للإهمال جوانب متعددة يمكن رصدها بسهولة في كل موقع، ولعل بيئة العمل هي أكثر البيئات التي يظهر فيها الإهمال جلياً، خاصة الحكومية منها، ويمكن ملاحظة الجهة المقصرة من أول زيارة لها، حين تتعطل المصالح بسبب ضياع الأوراق أو غياب الموظفين، أو إهمال الموظفين لمكاتبهم وخلط أوراق المعاملات ببقايا الإفطار، ويستفحل الأمر حين يصبح ذلك سمة مدير الإدارة نفسها، وحين يلجأ المواطن إليه ليشتكي فيجده أسوأ ممن يشتكي منه. وتُعد مشكلة إهمال الموظفين من المشاكل التي يجب النظر فيها، على اعتبار أنها تؤثر بدرجة كبيرة في سير العمل، وكذلك الإنتاجية، الأمر الذي من الممكن أن يتسبب في تأخر معاملات المراجعين، أو التأخر في إنهاء الأعمال اليومية. ويُرجع كثير من الرؤساء أو مديري الأقسام الإهمال إلى غياب شعور الموظف بالمسؤولية، ولو أنها وجدت فيه لما شاهدنا نماذج لعكس ذلك في بعض الدوائر الحكومية. عدو الموظف في البداية قال "أحمد": لإهمال الموظف أسباب كثيرة، منها عدم الإحساس بالمسؤولية، بل إن أغلب الموظفين يكون العمل لديه هو الحصول على الراتب، ونحن لا ننكر أن الهدف الرئيسي من العمل هو الحصول على راتب شهري، وبأنه مصدر للرزق، ولكن الموظف قد يتجاهل ما له وما عليه، مضيفاً: "أعترف أنني في فترة من الفترات كنت أنام الليل متأخراً، وأواصل السهر، لأخسر مكانتي لدى مسؤولي المباشر، الأمر الذي لم يجعلني أقوى على ممارسة العمل بوجهه الصحيح"، مشيراً إلى أنه كان يرقب الوقت في انتظار الساعة الثانية ظهراً وقت انتهاء الدوام، كي ينام ويعوض ساعات الليل، لينال من التوبيخ ما ناله، ولكني عدت إلى سابق عهدي من جديد، فالسهر هو العدو الأول لعطاء الموظف وإنتاجيته. موظفو الواسطة وأوضح "أبو فواز" أن هناك موظفين أتوا بالواسطات، وقد يكون أحدهم في مكان غير مناسب له، ولدينا في العمل نماذج لا تفقه من العمل الموكل إليها شيئاً، مضيفاً أن الأدهى إذا شعر الموظف بالظلم، وذلك عندما يطلب موظفو الواسطات العلاوة والترقية ويحصلون عليها من دون وجه حق والموظف الأكفأ يتفرج، ذاكراً أنه قد يكون الإهمال وقتياً بسبب ظرف عائلي أو عارض صحي، وقد يتجاهل المدير ذلك ويعرضه أما للتوبيخ أو عقوبة لا يستحقها، أو قد لا يتفهم ظروف هذا الموظف، وبالتالي ينتج الإهمال الذي إن لم يعالج في حينه فسيتطور ليصبح مزمناً. رقابة ذاتية وقالت "ابتسام الحمدان": الرقابة الذاتية والخوف من الله حين تنعدم تطمس معها الأمانة، فيتولد الإهمال، وقد يكون عدم الاهتمام بتطوير أداء الموظف في إلحاقه بدورات تدريبية تشعره بقيمته وأهميته في موقعه، مضيفة أن الموظف وضع نفسه في مأمن، فقد لا تقع عليه العقوبة مباشرة من قبل رؤسائه، وقد يستكين عند انعدام التحفيز أو عندما يشعر بعدم العدل. تقويم الأداء وقال "م. عثمان أبا الخيل" مدير مديرية الزراعة بمحافظة عنيزة: عادة يتم تقويم الموظفين عن طريق نموذج تقويم الأداء الوظيفي لموظفي الخدمة المدنية في بداية كل عام هجري، وهذا التقويم يترتب عليه حصول الموظف على الترقية أو العلاوة السنوية في الراتب، لذا فإنه من المهم أن يحرص كل موظف على الحصول على تقرير أداء وظيفي مرتفع، مضيفاً أن التقويم يكون عن طريق الرئيس المباشر، ويشتمل على عدة نقاط تخص الصفات الشخصية والعلاقات مع الرؤساء والزملاء والمراجعين وغيرها، مشيراً إلى أن الإهمال جزاؤه حرمان الموظف من العلاوة السنوية في الراتب، أو تأخر حصوله على الترقية إلى مراتب أعلى، أو حرمانه من الحصول على دورات تدريبية، وقد يتعرض إلى مساءلة أو نقل تأديبي إذا كان الإهمال كبيراً. لفت نظر وقال "صالح المزيد" رجل أعمال: إنه يتم تقويم العمالة عن طريق المشرفين وكذلك استنباط آراء العملاء، أما جزاء الإهمال فهو بلفت النظر شفهياً. وأوضحت "أم جود" صاحبة أعمال، أنه يتم تقويم أداء الموظفات في مستوى جودة العمل الموكل لهن، وعن مدى رضى العميلات وتحديدهن لنوعيات محددة من الإنتاج والإقبال عليه، أما الإهمال فجزاؤه لفت النظر الشفوي، وفي حالة تكرارها للإهمال والتقاعس وعدم الإنتاجية المطلوبة فيتم الاستغناء عنها مباشرة. مزايا وعيوب وأكد "م. أبا الخيل" أن لكل موظف مزايا وعيوباً، ولكن يتميز الموظف الكبير بالخبرة والتزام أوقات الدوام، إلا أنه يصعب على بعض منهم التعامل مع الأجهزة والمعاملات الإلكترونية، أما الموظف الصغير فتنقصه الخبرة وغالباً لا يلتزم أوقات الدوام، ولكن يميزه النشاط وسهولة تعامله مع الأجهزة والمعاملات الإلكترونية، أما الإهمال فلا أحد يقصد الإهمال إلا نادراً، ولكن إذا حدث فهو نتيجة الاستعجال، وهذا يحدث مع الموظف الشاب أكثر من الموظف الكبير، مشيراً إلى أنه ليس كل خطأ يحدث يعد إهمالاً، فالذي يعمل قد يخطئ، وهذا ما يتعرض له أكثر الموظفين النشيطين والمبدعين في العمل والمنتجين، أما الموظفون الكسولون فهم لا يخطئون؛ لأنهم لا يعملون وقد يكونون ملتزمين بأوقات الدوام ولكن من دون إنتاجية وهم كثيرون. إهمال بعض الموظفين يؤدي إلى تأخر معاملات المراجعين