الاقمار الصناعية تملا الآن سموات العالم كانها عيون السماء، ترصد حركات الامم والشعوب، فما الذي تفعله هذه الاقمار حقيقة؟ وكيف تعيش في الفضاء البعيد؟ وكيف يمكنها معاونة رواد الفضاء من اول رحلة لهم إلى القمر «6 ديسمبر 1972» والى الكواكب البعيدة بعد ذلك؟ في اللحظة التي تصدر فيها الاوامر باطلاق صاروخ قوي من نوع (ساترن) إلى السماء، ترتجف النفوس وتضطرب القلوب، فالنجاح أو الفشل قد يكون معلقا بخيط واه يذهب معه، في حالة الفشل، تعب الشهور الطويلة واحتراق ملايين الجنيهات في السنة اللهب. واذا كان بمركبة الصاروخ رجال كانت الكارثة اشد وقعا على نفوس الناس. الفضاء العريض عندما ترى وقود الصاروخ، وقد بدا يحترق في وميض ملون مخيف، فان الأرض تمتلىء بدوي يفوق دوي الرعود في الوقت الذي يشق فيه الصاروخ طريقه نحو الفضاء العريض.. وكلما ازدادت سرعة احتراقه للوقود زادت سرعته حتى تبلغ خمسة وعشرين ألف ميل في الساعة، وعندما ينتهي المحرك الاخير من حرق وقوده يكون الصاروخ قد بلغ مداره.. بعد انطلاق الصاروخ يبدا العمل الحقيقي للعلماء، فالهدف الرئيسي من اطلاقه هو اكتشاف ما يحدث هناك في الفضاء البعيد وذلك بارساء قمر صناعي خاص تسجل اجهزته حقائق عدة، وتهتم عقوله الالكترونية بإشرات وكلام اثناء عملها الجاد، ففي السنوات القليلة الماضية اطلقت مئات من الاقمار الصناعية في الفضاء، وهي تدور حولها وتسجل رسائلها واشاراتها أولا باول. حرارة الصاروخ والاقمار الصناعية متعددة الاشكال والاحجام والاغراض، فالقمر الصناعي (نميس) مثلا عبارة عن اجهزة مجنحة ارجوانية اللون تقيس أشعة الشمس، بينما تخرج منه أجزاء تؤدي اعمال تجسس خاصة على درجة كبيرة من الأهمية، فاذا حدث لهذه الاجزاء ادنى خلل، قام العلماء بارسال اشارات خاصة لتصحيح وضعها وحالتها. وفي حالة أخرى كان العلماء يتابعون حركة صاروخ ضخم فلاحظوا انه كان شديد الحرارة فارسلوا في الحال اشارة إلى القمر الصناعي المركب فوقه، لكي تقوم اجهزته اللاسلكية بتبريد درجة حرارة الصاروخ، ونجحت المحاولة وظل الاخير يعمل بانتظام. وفي الاونة الاخيرة استطاع العلماء أن ينقذوا عدداً كبيرا من هذه الاقمار الصناعية، ففي أحد هذه الاقمار فشل جزء من الاجزاء في أداء ما كلف به من التجسس وكانت الرسائل التي ترد من هذا القمر خاطئة، وحاول العلماء معرفة السبب، واخيرا فطن عالم إلى رقم لا يعمل جيدا في الحاسب الالكتروني، فقام باجراء التغيير اللازم، ونجح القمر في ارسال اشارات صحيحة إلى الأرض.. وبدأت في العقود الاخيرة العديد من دول العالم القادرة ماليا على تنفيذ برامج خاصة. مراقبة دائمة والواقع أن الاقمار الصناعية ليست مجرد الات تعمل في مداراتها، بل هي اجهزة علمية دقيقة ذات اهداف هامة لخدمة العلم والانسانية، فهي تستمد قوتها الكهربائية من الشمس أو من اجهزة خاصة وتصور الفضاء الخارجي أو الكرة الأرضية. ويراقب العلماء حركة هذه الاقمار باستخدام الرادار أو التلسكوب، وقد افادت هذه المراقبة في قياس حجم وشكل الكرة الارضية، كما ساعدت على تصحيح وتعديل الخرائط التي نستعملها، ومعرفة الاقمار الصديقة من الاقمار المعادية، واذا حدث وتحطم قمر صناعي إلى جزئيين أو أكثر استمرت المراقبة لحركة الجزئيين ومسارهما وتسجيل ذلك أولا باول. مئات من الاقمار يحيط بالارض نثر العلماء في الفضاء العريض عددا كبيرا من الاقمار الصناعية باتت تحيط بالكرة الارضية، وتحمل هذه الاقمار آلاف القنوات التلفزيونية والارصاد الجوية, وموافاة العلماء بتقارير سريعة عن حالة الطقس والمناطق