سلمان بن سلطان يرعى أعمال «منتدى المدينة للاستثمار»    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    المملكة تستضيف اجتماع وزراء الأمن السيبراني العرب.. اليوم    تباطؤ النمو الصيني يثقل كاهل توقعات الطلب العالمي على النفط    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    مشيدًا بدعم القيادة لترسيخ العدالة.. د. الصمعاني: المملكة حققت نقلة تشريعية وقانونية تاريخية يقودها سمو ولي العهد    مترو الرياض    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    إن لم تكن معي    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اجتهدت لخلق مصطلحاتي التي تعبرعن مشروعي
سالمة الموشي في كتابها النقدي الأول (الحريم الثقافي بين الثابت والمتحول):
نشر في الرياض يوم 12 - 05 - 2005


مدخل:
سالمة الموشي كاتبة وجدت نفسها تعمل في الصحافة بينما أرادت أن تكون كاتبة، بدأت العمل كصحافية في منتصف العام 2000 في مجلة اليمامة وكتبت العديد من المقالات الأدبية والنقدية في عدد من الصحف المحلية، كتبت زاوية شبه يومية في جريدة الاقتصادية، تخرجت من كلية الآداب في العام2001 أصدرت كتابها الأول (الحريم الثقافي بين الثابت والمتحول) في نهاية ال 2004 لها كتابات متفرقة في الفكر النسوي وقضايا إبداع المرأة. تتطلع الى إيجاد متاح مختلف للكتابة الأدبية للمرأة للتعبير عن الهوية الإبداعية بشكل مغاير لما هو سائد وهو ما عملت عليه من خلال كتاب الحريم الثقافي بين الثابت والمتحول.
ذكرت في بداية كتابك في مقالتك (بانوراما امرأة ارتدت حلة الخصوصية) كيف تكون الخصوصية خطابا فكريا يعمل فينا كما لوكان خالدا إزاء هذا الفيض المعرفي وفي عولمة تكتسح الخصوصية أيا كان شكلها وتشكلها؟
- الخصوصية التي تحدثت عنها كونها خطابا فكريا يعمل فينا كما لو كان خالدا هي ظهرت على نحو كونها(خصوصية) في الوقت الذي أصبحنا نصطدم بمعطيات الحداثة والعولمة و المتغير. والمرأة التي ارتدت حلة الخصوصية هنا هي تلك التي انتهجت الكتابة فيما بعد دون أن تنشىء رؤية جديدة ومغايرة فهي تتحرك في مجال حلزوني ودائرة مغلقة لا تؤدي الى مكان. فهي قد حولت التجربة الكتابية باتجاه طبيعة خاصة هي كما وجدت الحريم الثقافي، وهو يعمل كما لو كان خالدا نتاج شكل المكون المعرفي الذي طال المرأة والذي موضوعه عقلنة خاصة خاصية المكان والزمان. ولابد أن ما يحدث في حاضرنا اليوم هو ابتلاء شديد الوطأة للذاكرة والتاريخ والخصوصية التي بدأنا نتسلل منها أو تتسلل منا سرا وعلانية وبقدر ما انتمينا طويلا ليوتوبيا خصوصيتنا فإن هذه اليوتوبيا تنفصل عنا او ننفصل عنها على طريقة النهايات الكبرى دون أن يكون لدينا البديل من هذا المنطلق تحدثت عن الخصوصية.
