ومن الأسرار المهمة في مختبر صناعة الأغنية إسهامه في أغنيات أخرى حيث يشارك في وضع مقاطع لا تتجاوز السطر الشعري أو البيت الشعري إذ حدثني مرة أن يوسف المهنا عندما كتب مطلع أغنية" بعاد" طلب منه إكمالها لبراعتها في ذلك غير أنه اقترح فائق عبدالجليل الذي أكمل الأغنية حيث وضع المقطع الثاني "أشتاق أسأل عنكم الأشواق" فيما قد عرض عليه الملحن أحمد باقر الذي كتب ولحن أغنية "يا فلانة عندج خبر" لصالح صوت مصطفى أحمد أن يكمل الأغنية المكتوبة بشكل غير متداول، وهو ثلاثي الوزن هكذا: "يا فلانة عندج خبر / إنج ذبحتيني/ في عيونج الحلوة" ونتيجة التحدي بينهما وضع المقطع الثاني: "قلبي بهواج انجبر/ وإن ما رحمتيني / يا بلوتي بلوة" كذلك عندما استمع إلى أغنية "شمعة الجلاس" (كلمات جاسم شهاب، لحن مرزوق المروق)، وهي لم تكن بهذا الشكل حيث منحها البيت الأول كذلك اسمها الخالد، فقد كانت تبدأ بهذا البيت: "غشيم بالهوا ما داس.. ودروبه من صغر سنه" ولكن لم يرق له، وهذا ناتج عن ذوق وحساسية عالية حيث استنكر أن يوصف الحبيب بأنه (غشيم) فوضع لهم المطلع التالي الذي أصبح عماد الأغنية كلها حين يسترجعها أي أحد: "حبيبي شمعة الجلاس.. ولا كو من يسد عنه" وفي عام 1975 قدم الحديبي مع الملحن خالد الزايد أغنية "حسبت إنج": "حسبت انج تصونين الأمانة / تعرفين الوفا مثلاتي آنه حسبت الطيب في عيونك يبين / حسبت زرع زرعته في مكانه" وقد ذكر لي أنه كتبها في البداية نتيجة تجربة عاطفية حيث كان مطلعها "حسبت انج كفو مثلي وتكانة" لم ترق للملحن الزايد فأشار بأن تتحول إلى "حسبت انج تصونين الأمانة". وذكر أنه كانت أغنية "يا سدرة العشاق" تمثل حدثاً عاطفياً في مراهقته ظل في ذاكرته حتى كتبه عام 1976 حيث شكلت الأغنية عودة لشادي الخليج الذي غاب لعقد كامل من بعد ظهوره مطلع الستينيات، وهي تتصل بشكل قريب من أسلوب كتابة "يا ويلك من الله" التي كتبها لحسين جاسم. وسوف نرى أن خلال فترة الثمانينيات أنه استمرت ورشة العمل بين مبارك الحديبي وغنام الديكان في أغنيات رائعة شكلت حكاية تطورت من مجالها الرومانسي نحو الواقعي متطورة مع التاريخ حيث كانت أوائل تلك الأعمال مع مصطفى أحمد لكن هذا الثنائي رغم انفصاله فترات لأعمال مختلفة إلا أن استمرارهما عاد في أغنيات، خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات، وضعاها لعبدالكريم عبدالقادر ونوال وطلال مداح وسليمان الملا. وقد أخبرني ذات مرة أنه عندما كتب الحديبي أغنية "أنا جيتك" (1985) من ألحان راشد الخضر لنوال كتب ما بعد المقطع الثالث: "أنا ما كان قصدي أقول لك كلمة تجرح خطيت في كلمة يا عمري وأرجوك يا خلي تسمح خطيت ولساني أنا زل والحين يا عيوني شالحل وإن كان قصدك خطاي أنا يا عيوني متأسفة" وقد كتب ضمن تحولات الموضوع مقطعاً لكن رأى الخضر أن الأغنية تمت من دونه فأرجأه لمشروع آخر: "سامحني خطيت خانني التعبير سامحني والغلطة بعد ما تصير عاتبني بالعتاب ارتاح.. عاتبني ريحني سامحني على التقصير" وهو ما سيكون مطلع أغنية جميلة لعبدالكريم عبدالقادر التي وضع لحنها الديكان عام 1987. وضمن ورشة العمل المشترك مع عبدالله الرميثان لصالح صوت نبيل شعيل وضع أغنية خاصة لزواج إحدى الأسر في الخليج، ولكن لطرافتها حيث تكمل مسلسل نبيل شعيل في أغنيات عربية الطابع من خلال توظيف إيقاعات بألوان مصرية ومغربية ويمنية وكانت أغنية عاطفية بعد تعديل كلماتها، عدل عن أن تكون أغنية خاصة نحو جعلها أغنية عاطفية حلقت فترة صدورها وهي "هلي يا قمرا" (1990). ولعلنا نذكر من كلماتها: "هلي يا قمرا علينا.. نوري ليالي السهارى خلي الليالي تغني بأحلى معنى وعبارة يداعب نورج خيالي يزين كل الليالي ليل الهوى والحبايب صابر وطال انتظاره"..