اتخذت مؤسسة قوى الأمن الداخلي قرارا بتطويع دركيات وضابطات في السلك العسكري الذي بقي حكرا على الرجال طيلة 150 عاما على تأسيسها، ما سيشكل قفزة نوعية في السلك العسكري حيث ستنخرط السيدات الجديدات وعددهنّ 400 سيدة باستثناء الضابطات في قطعات قوى الأمن كلها. وتأخذ المؤسسة الأمنية في لبنان على عاتقها توفير البيئة الملائمة للدركيات اللواتي سيبدأن بتسلم مهامهنّ بعد 6 أشهر من اليوم، حيث يخضعن حاليا لدورات تدريبية متخصصة ومكثفة تشرف عليها النقيب سوزان حاج حبيش، وهي علقت شارة ضابط مع سيدة أخرى في دورة تطوع عام 2000 وبالصدفة، إذ صدر إعلان تطوع لضباط اختصاص دون ذكر عبارة «للذكور فقط» وذلك بشكل خاطئ ما فتح الباب أمام السيدتين لدخول هذا السلك الذكوري الطابع الذي يضم 23 ألف عنصر. وعن كيفية تسهيل الطريق أمام السيدات الجديدات انطلاقا من خبرتها تقول النقيب حاج حبيش:» ليس التسهيل هو المطلوب ولا تقليص ساعات العمل بل ربما المطلوب ساعات عمل أطول وانخراط المرأة في قطعات قوى الأمن كافة، ما يتطلب منها مجهودا أكبر لكي تضع نفسها في المستوى ذاته مع الرجل». وتحمل النقيب حاج حبيش شهادة هندسة معلوماتية واتصالات من الجامعة اللبنانية ودبلوماً في المعلوماتية، وبعد 10 أعوام من الخبرة تقول ان «الضابط الناجح هو من يتكيف مع اي نوع من المسؤوليات ومن يضع هدفا ويركز عليه ولا يدع التفاصيل الصغيرة تلهيه عنه». وهي تعتبر بأنها في صلب الحدث ومعنية في إنجاح عملية انخراط النساء في قوى الأمن الداخلي «أؤمن بأنه لا يوجد فارق بين المرأة والرجل، والحكم على الشخص يكون نتيجة أدائه وليس جنسه وذلك بعد أن يتمّ منحه فرصة كما يحدث اليوم في قوى الأمن». لافتة الى أن:» إدخال المرأة الى سلك قوى الأمن يأتي انطلاقا من الإيمان بمبدأ المساواة بين المرأة والرجل، وبأنها تمتلك الطاقات ذاتها، وهي مكوّن أساسي لنصف المجتمع». استنادا الى هذا الإيمان فإن السيدات سيتواجدن في كلّ قطاعات قوى الأمن الداخلي ولن يكنّ محدودات في الإدارات فحسب، « سيتمّ توزيعهن بما يتناسب مع شخصية كلّ امرأة شرط تأمين الشخص المناسب في المكان المناسب». هؤلاء الضابطات والرتيبات الجديدات سيخضعن لدورة تدريبية مدتها 3 أشهر تشمل دراسة قانون قوى الأمن الداخلي الرقم 17 الى موادّ قانونية وكتابة المحاضر والتقارير، وتشمل كيفية التعاطي مع السلاح من فكّ وتركيب ورماية إضافة الى دروس في التنشئة التكتيّة، أي وضع فرضيات عسكرية معينة وكيفية تنفيذها في عمليات تمويه، ما يعني كيفية التهيئة لعمليات أمنية، بالإضافة الى تمارين جسدية وأخرى تتعلق بصقل الشخصية الصلبة المتلائمة مع طبيعة عمل العسكر.» سيلمس المواطن اللبناني نقلة نوعية في خصوصية المرأة وقدرتها على تحمّل مسؤوليات سلطة جديدة لم تعرفها قبلا ما يمنحها مزيدا من الثقة بالنفس، ويجعلها تأخذ حقوقها فتكون حاضرة ضمن الواقع اللبناني». حضور المرأة في قوى الأمن الداخلي سيسدّ ثغرات موجودة في مجال التحقيق والتفتيش وكذلك في عمليات توقيف السيدات حيث من الأفضل إرسال شرطيات. لكن ماذا عن عملية تأهيل العسكر والضباط الذكور بغية نشر ثقافة التعاطي مع الجنس الآخر في السلك العسكري؟ تقول النقيب :» إن مجتمعنا متنوع لكنه ذو طابع ذكوري وقد أخذنا هذا الواقع في الاعتبار وستكون له معالجة جدية ومسؤولة، وبدأنا سلسلة محاضرات لكافة عديد قوى الأمن الداخلي وأخيرا قدّمت شخصيا سلسلة محاضرات حضرها 6 آلاف شخص بموضوع أهمية إشراك المرأة في مجال إنفاذ القانون والشرطة المجتمعيّة، وتبين حجم الاهتمام من خلال الأسئلة التي انهالت وتبينت مدى الحاجة الى أن ينظر هؤلاء الى الأمور بشكل مختلف عما توارثوه ومن الظواهر التي رصدتها أن البعض يعتبر أن نسبة البطالة كبيرة في لبنان ومن غير المجدي إزالة وظائف من أمام الرجل لإيلائها للمرأة ما يبرز غياب ثقافة المساواة فضلا عن تساؤل بعضهم عن الصعوبات الروتينية التي يواجهها العسكر عادة وكيفية تعاطي المرأة معها». وتشير الى أن «المرأة التي تدخل هذا المعترك ستواجه الصعوبات ذاتها التي يواجهها العسكري الذكر لذا يجب عليها معرفة طبيعة الميدان الذي ستخوض غماره وإذا ما كانت تتمتع بالشخصية المناسبة مع هذا النوع من العمل الصلب أما الإضافة التي سيمنحها انخراط المرأة فتظهر في مهارات التواصل وخصوصا مع المجتمع والتي هي أعلى مما هي لدى الرجل وهذا سينعكس إيجابا على كيفية التعاطي مع المواطن». وهل يلعب الجمال دورا في تسهيل مهمة المرأة في السلك العسكري؟ تقول النقيب حاج حبيش:» ما يهم في طبيعة الضابط هو أن يتمتع بكاريزما القائد لأن نوعية عملنا تعتمد على إصدار الأوامر والكاريزما التي يتمتع بها القائد تجعل العسكر يتأثرون به وبأفكاره وينفذون أوامره بلا تردد».