(صيرورة المتحول) لغة نقدية ذكية في تطوير دلالة إرادة الاختيار الذي لا مفر منه.فيما يتعلق بالتعليم المؤسسي للفتاة الذي صاغ بتمكن - كما ذكرت - الذوات الأنثوية بحيث حدث مع تقنينه نفي للمعرفة.. ما التصور الذي أردت تقريبه للمتلقي بين صيرورة المتحول والانزياح المعرفي الحاصل وإرادة الاختيار؟ وكيف - من وجهة نظرك تبنت المؤسسة التعليمية مشروعها لعزل الذات الأنثوية؟
- الكتابة عن صيرورة المتحول هي أن نفتح الأفق التاريخي للتعايش معه وليس لتحويله الى ضاغط معرفي. فالتصور الذي أردت تقريبه للمتلقي هو طرح السؤال الحيوي في صيرورة المتحول عند المرأة إلى أي مدى أعمل فيها من خلال خروجها من المؤسسة التعليمة التي عملت من عمق مكونها وفلسفتها على تكريس مبدأ الثابت المعرفي الثقافي. المؤسسة التعليمية أتقنت بناء المضمار الأكثر أمانا لتحديد معالم وعي الذات الأنثوية من خلال النسق المقنن من اجل كيان أنثوي يتمتع بصحة ذهنية وحركية خاصة، فرض إرادة الاختيار وليس اختيار الإرادة وهو الذي كان العنوان العريض الذي انضوت تحته الأنثوي بوصفها مشروع المؤسسة التعليمة والثقافية الشديد الخصوصية.
ذكرت في كتابك (أ، المؤسسة الثقافية وجه آخر للمؤسسة التعليمية تعبر عما ينبغي وليس عما نحن عليه. ألاترين أنك ظلمت المؤسسة الثقافية بكل ما حفلت به من حداثة وخصوصية بمقارنة ومقاربة من هذا النوع؟
- المؤسسة الثقافية لابد أن تعني الثقافة بكل ما يعني هذا البعد، وإذا كان لابد لهذه المؤسسة الثقافية من وجه آخر فهو بدون شك المؤسسة التعليمة فالثقافة إنتاج للمتغير، وللفكر عند الإنسان وليست مضمارا لتنميطه، من هنا يمكن قراءة صيرورة ادلجة المؤسسة بكل إشكالها. الإبداع الذي ندعيه في ظاهرة الحريم الثقافي في أدبنا المحلي تزداد وضوحا كلما تأملنا المعطى الثقافي الذي تنتجه المؤسسة، المجتمع، المعيار...... هذا ما حاولت ان أتتبعه من خلال كتابي بين الثابت والمتحول للحريم الثقافي بمعنى البحث في جذر القوى المحركة والحقيقية في تكاثر عقلية الحريم الثقافي وتزايدها. هي ليست ظلماً أو مزايدة بهذا المعنى باعتبار ما انتهجته هو جدل مدى تأثير المعيار المؤسسي وتأثيره في الوعي الأنثوي والنسق الإبداعي.
تحدثت عن (الانحباس في ذاكرة الحريم) والتي عددتها مشاكسة لمضمونها و تناولت حالة البكاء التي يحفل بها القلم النسوي قائلة (لم تتخلص الكتابة الإبداعية عند المرأة من الانتماء الرومانسي مثلما لم تنتم إلى ذاتها أو إلى صوتها الداخلي في كل ما كتبته حتى اليوم بوصفه إبداعاً)، ألاترين أن في هذه النظرة التحليلية مبالغة وتغاض عن تجارب أخرى أكثر تجاوزا لما ذكرت؟
- لا أجد مبالغة في أي مما ورد في الجزء المعنون ب(الانحباس في ذاكرة الحريم) بقدر ما هناك مبالغة في التسليم بتصديق وجود هذه الذاكرة في كتابة المرأة والإصدار المحلي..!!
هناك انحباس حقيقي داخل الاستسلام الشبه كامل لممارسة الدور الشهرزادي للمحكي ربما للإبقاء على يوم آخر.. كما فعلت شهرزاد هربا من الموت والفناء ! وإذا كان هناك من تجارب أكثر تجاوزا أو خروجا من الانحباس في ذاكرة الحريم فسيكون هذا من دواعي ابتهاجي الحقيقي.