الاستراتيجية الجديدة. فقد ارسل قمر صناعي «الطائر المبكر» إلى الفضاء البعيد منذ سنوات قليلة وكان يحتوي 240 قناة حول الأرض. ويعمل العلماء حاليا على انشاء اقمار صناعية كبيرة تحتوي على عشرة الاف قناة تصلح للعمل لمدة عشرة سنوات كاملة من دون أن يعتريها أي خطا أو ارتباك، وتنثر على هيئة عقد وقطر كل واحد منها تسعة اقدام ووزنه 1500 رطل. وتمد هذه الاقمار الطائرات بانباء الاحوال الجوية لحظة بعد أخرى وكذلك السفن والبواخر. اقمار عربية ويعمل القمر الواحد حوالي 8860 ساعة في السنة وبعضها يعمل 23640 ساعة، كلاً حسب وزنه وقدرته وما به من اجهزة للبطاريات الدقيقة، ومن وظائف بعض الاقمار الصناعية الكشف عن الاسرار الحربية للدول الكبرى ونقل الاسرار بشفرة معينة إلى مراكز سرية في الكرة الارضية. وقد اطلقت في السنوات الاخيرة عدة اقمار صناعية لصالح دول عربية وخليجية لتقديم العديد من الخدمات التقنية ولقياس مختلف المجالات العلمية قياسا دقيقا ومضبوطاً. وتجدر الاشارة الى ان القياسات التي تقوم بها الاقمار الصناعية نسبة الخطا في ما تقوم به بسيطة جدا، ونجحت هذه الاقمار في قياس بعض الجزر الهامة كهاواي والالسكا وجزر الالوثيان. وقد زودت بكاميرات متحركة تصور جوانب الكرة الارضية، وتطلق هذه الاقمار عادة تجاه نجوم معينة معروفة اماكنها لعلماء الفلك. الأقمار والتنبؤ بالأحوال الجوية هناك انواع من الاقمار الصناعية ارسلت للكشف والتنبؤ عن الاحوال الجوية، منها نوع يضم خمسة اقمار صغيرة ذات عجلات تدور حول العالم في الوقت الحاضر، وثلاثة من هذه الاقمار مزودة بعدسات تصوير دقيقة تلقط الصور اوتوماتيكيا، وترسلها إلى الأرض في الحال، أي إلى أربعمائة محطة مراقبة ارضية منتشرة في اطراف متفرقة من الكرة الارضية، اما القمران الاخران فمزودان بعدسات تصوير تلتقط الصور ثم تخزنها، وتقرا محتوياتها إلى مراكز المراقبة الارضية، واخيرا ترسلها إلى مبنى الادارة العلمية لبحوث الفضاء في كل من الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدةالأمريكية. معلومات هامة وقبل سنوات ارسل قمر صناعي على هيئة بيضة لها اجنحة واحتوى على نوعين من عدسات التصوير السريعة وعدسات التصوير التي تؤجل ارسال الصور إلى الأرض، بجانب عدد آخر من الاجهزة الحساسة الدقيقة المرهفة. وهناك اقمار تكنلوجية تدور حول الأرض على ارتفاع 23000 ميل في وفاق مع سرعة دوران الأرض وفي نقطة ثابتة فوق العالم، وقد اطلق عليها (الأقمار الثابتة)، وهناك قمران من هذا النوع خصص احدهما لتصوير الجو بالالوان، وتمد هذه الاقمار رجال الملاحة الجوية بمعلومات هامة عن الجو لا تستطيع محطات المراقبة الأرضية بما لديها من أجهزة حساسة ان تحصل عليها. وتعطي هذه الاقمار صورة واضحة المعالم للارض بما في ذلك عدد من المناطق التي لا يستطيع ان يراها رجال الأرصاد، لان 20% فقط من سطح الكرة الارضية تغطيه مراكز مراقبة دائمة، أما الاقمار الصناعية فتستطيع ان تغطي الكرة الارضية بأسرها في يوم واحد. ان المعلومات الدقيقة التي ارسلتها الاقمار الصناعية على هيئة صور فتوغرافية عادية وملونة الى مراكز المراقبة الارضية اشتملت على تصوير لسطح الكرة الارضية والسحب الكثيرة التي تغطيها، لكن رجل الارصاد المدرب يستطيع ان يقرا هذه الصور ان يقرا هذه الصور قراءة علمية صحيحة، ويحدد عليها مناطق العواصف، والطرق النفاثة والضباب والثلج ومناطق الطقس الصحو، ويطلع الطيارين عليها لدراستها أيضا قبل مغادرتهم المطارات العالمية، كما يحدد عن طريقها المناطق الثلجية في البحار.