تتنوع الأدوار التي يؤديها الناس على مسرح الحياة وفق استيعابهم لطبيعة الأدوار واختيارهم لطريقة الأداء.. وعلى هذا النحو تمنحنا مواقف الحياة باقة متنوعة من النماذج تتمايز في طريقة حضورها وأسلوب تأثيرها.. إنني في الواقع بصدد التركيز على تلكم النماذج الإنسانية المضيئة التي تحيلنا بلطف شديد إلى الانتباه إلى أدوارهم الاستثنائية التي يضطلعون بها في إضفاء الجاذبية والتناغم على حياتنا وضمانة الأواصر وتعزيز التآلف على وجودنا ليتسع مشهد الانبهار عن صورة إنسانية أضفت لمسات لا تضاهى على مكونات الفعل الخيري والعمل الاجتماعي بجملة من المبادرات والمواقف والخصائص المتفردة.. شخصية تعكس في مضمونها وتفاعلها حالة فعل إنساني يسترعي انتباهنا على الدوام ويحفز ثناءنا ويتملك إعجابنا. لقد جسدت سمو الأميرة الجوهرة بنت إبراهيم آل إبراهيم ضمن تجربة متفردة، إثراءً مستمراً للمحتوى الثقافي للعطاء نقلته من كونه مبادرات وقتية إلى أسلوب حياة يتعزز يوميا بين الناس دافعةً أحلامهم إلى أقصى مدى في مسيرة عطاء تغذت على نجاحات وأفكار متجددة للتواصل مع احتياجات الناس، ووقفت كثيراً بنفسها على إطلاق فكرة الإنسان لتستقر على مجالات تحقق جديرة بالتقدير وهي جملة من المكاسب التي تعززت في بيئة خيرية وفَّر لها الملك فهد بن عبدالعزيز يرحمه الله موارد ازدهار وعوامل استمرار ومحفزات أداء طبعت سلوك هذه الأسر النبيلة بما حول التجربة إلى ثقافة سلوكية ومنهج تداعٍ اجتماعي وعن ذلك تقول الأميرة الجوهرة (أعتقد أن ما قدمته كان واجبا قبل كل شيء كما أنه كان بتوجيه وتشجيع من الملك فهد رحمه الله) وهي في نظر المتابعين مدرسة البذل التي ألقت بتأثيراتها الفذة على أنحاء المعمورة لتجعل من المملكة استثناء خاصا وأيقونة فضائل سدت كثيراً من فجوات الاحتياج. والأميرة الجوهرة في سعيها لتلبية استحقاقات عديدة لطالما اعتمدت سرية خاصة في إطلاق بذلها وإيصال لمساتها وهو الوضع الذي استأمنت عليه القائمين على أداء التزاماتها الإنسانية تجاه مستحقيها ومع حرصها على إضفاء طابع السرية على نشاطها الخيري فإن بعض الجهات التي تتلقى دعمها آثرت الإعلان عن ذلك كنوع من تحفيز الآخرين للتأسي بوقفاتها المشرقات وهكذا اتسعت دائرة عطائها لتلبي متطلبات حياتية واستحقاقات اجتماعية وثقافية شديدة التنوع أسهمت بها إلى حد بعيد في تغيير أساليب حياة العديد من الأسر نحو الأفضل. إن مجرد محاولة الوقوف على تقاليد مدرسة العطاء العريقة التي تستمد منها سمو الأميرة الجوهرة آل إبراهيم الحماسة التي تسندها رغبة شخصية لتوفير المزيد من الطاقات لبلورة منهج عمل وتجربة أداء لتعزيز التواصل مع متطلبات الآخرين، ستلفت انتباهنا إلى حجم العمل المؤسسي المدروس وتعدد مساراته الذي تغطي به الأميرة الجوهرة دائرة واسعة تستوعب الاحتياجات الشخصية العاجلة وبرامج العلاج والدعم المتواصل لمدارس تحفيظ القرآن ودعم الجامعات وكليات البنات تحديداً حيث لها في ذلك وقفاتها المشهودة إلى جانب نساء الوطن التي ترجمتها في تبرعاتها المتميزة لدعم نهضتها لتتبوأ مكانتها اللائقة. ولتمتد أياديها البيضاء لجامعة الملك سعود ومستشفاها الجامعي بوقفات مقدرة من الجميع، ولجامعة الملك عبدالعزيز وجامعة الخليج بالبحرين لتجسد ثقافة عطاء معززة بطموحات التحاور مع عصرنا عصر العلوم والاختراعات المتفردة لخدمة مجالات علمية دقيقة كالطب الجزيئي من أجل مخرجات تشخيصية دقيقة ستنعكس حتماً في تقليل المضاعفات ومحاصرة الآلام. وفي مواقع احتياجات المسلمين تبهرنا الأميرة الجوهرة آل إبراهيم بحضورها اللافت وببصمتها الإنسانية الخاصة لتتعدى المتطلبات الوقتية إلى ما هو أبعد تأثيراً وأعمق فائدةً كما في مسجدها اللافت في بورنيو بالبوسنة وما يلحق به من مركز ثقافي مرموق يلقي بتأثيراته على كل أوروبا.. صور من البذل ومواقف الإحسان تعكس مقومات مدرسة الملك فهد في عطاء لا يعرف التردد أمام سؤال الاستحقاق حيث تقول سموها (كان الملك فهد حريصا على غرس القيم الإسلامية الأصيلة وكانوا يرونه يساعد المحتاجين ولا يرد سائلا وكان يحب الناس فتعلم أبناؤه هذه الأفعال واتخذوا منه - يرحمه الله - قدوة حسنة). الجوهرة آل إبراهيم من اسمها تأخذ الجواهر معناها.. ومن فيضها تتعلم الجواهر كيف تدخل الفرح على الناس.. ومن مكانتها العالية أتقنت التفوق وأخذت الصدارة.. حضورها الإنساني في حياتنا كان يعني دوماً: عطاء الغمامات لأرض عطشى.. وظلالاً وارفة في هجير الصحارى.. وماء زلالاً يروي الظمأ ودفئا حنوناً يسد الرمق ويُسكت الأنين.. ولكثير ممن عرفوا وقفاتها فقد جسدت الجوهرة آل إبراهيم كل المعاني الطيبات في نفوسهم تماما.. كسحابة خير تهطل لتحيل الجفاف إلى اخضرار والضرع إلى امتلاء.. لأنهم وجدوها دوماً سباقةً إلى تلبية احتياجاتهم.. مبادرةً بالسؤال عن أحوالهم لإزالة ما علق بهم من أوجاع.. شكراً لوطن أنجب امرأة هي في الواقع نساء كثيرات من المواقف والإغداق والإيراق.. شكراً لوطن جعلنا ننتمي لأرض العز والشموخ أنجبت إحدى الماجدات سيظل التاريخ يكتب اسمها بمداد من نور في سجلات الفخر والثناء.. وشكرا للأميرة الجوهرة آل إبراهيم وهي تجعل افتخارنا بها أجمل قصائد الوطن.. وهبَ الإلهُ إلى الأنام الجوهرة بحر الفضائل والشمائل والقِرى يُمنى تجودُ فتستفيضُ الميسرة قصصٌ من البذل العظيم مُعبِّرة عَطفٌ يُريك الأمنياتِ المزهرة حفظ الإلهُ أميرتنا الجوهرة عبدالله بن صالح بن هران آل سالم - الرياض [email protected]