذاكر كي تتابع هذه المبارة أو تلك في هذه المنافسة المشهورة أو تلك، والمعلقون يتحدثون عن انسيابية حركة المضرب، وعن ثبات القدمين وعن سرعة إرسال الكرة وعن العقد الاحتكاري الخطير الذي فاز به هذا اللاعب أو المبلغ الكبير الذي حصلت عليه هذه اللاعبة من أجل إعلان ما وعن أزياء الجماهير ومن حضر ومن لم يحضر ومن يفكر في أن يحضر فهناك منافسة اجتماعية بين الحضور من فئة "شوفوني شوفوني" وهذه الكرة متوسطة الحجم تنتقل هنا وهناك، وحين تنتهي المباراة تجد المهزوم أحيانا يضرب الكرة بكل قوته نحو أقرب حائط من شدة غضبه! رابعا- هل تشعر أحيانا بأنك كرة، تتقاذفها أيادي و أرجل اللاعبين، كل منهم يوجهها إلى مكان ما بحثا عن نقطة تسجل أو هدف يهتف له الجماهير! أي الكرات أنت؟ المهم أن لا تكون مثل كرة "البينج بونج" صغيرة وتقذف بسرعة خيالية وحين تخذل صاحبها يسحقها بقدمه أو يده حسب المزاج!