«مما قاله عنه الشاعر اللبناني الكبير أمين نخلة» عندما كرمناه في الرياض بتوجيه من الملك الشهيد فيصل - رحمه الله - بعدما استمع إلى قصيدة فقيد الأدب العملاق عبدالله بن خميس وهو يرحب شعراً به في المملكة زائراً لها في التسعينات قال له أمين نخلة: «مسحت ربةُ الشعر سيادتكم بزيت العبقرية.. ونضحته بماء الخلود.. ثم ودعتك شاعراً كبيراً.. نتعلم نحن الشعراء منك الصدق والجرأة.. في عالم الأدب العربي الذي أصبح اليوم مومياء مكحولة الأجفان».. رحمة الله تعالى عليك رفق درب.. درب فكري.. وهامة شاعرية لا تطال.. وصديق حياة كنا لا نفترق فيها يومياً.. في عقد من عمري قضيته في «الرياض» العاصمة.. هو أحلى سني حياتي وأبهجها.. وعندما أبت إلى مسقط رأسي بعد تقاعد «أبي» لأكون إلى جواره خادماً.. وإلى أن لقي ابن خميس ربه تعالى. اليوم كنا على صلة وثيقة مستمرة.. إنه «عبدالله بن خميس».. وكفى!! إنه الذي لا أحسب أحداً.. من عارفيه يستطيع أن يكتب عنه بشمول أوسع غيري.. لقوة الرباط الأخوي فيما بيننا كلينا.. ويكفي أدبي وفكري شرفاً ما كتبه عني دارساً.. وخاصة مقدمته لكتابي الصادر منذ خمس سنوات: «رحلة البشرية عبر الزمن» التي كتبها في عام 1418ه ولظروف بيروت في الحرب الأهلية احترقت دار التوبة الناشرة للكتاب فلم يصدر إلا بعدها في عام 1427ه بعد أن وجده مسؤولو الدار ضمن الأنقاض مما أخر وقت صدوره!! «عبدالله بن خميس» ذاكرة الرواية للأحداث مهما غبرت.. مع وفاء.. وجود كرم.. وأخوة صادقة حميمة.. وإخلاص وطني.. لا غبار عليه.. مع جرأة في الحق.. له من حميد الخصال.. ما يميِّزه عن كثير من عمالقة عرفت في حياتي التي ادركت الثانية والسبعين.. لا في بلادي فحسب.. بل وحتى في كثير من بلدان فيها عشت!.. «اللهم أسبغ عليه شآبيب الرحمة والغفران وألهمنا وأهله وكل محبيه الصبر والسلوان وأسكنه أعلى عليين من الجنان».. أمين نخلة «الشاعر» جلَّ «المصابُ» فيا لعجز بياني اليوم.. لا صبري.. ولا سلواني طوتْ المنية راية خفقت على صرح سما.. بالشعر والعرفان فلئن مضى «ابن الخميس» لرُمِسيه أدى الأمانة.. راضي الوجدان وقد ارتقى عرش القلوب لأمة عاشت تحيط به كعقد جمان حملتْ إلى المثوى الأخير فقيدنا وبكتهُ بالدمع السخيِّ القاني كم كان يأمل أن يخلَّد ذكره «فالذكر للإنسان عمر ثاني» ما خاب ظنك فالربوع وفيَّة ليناة مجد.. شامخ البنيان ستظل تمحض بالفخار وحبها لأديبها العملاق كل زمان إنّا فقدنا.. من يعزُّ مثيله بين الورى.. في صدقه المتفاني باهى بمجد «تراثنا» كل الدُّنى وشدى بحسن «ربوعنا» الفتان غنىَّ رباها والحنين يشده شوقاً على عهد الصبا الريان كم كان مفتوناً بكل بقاعنا.. أفنانها.. تحنو.. على الأفنان حفِلت بآثار تدلّى زهوها يُسقي رحيق الخلد في الوديان كم كان مشدوداً إلى تلك الربى متشوقاً لمسارح الغزلان يشتم في قيصومها وخزامها والشيح عطر الورد والريحان فيها رأي المجد الأثيل مؤزراً بالنصر خلف مواكب الفرسان صدرت له أرقى الجرائد عندنا باسم «الجزيرة» حرة التبيان سنظل نذكر شاعراً يشدو على سمع الزمان بأعذب الألحان بحر العلوم وزينة في عصرنا ومجاوز الأنداد والأقران كم كنت أوثر أن يكون مودعي لا أن يقرِّح فقده أجفاني!!! لك «بن خميس» في القلوب محبة لألاءة مضوية العرفان «يا بن خميس» إن ذكرك بيننا في كل جارحة.. وكل لسان سيظل ذكرك في المجالس عطرها والصبر مفزعنا إلى الغفران!!! * * *