كشف ديوان المراقبة العامة عن سعيه إلى تطوير أساليبه الرقابية لمواكبة الاتجاهات الحديثة في الرقابة الحكومية، معلناً أنه يتجه في الوقت الحاضر إلى تطبيق مفهوم الرقابة الشاملة الذي تبنته كثير من الدول المتقدمة ليحل محل الرقابة المالية التقليدية، منطلقاً من رؤية تتمثل في أن يكون «جهازاً رقابياً مهنياً متطوراً، يتمتع بالاستقلالية والصدقية، ويسهم في رفع كفاءة أداء الأجهزة المشمولة برقابته، ويعمل على ترسيخ مبادئ الشفافية والمساءلة وحماية النزاهة ومكافحة الفساد»، إذ يقوم الديوان بمهام الرقابة المالية اللاحقة على جميع إيرادات الدولة ومصروفاتها، ومراقبة كل أموال الدولة المنقولة والثابتة، من خلال مراجعة حسابات أكثر من 506 أجهزة ومؤسسات حكومية، بلغ متوسط عدد مستنداتها الواردة للديوان العامين الماضيين أكثر من 860 ألف مستند. ولفت الديوان في تقريره السنوي 1431، الذي أصدره أخيراً (حصلت «الحياة» على نسخة منه)، إلى «الحاجة الملحة لتحديث النظام الحالي للديوان وهيكله التنظيمي ليتواكبا مع المستجدات التي طرأت على نمو القطاع الحكومي في المملكة وتطورات العمل الرقابي»، مبيناً أن الديوان «بادر باتخاذ خطوات عملية في هذا الاتجاه ويسعى لاستكمال الإجراءات الضرورية لإصدار نظام مطور للديوان وإعادة تشكيل هيكله التنظيمي بما يتفق مع نمو حجم وتنوع المهام الرقابية المناطة بالديوان». وأوضح أنه أتم إعداد الخطة الاستراتيجية الثانية (1431 - 1435ه)، وفق منهجية علمية استندت على نتائج دراسة وتقويم تنفيذ الخطة الاستراتيجية الأولى والاسترشاد بعدد من الخطط الاستراتيجية للأجهزة الرقابية النظيرة وبعض المنظمات الإقليمية والدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة، «تم التركيز في هذه الخطة الثانية على أهداف استراتيجية عدة تتمثل في تطوير أساليب المراجعة المالية باستخدام النظم الآلية، والتوسع في تطبيق رقابة الأداء، والإسهام في تطوير المعايير الرقابية والأنظمة واللوائح المالية والمحاسبية، والاعتماد على تقنية المعلومات في عمليات التدقيق والتطوير، وتنمية القدرات المؤسسية للديوان، وتفعيل وسائل المراجعة الداخلية في الأجهزة الحكومية، وتعزيز التعاون والتواصل بين الديوان والأجهزة ذات الصلة داخلياً وخارجياً». وأبان الديوان، أن مفهوم الرقابة الإيجابية الشاملة الذي يتجه الديوان إلى تطبيقه، هو تفعيل الرقابة الوقائية، من خلال وحدات المراجعة الداخلية في الأجهزة الحكومية (الرقابة المصاحبة)، والإسهام في تقديم الحلول النظامية للمشكلات والمخالفات المتكررة، مبيناً أنه من هذا المنطلق يحرص الديوان على أن تكون تقاريره السنوية مشتملة، ليس فقط، على أهم نتائج المراجعة المالية ورقابة الالتزام وتقويم أداء أجهزة الدولة فحسب بل الاهتمام بتشخيص أسباب المخالفات والانحرافات والملاحظات المتكررة والحث على معالجتها أولاً بأول، واقتراح تعديل الأنظمة والتعليمات المالية أو استحداث ما يلزم منها، بهدف سد الثغرات والحد من تكرار المخالفات وهدر المال والوقت والجهد، والإسهام في رفع كفاءة الإدارة المالية لموارد الدولة وتعظيم مردودها على الاقتصاد الوطني. وأشار الديوان في تقريره السنوي، إلى أن مفهوم المراجعة الشاملة يعني «تركيز الديوان على مراجعة الأنظمة والإجراءات بدلاً من مراجعة المستندات، إذ يتم التأكد من فاعلية أنظمة الرقابة الداخلية وكفاءة إدارات المراجعة الداخلية في الأجهزة الحكومية، وكذلك فعالية أنظمة تقويم المشاريع والبرامج، إضافة إلى تحليل البيانات والتقارير المالية العامة للدولة والتحقق من نجاح الإدارة المالية لكل جهة تشملها رقابة الديوان».