يتفنون في مدلولاتها، بل ويتقنون وضعها في مكان بارز من السيارة، كي يشاهدها البعيد قبل القريب، تختلف في معانيها وأفكارها من شخص إلى آخر، يحرصون كثيراً على إبراز أفكارهم وتوجهاتهم وربما مشاعرهم على زجاج مركباتهم، كنوع من حرية التعبير، أو إثبات الذات و"الأنا"، تحت وطأة عامل المراهقة، الذي يفرض الكثير من التوجهات على أولئك الشباب. ولا يختلف اثنان أن انتشار أي عادة لها مسبباتها، حيث يقف التميز أمام البعض سبباً مباشراً، كما أن البعض الآخر يعبر عن ما بداخله من "معاناة" و"حب" و"غرام" ب"التلميح" فقط، وعدم توضيح أكثر من ذلك. "الرياض" حاولت الاقتراب أكثر من هؤلاء الشباب لمعرفة أهداف الملصقات، وإلى أي مدى أصبحت هذه الفكرة رائجة بينهم؟. عبارات مبهمة في البداية برّر "فهد يحيى" سبب وضع هذه الأبيات الشعرية ومقطوعات من أغان معروفة ومشهورة على مركبته؛ بأنها تُعد نوعاً من التعبير عن المكنون الذي لا نستطيع البوح به أو إظهاره، لنضع جزءاً من حقيقته أمام كل الناس بشكل مبهم، أو كدلالة على التميز لدى البعض الآخر، مشيراً إلى أن أفضل ما يمكن وضعه هو الأبيات الشعرية. وأوضح "نواف السلمي" أن العبارات المبهمة هي ما يروق له، بل ويحرص على وضعها دون تردد؛ لكي تميزه بين أقرانه، ويصبح معروفاً بها، دون الإجابة عن مدلولاتها، باستثناء المقربين منه طبعاً، مؤكداً على أنها غير مكلفة وبسيطة وفي متناول الجميع، وتستخدم من قبل غالبية الشباب. عبدالله القمشة تقليد أعمى وأشار "عبد الله القمشة" إلى أن مسببات هذه الظاهرة المتفشية بين أوساط الشباب متعددة، تبدأ من مخرجات المنزل التي نشأ عليها هذا الشاب، مضيفاً انها هي ما يُسير تصرفاته ويصقلها على أي اتجاه كان، لافتاً إلى أن هذه الظاهرة انتشرت بشكل كبير جداًّ بين الشباب؛ بسبب التقليد الأعمى فيما بينهم، فتجد أن كلاً من أولئك يحرص أشد الحرص على أن يكون مميزاً بين أصحابه، لافتاً إلى أن الهواتف الخلوية الحديثة كانت سبباً رئيساً في انتشار هذه الظاهرة، لما تشكله في إبراز الألقاب والمسميات، وانتقلت بعد ذلك إلى نطاق أوسع ليصل إلى السيارات الشخصية لأولئك الشباب. نايف السبيعي نفسية وعاطفية وقال "نايف السبيعي": إن مسببات هذه الظاهرة هي نفسية وعاطفية أكثر من غيرها، ف"الكبت" الذي يمر به الشاب يجبره على إخراج العبارات على أي شكل كان وبأي صفة، لذا لابد أن يكون العلاج من عدة جهات سواء كانت نظامية تمنع هذه الظاهرة، أو إتاحة طرق أخرى للتعبير بشكل أفضل حسب ما يوصي به المختصون في هذا المجال، مشيراً إلى أن السبب الرئيسي في التوجه نحو وضعها على السيارات، إنما هو إيقان منهم بأنها ستكون على مرأى من الجميع، وبالفعل أصبحت واضحة وجلية في كل مكان تتجول فيه. خالف تعرف وأكد "محمد الهاجري" على أن عدم القدرة على التعبير والمواجهة، من أهم الأسباب الواقفة خلف كتابة هذه العبارات، كنوع من الإفصاح للغير بما يدور في الذهن، وأنهم بذلك استطاعوا الهروب من المواقف التي لا يستطيعون مواجهتها، وخصوصاً إن كانت تنم عن مشاعر عاطفية مكبوتة، ذاكراً أن مبدأ: "خالف تعرف"، له الأولوية الكبرى في هذا المجال، فالشاب عادة ما يمر بمرحلة تكوين الشخصية وبنائها، وإيجاد المكان المناسب من خلال هذه التصرفات والسلوكيات، فغالبية متوسط أعمار هذه الفئة تقع ما بين (15) عاماً و(25) عاماً، ناصحاً بوجود علاج إيجابي لها، مع تغيير النمط الذي يسلكه أولئك الشباب دون كبت طاقاتهم قطعاً. يحيى حسين ليست سيئة وقال "عبد الله الخالدي": إن هذه العادة ليست سيئة، وإنما تُعد نوعاً من أنواع التعبير، شريطة أن تكون في حدود الأدب والأخلاق العامة، مضيفاً: "نشاهد بعض أبيات الشعر التي تعد جميلة ورائعة وتضفي لمسة جمال وتكون معبرة، وما دون ذلك من عبارات تتعدى حدود الذوق العام فهي مرفوضة وغير مقبولة؛ لأنها تنافي عاداتنا وتقاليدنا التي نشأ عليها الشباب بشكل عام"، ناصحاً بضرورة الالتزام بالأخلاق الطيبة والاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم في جملة أخلاقه وعاداته. نوع من الغموض وأوضح "يحيى حسين" أن هذه العبارات في الغالب تكون غير واضحة ومبهمة للقارئ، مما يخلق نوعاً الغموض في شخصية هذا الشاب الذي وضعها، أو تعبر عن حجم الألم والمعاناة التي يعاصرها ولا يجد من يفهمه، مضيفاً أن أولئك الشباب هم ثروة لهذا البلد، ويجب المحافظة عليهم، إلى جانب بحث كل ما يعيق إبداعاتهم ومحاولة صقلها وتوجيهها في الطريق السليم، ليكونوا في الغد رجالاً مثمرين، مع محاولة بحث خفايا هذه العادة من قبل الأخصائيين النفسيين، من حيث مسبباتها وطرق علاجها، وكيف يمكن احتواء هذه الفئة الغالية على قلوبنا جميعاً؟.