الكتابة عن نمطية كتابة المرأة باعتبارها حريما ليس موقفا ضد الحريم ككائنات أنثوية بل هو تفكيك لمكون عزلة المرأة، وعدم أهليتها لإنتاج خطاب في سياقي الوعي والهوية فقد اختلقت المرأة لغة كتابية مدارها المحوري التعبير عن القهر والقمع الاجتماعي والأسري في سرد بكائي طويل وهو ما لم تتمكن من خلاله أو عبره من أن تصل بالنص الأدبي إلى ذلك الخطاب التفكيكي القادر على التناول الواعي لكل ما هو جوهري بالتحكم بسياق الوعي لا بتركه على عواهنه.
يشعر القارئ بإيحاء أولي قبل قراءة مضمون الكتاب يتأكد نوعا ما بعد القراءة الضمنية يربط بين الحريم السياسي للمفكرة المغربية فاطمة المرنيسي والحريم الثقافي فكيف تأولين للقارئ هذا التوارد؟.
- إيحاء... ربما لكن ليس هناك رابط بشكل من الأشكال إلا من كلمة (حريم) وهي الكلمة التي تأخذ أكثر من معنى في سياقها، وحسب معرفتي بتوجه كتابات فاطمة المرنيسي وفي الحريم السياسي تحديدا فانها تتناول من خلاله المسائل الفقهية في شأن المرأة مثل الولاية، ودور نساء النبي عليه السلام في الدولة الاسلامية ولا علاقة له بما تناولته في كتابي الحريم الثقافي بين الثابت والمتحول الذي تناولت فيه النتاج الأدبي عند الكاتبة وغياب الخطاب الإبداعي الفكري الجاد في ما تنتجه. بمعنى آخر هناك الكثير من الإسقاطات حدثت للمرأة بين الثابت كواقع والمتحول كصيرورة وهو الذي عملت على تفسيره من خلال ربطه بالمتعلم الأولي للذات الكاتبة واستزراع العقل الأنثوي بخصوصية وتنميطه بعد ذلك في النتاج الأدبي عند الكاتبة المحلية وقد أكدت على أن الذات الكاتبة / المرأة تحولت إلى موضوع اجتماعي وليس ذاتا ثقافية.
في مقالة أخرى عنوانها (الحكي من محتبساتهن) ذكرت: (دائما (أنا) مقابل ال(هم)دائما هناك قاهر موضوعي واجتماعي وجغرافي) وتوصلت إلى نتيجة حتمية هي: أن السنوات الماضية للكتابة الأنثوية المحلية، بقدر من الاتباعية في بناءات النص، وهوماقد يفسر وجود نماذج مكررة تماما انتهجت التقليد؟ فكيف في مقابل ذلك رأيت أيضا أن الخطاب الركيك أدى إلى توسيع دائرة المحتبس المكاني إلى محتبس فكري آخر؟
- الحكي من محتبساتهن هو إشارة الى واقع الحراك الاجتماعي والثقافي الذي تتحرك خلاله الكاتبة من هناك حيث التجربة الإنسانية المبتسرة والعائق الاجتماعي والثقافي والعرفي يكممها ولا يسمح لها بآفاق أرحب مهما بدت ممكنة الحدوث لهذا ذكرت انه دائما هناك لدى الكتابة النسائية (أنا) مقابل (هم) وانه بالمقابل لم تتمكن من مغادرة منطقة الثابت لإنتاج الخطاب.
لطالما كانت الثقافة وعبر أزمنتها المختلفة قادرة على ان تنطوي على ممثلين لها ومهيمنين عليها ومن هنا جاءت الاتباعية والتقليد في تقليد النص الروائي الأول كما في روايات سميرة بنت الجزيرة والقص في بداية أواخر السبعينات الذي أصبح تقليدا يتبع ليس إلا. كل هذا أدى الى توسيع دائرة المحتبس المكاني إلى محتبس فكري آخر ساهم في تعزيز العزلة الذهنية وترك مكان الذات الكاتبة في السياق الفكري خاويا وهو الذي كان نتيجته الطبيعية الخطاب الركيك في كتابة المرأة.
