أحياناً يعيش الواحد منا لحظات تذمر شديدة يتمنى وقتها أنه يعيش في كوكب آخر غير هذا الكوكب أو على الأقل أن يعيش وسط شعب يحترم النظام نظراً لتضرره من سلوكيات البعض من العشوائيين في الشارع الذين لا تهمهم تعاليم دينية ولا ثقافات ولا مبادئ وأخلاقيات ولايحترمون الذوق العام، وبالرغم من كوننا مجتمعا ينتمي للدين الإسلامي الذي يحث على إماطة الأذى عن الطريق؛ إلا أنّ هناك أناسا هم أساساً أذى بالطريق. فمنهم من لا يحترم حقوق الطريق ويعتبر الشارع العام ملكا له يوقف سيارته متى شاء في أي مكان شاء وكيف شاء وربما أوقف سيارته خلف سيارة أخرى وذهب لقضاء حوائجه دون أدنى تفكير في الأنظمة والقوانين المرورية أو في مشاعر صاحب تلك السيارة الذي ربما يقف طويلا وهو ينتظر ذلك البلطجي لكي يطلق سراحه من سجن تعسفي وضح النهار، ومنهم من يوقف سيارته في وقت متأخر من الليل أمام بوابة أحد المباني السكنية القريبة من سكن أحد أقاربه وعندما يستيقظ صاحب المنزل صباحا يريد توصيل أبنائه وبناته إلى مدارسهم ومن ثم الذهاب إلى عمله مبكراً يفاجأ بأنه محتجز داخل فناء منزله؛ ليبدأ رحلة التفكير في حل للخروج من هذا المأزق وبالتالي يجد نفسه حائراً بين العديد من الأسئلة، فهل يطرق جميع أبواب الشقق السكنية الموجودة في العمائر المجاورة بحثا عن صاحب تلك السيارة؟ وكم المدة التي ستستغرقها رحلة البحث عن صاحب السيارة؟ أو هل يتصل بدوريات المرور ليجلس ينتظر لأكثر من ساعة؟ نظراً لانشغال دوريات المرور في وقت الذروة، أم يستأجر سيارة أجرة ليقع فريسة بين أنياب سائقي الأجرة الذين يرفعون الأسعار تزامنا مع أوقات الدوام الرسمي ليصطادون زبائنهم في الماء العكر؟ "الرياض" سلطت الضوء على هذه الظاهرة التي تدل على تجرد من يصر عليها من الأخلاق والمبادئ، نظراً لما تسببه من أضرار على الآخرين وعرقلة للسير وإخلال بالحركة المرورية وربما تتسبب في حوادث مرورية أليمة، حيث إنّ هذه السلوكيات تعتبر صورة من صور التجاوز والتعدي على حقوق الآخرين من جهة وعلى الأنظمة والقواعد المرورية من جهة أخرى وتعكس ضعف الوعي والثقافة المرورية لدى مرتكبيها. الوقوف أمام منازل الآخرين مزعج ويزيد من «خلافات الجيران» الدين المعاملة بداية أوضح "إسماعيل المزمومي" -معلم تربية إسلامية- أنّ التسبب في تعطيل مصالح الآخرين يأثم صاحبه، متأسفاً كثيراً من ظاهرة الوقوف بشكل عشوائي وإغلاق الطرق على الناس منتشرة بكثرة في مختلف المناطق في بلادنا، ولا يخلو يوم من الأيام إلا وأنت تشاهد صاحب سيارة قد أوقفها خلف سيارة أخرى وذهب أو تسمع أحد رفاقك يشتكي من قصة مماثلة، ونحن كمسلمين يجب أن نحترم ديننا الإسلامي أولا ونتعامل مع الآخرين بكل احترام؛ لأنّ رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم قال: "الدين المعاملة"، متمنياً الوقوف كثيراً عند هذا الحديث وأن نعامل الآخرين باحترام حتى ندخل في دائرة الدين إذ لا دين لمن يسيء التعامل مع الآخرين أو لا يحترم مشاعر الآخرين أو يتسبب في ضياع مصالحهم أو تعطيلها، كما يتوجب علينا أن نحترم حقوق الجار وأن لا نتسبب في أذيته بأي شكل من الأشكال ومن ذلك عدم التعدي على مواقف منزل الجار، ولا أدري لماذا تجاهلنا تعاليم ديننا الحنيف حتى تفوقت علينا الأمم الأخرى في جانب احترام حقوق الآخرين والمحافظة على النظام حتى أصبحنا نحن مجتمعا شبه متخلف. سائق سيارة غير مبال يغلق على الآخرين من أمن العقوبة أساء الأدب وقال "سعد الشريف": "كنت في مكتب العمل أراجع معاملة عندما اتصلت علي زوجتي، وهي في