قليلة هي اللحظات التي تتاح للإنسان كي يلتقي بأحد أولئك الذين يضيفون له جملة من الأبعاد والأفكار الجديدة ويعيدون تعريف وتقديم السلوك الإنساني بكثير من القبول والجاذبية والحضور في حياتنا اليومية، بل ويغرسون في دواخلنا هذه القدرات المميزة للتواصل مع ذواتنا ومع الآخرين. ومقابلة الأمير بدر بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز عكست عندي دوماً لقاء رجل تعددت مواهبه وتنوعت مواقفه بمستوى الخبرات العملية والإنسانية التي حازها وعلى صعيد القناعات الحياتية الراسخة التي عمل عليها وظلت منسجمة مع أفكاره وشكلت منظومة من المواقف المميزة التي عبرت بصدق عن شخصية تُعد أنموذجاً فريداً وشاعراً كبيراً ومميزاً في طريقة عرض إبداعه وهو أسلوب حياة لا استغرب تنوعه وثراءه وهي ثقافة الحياة التي لطالما وفرها ومررها بسلاسة بين أبناء الوطن في قصائده الملهمة التي عرضت أجمل المشاعر الإنسانية وأقواها تأثيراً. وهي ذات الرؤية التي توسع فيها ونهل منها في مدرسة والده صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمحسن بن عبدالعزيز - رحمه الله. إن الأمير بدر بن عبدالمحسن يحيلنا إلى احدى الأفكار الذهبية التي تنطلق من أن فن السلوك الأخلاقي ليس تلقيناً نعيد تكراره على أذهان المحيطين بنا بل ان قاعدة إتقان الآخرين له هو قدرتك على تحويل المضامين المجردة إلى واقع من المواقف العملية، وبدر بن عبدالمحسن بالكيفية التي يناقش ويستمع ويطرح مزاياه على من يستمع أو يحضر أمسياته الشعرية على مختلف درجاتهم السنية ومواقعهم الوظيفية ومراكزهم العملية إنما يجدد نسيجاً عريضاً من ثقافة الشعر التي ألفت بين القلوب وعمّقت بداخلهم قيم المواطنة والانتماء. إن ما أود التركيز عليه هو جزء من سيرة إنسان يتجاوز في حضوره وتأثيراته الباهرة مجرد الوجود المظهري على صفحات الحياة إلى شخص يعيد انتاج معنى أن يكون إنساناً مؤثراً وفاعلاً ومفيداً للآخرين.. متطهراً من أدنى سلوك يسلبه فضيلة الانتماء إلى عالم الإنسانية وهو الفضاء الواسع الذي ظل بدر بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز يسلط المزيد من الضياء لإنارة عتماته وإتاحة الفرصة للناس للإفادة من اتساع امكاناته. ولطالما جسدت ملامح بدر بن عبدالمحسن لديّ أوفى أشكال التوازن النفسي والاعتدال المزاجي، فإنني آليت على نفسي أن أدعو رفاق التبرم والتشكي والتقطيب لاستقطاب ابتسامة بدر بن عبدالمحسن، العذبة الممزوجة بتواضعه المتفرد، والتركيز على مضامينها الإنسانية، ورمزيتها العميقة والمضي قُدماً لإشهارها في وجه البؤس والتكبر والكآبة.