من ضمن ما رأيت أن يد المرأة الكاتبة عملت على صياغة مفهوم (الحرمة) ورأيت أنها أزمة هوية أسقطت في وعي الذات الأنثوية الكاتبة دفعت بها بتمكن إلى نمطية ماتنتجه وتصوغه فإلى أي حد كان للثقافة التربوية الجمعية دور في تعزيز هذا المفهوم وسقوط الذات المؤنثة من وجهة نظرك؟.
- لم أتحدث عن سقوط الذات المؤنثة بشكل من الأشكال إنما تناولت سقوط الذات الكاتبة في دائرة تعزيز مفهوم (الحرمة) بكل دلالة هذا المفهوم وهي دائرة قاهرة وجهنمية أدت الى تعطيل إنتاج النص الحر عند الذات الكاتبة وغياب النص الذي يعمل على محاولة الرؤية العقلية لاكتشاف صيغة جديدة للفكر والحياة ضمن دائرة المحتبس المكاني والثقافي.
لم اهتم بشكل مباشر بالثقافة التربوية الجمعية مثلما يشير السؤال. اعتمد كثيرا على تفسير ظاهرة الحريم الثقافي من خلال اللاشعور وتأثير العقل الجمعي على الذات الكاتبة وكان السؤال الجوهري في هذه الفكرة هو كيف كان مؤثره في جعل الذوات الأنثوية تكتب من خلاله وتقيم وتصبح نسخة منه وتتماهى معه، وبه، والنتيجة هي ذلك الاستلاب الحقيقي الذي أنتج غياب الوعي بمعناه البعيد والحقيقي.
انتقدت وعي ابن حزم إزاء تجاهله الذكوري للحراك المعرفي الذي منحته إياه الأنثى وهوماورد في (طوق الحمامة) كيف توصلت إلى أن هذا قصد لابن حزم؟
- للتقاطع مع هذا السؤال لابد من ذكر السياق الذي تعتقدين أني انتقدت فيه ابن حزم وهو ليس انتقادا بقدر ما هو مثال لقائمة تطول يقول ابن حزم: (هن علمنني القرآن وربينني كثيرا على الأشعار ودربنني على الخط..) بمعنى أنهن كن المصدر الأولي للمعرفة عنده، الى هنا وقد يبدو الأمر طبيعيا. ولكن لنأتي على ما قاله باعتباره تصوره الواعي واللاوعي للمرأة يقول: (...وما أعلم علة تمكن هذا الطبع... (يقصد الجنس) من النساء الا أنهن متفرغات البال من كل شيء إلا من...(...) لا شغل لهن غيره، ولا خلق لهن سواه...) هنا يمكن ان أوضح للقارىء تناولي له كأحد أمثلة تأثير العقل الجمعي في فكر الرجل تجاه الأنثوي. فهذا ابن حزم هنا ينكر صراحة وضمنا دور المرأة كعقل إذ صنفها بأنها كائن حيواني ليس له إلا رغباته والسعي إليها ولم يشفع لهذه الكائنات الأنثوية في وعيه بأنهن أول من علمنه الحرف والقراءة والوعي بالمدرك.
يلاحظ على كتابك تبنيه لكثير من مصطلحات النقد الجديدة التي تحمل ثقافة امرأة ذات حداثة وخصوصية بحتة تدعو إلى كثير من التأمل والتجاوب أيضا فكيف اكتسبت جرأة نقدية عالية تستطيع مواجهة السائد الراكد وتجاوز المعطى التقليدي لبناء ماهو مغاير لذلك في مجتمع قرائي يحفل بالتقليدية ويحتفي بها؟.
- ماذا تبنيت في الكتاب؟ هنا تكمن الفكرة، المصطلحات النقدية لا تعنيني لست انتمي الى مدرسة نقدية بعينها واعتبر نفسي ناقدة لا منتمية تماما واطل من زاوية قريبة من الواقع كثيرا وقد اجتهدت لخلق مصطلحاتي التي تعبر عن مشروعي وعندما اكتب أجد نفسي لا انتمي إلا إلى الحقيقة وربما الذهاب الى تلك المنطقة يتطلب الموضوعية والصدق أكثر من كونها جرأة.