أيام المخاض تخبرني ببداية إحساسها بطلق الولادة حينها خرجت مسرعاً إلى الشارع متجها نحو سيارتي، وقد أخرجت المفتاح اختصاراً للوقت، وعند وصولي إلى موقف سيارتي وجدت سيارة أخرى تقف خلفها فتحت سيارتي، وأطلقت أصوات منبه السيارة عدت مرات لعل صاحب تلك السيارة يسمع الصوت ويحضر سريعاً ولكن بدون جدوى، عندئذ أوقفت سيارة أجرة (ليموزين)، وتوجهت إلى المنزل أخذت زوجتي وطلبت من سائق الأجرة التوجه إلى مستشفى الولادة، وبعد دخول زوجتي للطوارئ طلب مني أحد موظفي الاستقبال بطاقة (كرت العائلة) فأخبرته بأنني نسيته في السيارة، فقال لي: لن يتم قبولها وتوليدها إلا ببطاقة العائلة فخرجت من المستشفى واستأجرت سيارة أجرة أخرى وتوجهت لسيارتي ووجدتها ما زالت محتجزة، وأخذت بطاقة العائلة ورجعت بسيارة أجرة إلى المستشفى، وبعد أن وضعت واستقرت حالتها وحالة المولود استأجرت للمرة الخامسة سيارة أجرة، وتوجهت إلى مقر مكتب العمل لأجد سيارتي تقف وحدها بالمواقف؛ لأنّ الدوام كان قد انتهى وعدت إلى المنزل"، مضيفاً: لماذا لا تقوم دوريات المرور بتكثيف جولاتها الميدانية واحتجاز كل مركبة تقف بشكل خاطئ وتسبب في مضايقة الآخرين مثلما هو حاصل في معظم الدول المتقدمة لكي نتخلص من هذه الظاهرة؛ التي تدل على سوء أدب ناتج عن عدم الخوف من العقوبة وصدق قول القائل من أمن العقوبة أساء الأدب. رجل مرور يحرر مخالفة ضد مخالف مَن المسؤول؟ وقال "عبدالله الحارثي": "استيقظت منذ الصباح الباكر وأيقظت أبنائي وبناتي لأجل إيصالهم إلى مدارسهم قبل التوجه إلى مقر عملي، وبعد أن ركبنا جميعا في السيارة وفتحت بوابة فناء المنزل تفاجأت بسيارة تقف أمام البوابة مغلقة طريق الخروج من المنزل تماماً، عندها أرسلت ابني ليسأل كل سكان الشقق في العمائر السكنية المجاورة عن صاحب تلك السيارة، لكنه عاد بعد نصف ساعة ليخبرني أنه لم يجد أحدا يعرف سيارة بنفس أوصافها حينها توجهت مشياً على الأقدام نحو الشارع العام الذي يبعد عن منزلي قرابة 600 متر؛ لكي أبحث عن سيارة أجرة وبعد أن وجدت سيارة أجرة وأخبرته بمواقع مدارس الأولاد وبموقع عملي طلب من مقابل ذلك200 ريال، وليت الأمر اقتصر على ذلك وحسب بل وصل جميع أولادي إلى مدارسهم متأخرين وسجلت المدارس عليهم تأخرا صباحيا يستوجب الحسم من درجات المواظبة، وحصلت أنا أيضا على مساءلة من رئيسي بالعمل نتيجة تأخري عن الحضور، فمن المسؤول عن كل ذلك نحن أم ذلك الشخص البلطجي الذي لم يسائله أحد! ضربني وبكى! وقال "حامد الفضيل": "بعد عودتي من عملي بعد الظهر وجدت سيارة تقف أمام بوابة منزلي ولم أجد موقفاً لسيارتي؛ إلا في آخر الشارع فأوقفتها وعدت مشياً على الأقدام إلى منزلي ومن شدة غضبي على ذلك الشخص قمت بإفراغ هواء الإطارات، ودخلت إلى منزلي وبعد نصف ساعة تقريباً استيقظت على صوت جرس منزلي، وقمتُ بفتح الباب لأجد عاملا باكستانيا برفقته رجل أمن واقف على باب منزلي يسألني: هل أنت من قام بتفريغ الهواء من إطارات هذه السيارة؟ قلت نعم، فقال: إما أن تقوم بفك جميع الإطارات وتقوم بتعبئتها أو تتوجه معي للتوقيف، فقلت هو الذي جر ذلك على نفسه ووقف أمام باب منزلي وأنا كاتب على جدار المنزل ممنوع الوقوف"، مضيفاً: إنّ رجل الأمن أصر على كلامه فقمت أنا بفك الإطارات الأربع وحملتها بسيارتي إلى أقرب محل تصليح كفرات، وقمت بتعبئتها بالهواء ثم قمت بتركيبها وأنا أردد المثل القائل: (ضربني وبكى وسبقني واشتكى)، والباكستاني صاحب السيارة جالس تحت ظل شجرة حتى انتهيت من تركيب جميع الإطارات وأخذ سيارته وذهب.