لم أكن أصدق لو لم يدُر الفورورد ويحط في جوالي عندما تم القضاء على ابن لادن منذ فترة. فقد كان مزيجاً من الهزل والجد في تمجيد الإرهاب ردا على فرح العالم بالقضاء على رمز مروع لكراهية البشر والحياة . لماذا هناك ناس ما زالوا ينجذبون لترويع الابرياء وسفك الدماء تحت أي مسمى ؟ ما نوعية الامراض النفسية التي تلتصق بتلك النفوس؟! ومع ذلك لم تدرك المراهقة التي أرسلت لي الفورورد من دولة خليجية , لم تدرك معنى الكلمات المليئة بالخلط بين مفهوم الجهاد والارهاب، وتداول نظرية المؤامرة كدافع وراء تفجيرات تنسب للقاعدة لتشويه الاسلام عندما ارسلته, فلم تبثه كدافع وراءه إلا إحساس المراهقة بالتمرد وقول شيء مختلف! ومع ذلك خطر على بالي انها مثل الكثيرين ممن يعيدون بعث الرسائل تلقائيا دون التمعن في مضامينها كاعتياد , وانها ربما لا تعي ما في الرسالة من توجه ومن خلط في المفاهيم ,فراسلتها فورا. وكما ظننت بدت غائبة حقا عن خطوات الاحداث (الفتاة في الثامنة عشرةة) ويصعب ان تسترجع احداثا او تفاعلات كثيرة ولكنني ذكّرتها بما حدث عندنا في المملكة من تفجيرات وضحايا ابرياء لعلها تتخيل التأثير فيما لو كانت حدثت تلك التفجيرات في موطنها. وكما توقعت تراجعت بسرعة مما أكد قناعتي بأن الحوار مع تلك الفئة ضرورة لكي ينمو وعيهم وفهمهم للواقع دون تأثير ما للآخرين من توجه وقراءة, وبأننا لا يجب ان نعتمد فقط على اطلاعهم لكي يستوعبوا حقيقة ما يحدث على المستوى الامني والجغرافي. وذكّرتها بأن الدين بريء من افعال القاعدة وابن لادن , فهو - أي الاسلام ونقاءه الذي يدعو بالا نقطع شجرة او نهدم كنيسة فكيف نبرر قتل الانفس التي حرم الله قتلها ؟ ورغم اسئلتها التي توحي بانتهاز آخرين لاسم ابن لادن في اعمال ارهابية كان واضحا انها تردد ما تلتقطه من افكار ومعتقدات البعض وربما هذه هي حال كثير من المراهقين المشغولين بصور حياتهم العصرية، وتسالي وسائل الاتصال وبعيدين بالفعل عن مواقع الاحداث فهماً واستيعاباً . لذلك يبدو الحديث اليهم فعالا في تفسير ما يحدث وبناء مناعتهم الفكرية والمعنوية من اختراق النشاز من المفاهيم او التوجهات التي لا يمكن تبريرها بأي حال دينياً او انسانياً . وعندما تساءلت اكثر عن تفاصيل الادلة وغيرها مما تدين ابن لادن سألتها بدوري الا يكفي دوره الايحائي لبعض الشباب الغافل الذي ينحرف تجاه الافكار المضللة والإرهاب ؟ وافقتني على دور الايحاء المدمر والتقليد وحمدتُ الله انها فهمت. أعلم أن كثيرا من البيوت باتت تعتمد على أبنائها في التواصل مع العالم الجديد على اعتبار أن كل مفاتيح الجديد بالتقنية وفروعها متاحا بجدارة امام هذه الاجيال النامية ومعهم كل اجابات التواصل المعلوماتي العصري ولكننا لا يجب أن نعتقد بأن المهارة العلمية، والتعاطي مع انواع التقنية يعنيان نضجا ووعيا يضاهيان ما لدى الكبار من تجربة وخبرات. لذا نحتاج أن نحاورهم ..