ترآى لي العنوان مراراً وسط مشاعر الصدمة التي لاشك لامست جميع من قرأ تفاصيل جريمة قتل طفل تبوك رائد الكعبي، والتي توالت الصحف في نشر أحداثها منذ أيام ، والصدمة لم تكن بسبب نوع الجريمة وتمثيل القاتل بجثة طفل لا يتجاوز عمره الخمسة أعوام فقط رغم بشاعتها، وإنما بسبب حدوثها في مجتمعنا الآمن. فنحن اعتدنا حدوث مثل هذه الجرائم في مجتمعات أخرى اعتادت العنف في حل مشاكلها ولا نتخيل أن تتمثل في بيئتنا وكأنها مستوحاة من قصص الأفلام المرعبة . ووفقا للتفاصيل فقد خرج الطفل رائد بعد مغرب الخميس قبل الماضي للبقالة ولم يعد. الأم المكلومة التي توجهت لأداء واجب العزاء لأقاربها عصر ذلك اليوم ورفضت أن يرافقها ابنها عندما ألحّ عليها، عادت لتجد انه فُقد! أبلغوا غيابه للجهات الأمنية وبالتحري ألقت شرطة تبوك القبض علي الجاني الذي تبين انه في الواحدة والعشرين من عمره ومن ارباب السوابق. ولابد انه من مدمني المخدرات أيضا ، فلا أحد ينحر طفلاً بحثاً عن المال الذي لا يمكن أن يتعدى القليل ويرميه في حاوية القمامة إلا إذا كان مدمناً وفاقداً لكل أحاسيس الرحمة والخوف من الله . فقد ذكر ان القاتل أخذ الطفل إلى بيت قريب وفتشه وعندما صرخ الصغير قتله ! وتقول الأم الحزينة إنها ترى ابنها في أحلامها وفي كل زوايا المنزل، كان الله في عونها وتؤكد بأنه عندما ذهب للبقالة لم يكن يحمل نقودا ، وتبكي نادمة لأنها لم تأخذه معها . وبالنظر إلى حالات خطف واعتداءات تحدث للصغار يلاحظ ان أغلبها يتم لأن الأطفال يسمح لهم بالخروج من البيت دون رقيب يعتني بهم ، أو بسبب الثقة الزائدة التي توليها العائلات للبيئة المحيطة وللغرباء عامة، فيصادفهم ضعاف النفوس وتتم جرائم الخطف أو الاعتداء أو السرقة . ويخيل إليّ ان جزءا من محبتنا لهم يجب ان تكون مقرونة بالخوف عليهم والحرص على سلامتهم من كل مكروه، فلا تسمح الأسر لأطفالها بالخروج للبقالة أو اللعب خارج البيت أو شراء شيء وهم في عمر صغير بلا أخ أو قريب أكبر عمرا، خاصة في زمننا العصري الذي كثرت فيه المشاكل الاجتماعية وانتشرت ظواهر العنف والإدمان والأمراض النفسية . أحياناً تمر الأحداث بسرعة متناهية ومن السهولة تخيل منظر طفل يدخل على والده فيجده مشغولاً وربما متوتراً من أمر ما ، فيخاف عاقبة دخوله وسط هذا المزاج. يذهب للأم التي قد تكون مندمجة في مكالمة هاتفية أو في عمل شيء من شؤون المنزل، يطلب الصغير من أمه إذناً بالخروج فتتمتم شيئا دون تركيز وربما تكون قد قالت لا ، أو بعدين أو ما شابه دون ان تنظر لابنها كي تتأكد انه يدرك ما قالته، فيركض الطفل فرحاً بأن أمه سمحت له بالخروج ، وبإمكان السيناريو الافتراضي أن يتوالى فيخرج الصغير من البيت آمنا ويكون الوقت بعد المغرب فتقابله امرأة شريرة لسوء الحظ تبحث عن طفل تختطفه وتعاونها أخرى...وهكذا توهمه بأنها تريده أن يدلها على مكان قريب ربما تكون البقالة أو المسجد ...... وأترك البقية لتوقعاتكم . باختصار ورغم كل مشاغل وإلهاءات الأسر يجب أن نضع أولية في أسلوب التربية والحرص مغموساً في محبتنا لهم حينما نرعاهم ولا مفر من مسؤولية المتابعة والخوف عليهم كي تكتمل عاطفة الحب والاهتمام.