لا املك ان أكون ذات ثقافة حداثية وخصوصية بحتة في الوقت نفسه كما يشير السؤال...!! هذا ما لا أجيده وما لا أسير باتجاهه وقد أدنته في الكتاب الحريم الثقافي واعتبرت النساء الكاتبات اللواتي يعتبرن أنفسهن يتبنين ثقافة حداثية وخصوصية بحتة في الوقت نفسه بأنهن يعانين من انفصام ذاتي وفكري بشكل أو بآخر.
لا اعرف إلى أي مدى تعتقدين أن طرحي للثابت والمتحول في ظاهرة الحريم الثقافي في الأدب النسائي جرأة نقدية...!!!
إنما عندما يستيقظ شخص ما ليجد انه أمام حقيقة تقول: هذه الكتابات لا يجب ان تعدنا بشيء إنها لا تمنحنا يقينا معينا أو نتيجة.... حتما سيبدأ في تغيير مصطلحاته ورؤيته. بالنسبة لي اعتبرها حق جدل الضرورة من صميم الهامش الذي علقنا به كذوات أنثوية كاتبة، فالاستلاب هو الحرمان من الوعي لذا أردت ألا أكون في تلك المنطقة وكانت لدي منهجيتي الواضحة وأردت الأخريات ان يشاركنني هذا الرحيل من ذلك المكان المقفر الذي لا يؤدي بنا الى مكان انه بارد ومضلل، قد تراه الكاتبات امتحانا أقسى من ان يحتملنه، وهذا ما لا يجب ان يحدث... وإلا ستظل الكتابة النسائية مراوغة خاضعة لإيقاع التنميط والزيف والهشاشة بينما نجتهد في ان نوهم أنفسنا بأن ما يكتب هو خارق وخلاق وهو ما عبرت عنه في الكتاب بانتصار النسق وسقوط الذات.
الممكن الأنثوي.. لماذا لانزال آخر؟ هذه إحدى مقالات كتابك ولكن ألا تعتقدين أن ماكتبته إزاء هذا العنوان ضمنيا غير كاف لتفكيك وتحليل وجهة نظرك؟.
- لقد اعتمدت كثيرا في الكتاب على طرح الأسئلة، ولطالما آمنت بأن السؤال هو الأصعب دائما لأنه يضعنا أمام الحقائق ويكشف لنا الصراط الذي نسير عليه أين نحن؟ وكيف؟ ولماذا؟ الممكن الأنثوي....ولماذا لانزال آخر احد عناوين الكتاب نعم، وهو عنوان يحمل بعدا تحريضيا على التساؤل والتأمل وهو ليس وجهة نظر فإنتاج كتاب لا يحتمل وجهات النظر الشخصية بقدر ما يتبنى الموضوعية هذا ما يفترض به...لماذا لا نزال آخر هذا سؤال تاريخي قديم وحديث في الفكر النسوي وإذا كان التساؤل تاريخيا بهذا الحجم عن إمكان الأنثوي أو كونها آخراً فإن أية محاولة لطرح السؤال أو لتفكيكه ستكون غير كاملة ويظل سؤالا والإجابة عليه فعل كلاسيكيطالما القوة المحركة له لا تزال قائمة في المنظومة المجتمعية بكل سياقاتها إضافة لكل هذا فقد تناولت جانبا محددا هنا وهو نص المرأة الذي ساهم في تركها آخرا.
