رجل تسعيني حكيم رحلت عنه زوجته فباع منزله وقرر العيش في دار للمسنين .. دخل تلك الدار ينتظر إجراءات الدخول .. بعد انتظار دام ساعات .. قالت له الموظفة .. " يا سيدي غرفتك الآن جاهزة ولكن عليك أن تعلم أنها صغيرة جداً ويغطي نافذتها الوحيدة قطعة من القماش البالي حيث لا يوجد ستائر مناسبة .." ابتهج الرجل وقال "هذا رائع .. كم أنا سعيد " تعجبت الموظفة من ردة فعله وبدت فرحته مثل فرحة طفل في الثامنة منحه الحظ فجأة هدية ثمينة !!! فقالت له مندهشة " هل أنت سعيد بإقامتك في غرفة صغيرة تغطي نافذتها خرقة بالية؟!! فأجابها قائلاً " حين نهضت من نومي اليوم قررت أن أكون سعيداً .. نعم فالسعادة اختيار .. كل يوم حين أنهض من نومي أتأمل فأجد نفسي أمام خيارين ، إما أن أفكر في الأجهزة المعطلة في جسدي فأجلس حزيناً على ذهابها وأقضي يومي متألماً من فقدها ، أو أنظر إلى الأجهزة السليمة الباقية في هذا الجسد فأسعد وأشكر الله على بقائها ... إنني أقرر كل يوم أن أكون سعيداً وقد قررت أن أحب مكان إقامتي الجديد مهما كان وبأي صورة لذلك أحببته قبل أن أراه .. حياتنا يا ابنتي مثل " البنك " علينا أن نحتفظ داخلها بالذكريات الجميلة التي نحتاج دوماً أن نسحب منها ما يكفيني للعيش بسعادة .. ذلك الرصيد في حسابنا علينا أن نودع فيه دوماً الأشياء الجميلة لنصرف منه ما نحتاج .. إن كل يوم أعيشه أعتبره هدية من الله وأستقبله بفرح وأقرر أن أكون سعيداً فيه وأنتِ يا ابنتي كنتِ حدثاً جديداً جميلاً في حياتي وسوف أضيفك إلى بنك حياتي ، فشكراً لك لأنك زدتِ ذلك الرصيد .." انتهت القصة .. مارأيكم ؟ كيف كانت اختياراتكم هذا الصباح ؟ من الناس من لا يعرف غير الشكوى والتي لا يكتفي بالعيش داخلها بل يبثها إلى الآخرين ويسحبهم نحوها ؛ ليدرك الجميع مقدار تعاسته حتى إن هؤلاء الآخرين يستعدون مسبقاً لاستقبال إحساسه التعيس .. في حين تجد أن لديه من أسباب السعادة مالا يحصى ولكنه لا يراها بل لا يريد أن يراها ... إلى أولئك المبتلين بالاختيارات غير الموفقة أقول : اجلس مع نفسك واكتب بالورقة والقلم عشرة مصادر للسعادة في حياتك، ولا تستصغر منها شيئاً فقد يكون ارتشاف كوب من الشاي أحدها ، ثم تأمل كم أنت مهمل لتلك الأجزاء الرائعة في حياتك والتي إن لم تدركها فسوف تنكمش وتصغر حتى تختفي ، تذكّر دائماً (على مبدأ الأطباء البشريين أن العضو الذي لا يستخدم حتماً سينكمش ويموت ..) وأهم ما في الموضوع أن تعيش اللحظة .. هذه اللحظة .. الآن وليس الأمس ولا الغد .. الأمس مضى ولا فائدة من هدر الوقت في استرجاع أحداثه، والغد في علم الغيب خطط له ولكن إياك أن تجهد النفس في تفاصيله ، فكم مرة فاجأتنا الأقدار بما لم نخطط له أو نحسب حسابه ..؟! باختصار شديد .. السعادة اختيار أتمنى أن لا توقفكم الحيرة طويلاً في أن تعيشوا هذا الاختيار.