يمثل الحي السكني جزءا هاما في حياة أفراد المجتمع، ويُعد أكبر مؤثر في سلوكياتهم، فهو عبارة عن حيز مكاني لتجمع سكاني يشترك في الخدمات الأساسية من صحية وتعليمية وتجارية، تكون عادةً ضمن مسافة قريبة من بعضها بهدف تعزيز الحيوية والنشاط والتواصل في الحي السكني، ومما لاشك فيه أن لبيئة الأحياء السكنية دورا في تشكيل القالب الأساسي لشخصية الإنسان وسلوكه فهي ذات تأثير مباشر على مساره في الحياة سواء إيجابية أو سلبية. إن الوضع الراهن للأحياء السكنية الذي يتمثل في مساكن أفقية ومبانٍ متعددة الأدوار تحيط بها طرق شبكية بعروض مختلفة لا تقل عن 12م ، إضافة إلى بعض المساجد والحدائق الموزعة عشوائياً، أما المدارس ومباني الخدمات إن وجدت فهي عبارة عن مبانٍ مستأجرة لا يتناسب تصميمها ومواقعها مع وظيفتها الخدمية، فهذا النمط التخطيطي الذي جاء منذ بداية الخمسينات، وذلك لسهولة التنفيذ وسرعته، وانخفاض التكلفة، واستمر إلى وقتنا الحاضر مما أدى إلى انتشار العديد من المشاكل العمرانية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية. إن تحقيق معيار الجودة والكفاءة في بيئة الأحياء السكنية يتطلب مراعاة الظروف الطبيعية، وتوفير العناصر المكونة للبيئة السكنية المستدامة التي تؤمن احتياجات السكان، وتحقق المرتكزات التصميمية والتي من أهمها: سهولة الوصول، والخصوصية، وتوفير الأمان. لذلك أجد أن وزارة الإسكان أمام مسؤولية كبرى للعمل مع أمانات وبلديات المدن لتوفير أحياء سكنية مستدامة في مشاريعها السكنية التي تعمل عليها حالياً، بحيث تكون بيئة الأحياء السكنية ملائمة وملبية لاحتياجات ساكنيها الحالية والمستقبلية كي تؤثر فيهم تأثيراً إيجابياً، وذلك من خلال تبني أنماط حديثة من التخطيط تساعد في إحياء الروح الاجتماعية للوحدة والمجموعة السكنية وللمجتمع ككل داخل الأحياء السكنية، والنظر في ذلك بنظرة شمولية جنباً إلى جنب مع توفير الوحدات السكنية خصوصاً ونحن نعيش مرحلة دعم كبرى لقطاع الإسكان. * متخصص في التخطيط والتصميم العمراني