(.... لفترة طويلة لم تزل تعاني الحركة الإبداعية النسوية من ذلك الخلط بين الخطاب الممنهج الصادر عن المؤسساتية وعن علاقتة بالخطاب الإبداعي في حركة المتغير وهو اللبس الحاصل في تصور الأكاديميات والباحثات عن نتاجاتهن البحثية وعن كون مايصدرنه هو من قبيل المنجز الإبداعي). ما تعليقك على هذا الذي تحدثت عنه في فصل العقل الالحاقي..؟
- الإبداع في حقيقته لابد ان يكون ذاتيا صادرا من الانا الواعية وليس جماعيا تدبره الجماعة وتعكسه على الفرد من هنا يبدأ السؤال.عن الخطاب الإبداعي ضمن حركة المتغير والذي تنتجه المرأة. ما يحدث انه ليس هناك فصل حقيقي بين الكتب الصادرة عن المؤسسة التعليمة باعتبارها أبحاثا معظمها للحصول على الدرجة العلمية وبين الإبداع الحر الذي تنتجه ذات كاتبة ذات استقلالية فكرية ومنهجية... هذا واقع....وهو مريع لدرجة الأسف !! ما تنتجه الأكاديميات ليس إبداعا كما يتصورن او كما طرحن أنفسهن في المشهد الثقافي هن وجدن أنفسهن أمام مشروعات بحثية تماما اضطررنا لها ولم يسعين إليها باعتبارها مشروع إبداع وأردن تسويق الذات من خلالها واعتبارها إبداعا ما.....من هنا يأتي اللبس او كما ذكرت بأن الخطاب البحثي ليس على علاقة صلة بالخطاب الإبداعي وليس مما يعتبر منجزا إبداعيا..!! فقد تمكن الخطاب المؤسسي من الذات الكاتبة بحيث نجده خطابا لذات مؤدلجة وممنهجة عجزت عن الظهور إبداعيا وراوحت عند مكمن المؤسسي والمنهجي والثابت الذي يحدد وينتقي ويرفض ويسمح بفكرة الخطاب ومضمونه.
ذكرت أنه (من العسير على كائنات تم اقناعها كليا بقصورها، وعجزها، ونقصان عقلها أن تحرر خطابا أنثويا) وفي مقطع آخرعلقت على جزء من محاضرة للدتورة رقية المحارب ذكرت أنه نموذج لأ حد خطابات المرأة التي تتكرر في سياق الثقافة المتاحة - الذي يتكرر في المجتمع النسوي ذي الخصوصية. وهو نموذج لخطابات أخلاقية في صميمها - كما حللتها - وليست ذات علاقة بالإبداع مع أنها تتناول بعض المبدعين.
كيف من وجهة نظرك - ينبغي أن يأتي التعامل مع خطابات من هذا النوع تؤثر في واقع المرأة الثقافي بشكل سلبي؟.
- العقل أفضل الأشياء قسمة بين الناس كما ذكر ديكارت لطالما وجدت الكثير من العدالة في هذه العبارة وهي كذلك إذ العقل هو أفضل الأشياء قسمة بين الناس بحق، هو من قبيل التطرق لجدلية العلاقة بين الذات الأنثوية والعقل الجمعي، للتأكيد على سطوة الوعي الجمعي مقابل أية تغيير بنيوي في الحراك الفكري الثقافي للمرأة هو ليس رأيي بقدر ما هو حقيقة تاريخية محض، فقد احتقرت عقلية الأنثوي بشكل أساسي وفريد عبر العصور المظلمة وحدث هذا أيضا في أكثر العصور استنارة وتحضرا اذا ظلت ذلك الكائن الذي يحظر حراكه في متاح العقل وممكنه.
الخطابات التربوية ليست سلبية مطلقا بل المجتمع بحاجة دائمة ومستمرة الى الخطاب الدعوي والخطاب التربوي وهي بلا شك تؤثر في واقع المرأة والرجل بشكل ايجابي ليس هنا الاختلاف ولا يجب ان نتبع مبدأ إن لم تكن معي او تشبهني فأنت ضدي ليس هذا حلا، بل توسيع أفق واقع المرأة الثقافي وتنويع الخطاب الثقافي وليس تنميطه.
النص الأنثوي في الكتابة المحلية او المنبر المحلي ظل ولازال خطابا يمتلك أداة تعبير اجتماعية تطرح في السياق كذات صنمية، خطابا ليس معنيا بالحراك الفكري او الإبداعي مكتفيا باستبدال المعرفة بالخصوصية.
من منظورك الذي يحفل برأي له مؤيدوه أن: الذات الأنثوية الواعية تحتاج إلى مبررات أكثر منطقية لتقنعها أن الذات الأنثوية الكاتبة اقحمت بشكل ما في سياق المتماهي - الثقافي / الفكري / التاريخي،...ألا تظنين أن الذات غير الواعية هي من تحتاج إلى مبررات.هذا الأمر يحتاج إلى توضيح؟!
- أرجو حقيقة أن لا يحفل بمؤيدين وحسب بقدر ما يجد من يؤمن به ليساعد في تغييره إلى واقع أفضل هذا من جهة، من جهة أخرى الذات غير الواعية بطبيعة الحال هي مغيبة بخلاف الذات الواعية فتلك تحتاج الى متغيرات ودوافع كثيرة ومختلفة لتحويلها الى ذات واعية وهي مغيبة كليا ككائن مفكر يمتلك أدوات الكتابة ولكن الأمر يختلف في حال الذات الكاتبة الواعية التي توجهت لها في كتاب الحريم الثقافي وهي تلك التي اقحمت في سياق المتماهي الثقافي الفكري التاريخي وتمتلك أداة الكتابة ولم تمتلك أداة ومعيار التغيير. حقيقة يصبح الإنسان واعيا لذاته في اللحظة التي يقول فيها(أنا) هنا فقط تبدأ محاولة التفكير في فداحة التماهي في كل هذا باعتبار التماهي فقدان الاستقلالية والذوبان في الكل.
توجهت ببعض الملاحظات على نقد أسميته وافدا - لأسماء عاشت تجربة الإبداع السعودي أمثال راشد عيسى ومحمد الشنقيطي والدكتورة فوزية بريون وخالد غازي وفاطمة الزهراء محمدوعبدالله السمطي وغيرهم، ماذا ترين في طرح النقد الوافد لإبداع المرأة؟ السعودية؟. بعد ذلك طرحت سؤالا أطرحه عليك الآن: لماذا الكاتبات في مدونات النقد الوافد عظيمات ومبدعات، وعند مثيله خارج الحدود غير مرئيات؟
- النقد الوافد ومعيارية الخطاب عنوان أساسي في الكتاب لم تكن ملاحظات، كانت قراءة لسياق النقد الوافد وتفسير ظاهرته في مشهدنا الثقافي، تحدثت فيه بتفاصيل أكثر عن أن الإبداع الأنثوي المحلي كان هو الخاسر الأول والأخير في هذا الكورس، فالنقد الوافد لم يخدم حراك الفعل الثقافي أو الفكر الإبداعي لدى الكاتبة بل أدى الى نتائج عكسية أبرزها وهم الفاعلية والحضور الذي اعتقدته الكاتبات ومع هذا لم يجرؤ أحد على ان يعلق الجرس ليقول لهن ان تزييف الواقع وتضخيمة لن يؤدي في النهاية إلا الى بقائها في منطقة لا أحد.
(لنقترب أكثر من حقيقة ماندعوه - إبداعا أنثويا - أو نص المرأة) قوة التقديم لتأويل التأثير فماذا تكون المرأة عندما تتحول إلى نص؟
- عندما تتحول المرأة الى نص يعني هذا ان تكون نموذجا يسعى للبحث عن الماهية، الانتقال من وضع السكون في الهامش الى وضع الحركة والانفعال بالعالم لفهم معناه وليس للتماهي في خضمه وفقدان الذات. أن تتحول المرأة الى نص يعني أنها بصدد ان تخرج جديا من المعطيات المنظمة من خلال المعرفة العقلية التي تتجاوز المعطيات الراهنة الى نص لا يخضع للضرروة ويتعامل مع الواقع وكأنه أحد أدواته بل ليخلق وعيا ينير فرص الممكن في كل الأحوال. هذا ما يفترض عندما تتحول المرأة إلى نص.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.