أكد المشاركون في الجلسة الأولى لمنتدى الغد في ثاني أيامه أمس، على اتجاه شريحة كبيرة من الشباب إلى عالم الإعلام الجديد، حيث أصبح جزءا مهما من حياتهم، مشيرين إلى أنه أضحى إعلاما جذاباً لقطاع عريض من شباب اليوم. وأفاد الدكتور بدر البدر المدير التنفيذي لربط المجتمعات والمدن الذكية «سيسكو»، عن عدد مستخدمي «الفيس بوك» في السعودية، وصل الآن إلى 3 ملايين مستخدم، ثلثيهم من الرجال والبقية نساء، لافتا إلى أن مستخدمي الشبكات الاجتماعية «أقلية فاعلة» وتنمو مع مرور الزمن، إضافة إلى أن الشركات بدأت الآن في استخدامها. من جانبه، طرح الدكتور عمار بكار مدير الإعلام الجديد في مجموعة «إم بي سي»، خبر مقتل أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة أمس، كمثال لدور الإعلام الجديد في الترويج السريع للأخبار العاجلة، حيث جاء الخبر منذ ساعات الصباح الأولى للمتلقين من كل اتجاه، وبشكل مكثف، وبدأت المعلومات تحاصر المتلقي من كل اتجاه. وأوضح الدكتور بكار أن التأثير الإعلامي في الثورات العربية بمصر وتونس وغيرها، هو تأثير تكاملي، حيث ساهم الإعلام الاجتماعي في قيام الثورات، إضافة إلى الظروف القائمة التي استطاع معها الجمهور عمل الاتصال وإحداث التغيير. بدوره، أكد الدكتور عبدالله الرفاعي، أستاذ كرسي الجزيرة لدراسات الإعلام الجديد، بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، أن التفاعل مع الإعلام الجديد، ليس محصورا بفئة عمرية، مشيرا إلى أن المجتمع الإنساني غير المتفهم لحقيقة هذا النوع من الإعلام «أصبح في ورطة كادت بعض الدول أن تنزل معها لفوضى». وأوضح الرفاعي أن المشهد السعودي والعربي والعالمي، يعيشون حاليا ثورة تقنية الاتصال، حيث أصبح هناك سوق هائل من المعلومات، وبدت المعرفة بين يدي الأطفال، مشيرا إلى أن الإعلام الجديد يتميز بالإشباع بلا حدود، إضافة إلى أن الناس أصبحوا شركاء في صناعة المعلومة، كما أن هذا الإعلام يحقق «الحميمية مع المجموعات المشاركة فيه». مدير الإعلام الجديد في «إم بي سي»: نبأ مقتل زعيم القاعدة انتشر بشكل سريع منذ ساعات الصباح الأولى وفتح على إثر ذلك، نقاشا مع الشباب والشابات السعوديين الذين يحضرون بكثافة متناهية لفعاليات منتدى الغد، حيث تطرق الحوار إلى أهمية الإعلام الجديد، ودوره الفاعل في المجتمع، ومن ذلك ما ذكره أحد المشاركين عن الحضور الكبير للإعلام الجديد في «كارثة سيول جدة»، سواء من ناحية التغطية المميزة لهذا الحدث أو في جانب الحث على العمل التطوعي خلال تلك الأزمة وغيرها. كما تحدث المشاركون في مداخلاتهم عن دور الإعلام الجديد، وتطلعاتهم ك«شباب» للإسهام في تطوير وبناء المجتمع من خلاله. أما في الجلسة الثانية من منتدى الغد، أكد المشاركون أن الإعلام الجديد أتاح الفرصة في السعودية لطرح مواضيع لا يمكن طرحها في الواقع أو من خلال الإعلام التقليدي، مشيرين في الوقتِ ذاته، إلى أن ردود الأفعال والانتشار عبر الانترنت أصبحت أكثر تواجداً وحضوراً. د. عبدالله الرفاعي يتحدث عن التفاعلية وكانت الجلسة التي ضمت ثلاثة من الشباب من أصحاب التجارب المميزة في الإعلام الحديث، قد شهددت حواراً مفتوحاً حول تجارب الشباب في استخدام وسائل الإعلام الجديد وبخاصة الشبكات الاجتماعية على الانترنت، وحول قوة هذه الوسائل في الضغط والتأثير على الرأي العام. ولفتت إحسان الجهني، طالبة إدارة الأعمال بجامعة الملك سعود، مؤسسة مشروع "تواصي" على شبكة الانترنت، والذي حظي بأكثر من 15 ألف زيارة، كما يتابعه عبر صفحة "فيس بوك" الخاصة به ما يزيد 7 آلاف شخص، وذلك منذ تأسيسه قبل 8 أشهر، وتقول إحسان: "لست نادمة على التجربة التي خضتها، وأحلم بالمزيد ل(تواصي)، أحلم ببرامج شبابية حوارية ومسلسلات أخرى شبابية في المستقبل". السنوات الست التي أمضتها إحسان، ابنة ال22 ربيعا، في العمل التطوعي والخيري في السعودية، وفرت لها بيئة أتاحت لها تعلم المهارات القيادية والتعامل مع الناس، وفرق العمل، وكسر حاجز الخوف والشك، كما عرفتها على مبدعين ومجموعات شبابية في أماكن مختلفة، وأساتذة ومثقفين قدموا لها الكثير في حياتها العملية، وأسهمت في إنجاح تجربتها في "تواصي". إحسان الجهني، بعد أن عاشت فترة من عمرها خارج المملكة العربية السعودية متنقلة في بلدان عدة لطبيعة عمل والدها، عادت إلى البلاد ووجدت روحا معنوية سلبية، تقول في هذا الخصوص: "هناك مبدعون غير قادرين على التحرك، يكتبون سنتين أو ثلاثا بعد العودة من الخارج، ثم ينطفئ نورهم ووهجهم، وهذا هدر للوقت والعمر والعلم، والكثير تنبأ لي بهذه النهاية المأساوية، إلا أنني أعطيت نفسي فرصة للتعرف على أبناء بلدي ومجتمعي بصورة أعمق، وبعد سنتين في العمل الاجتماعي التطوعي، والمشاركة في البازارات والفعاليات والأنشطة التطوعية والخيرية المختلفة، تكونت لديَّ شبكة معارف واسعة تعمل في بيئة العمل التطوعي والخيري". جانب من المشاركين ويعمل "تواصي" على تسويق أفكار المجموعات الشبابية، والمشاريع الشبابية الصغيرة، والحملات التي تستهدف الشباب، إضافة إلى تسويق الثقافة بألوانها المختلفة، عبر نشر المقالات الشبابية المتنوعة، والشعر والقصص والنثر والخواطر، إلى جانب النشر الإعلامي، كنشر الحوارات والأخبار وإعداد التقارير الإعلامية، حول القضايا التي تهم فئة الشباب. ويسير موقع "تواصي" على قيم محددة، تذكر منها الجهني، احترام الذات والآخرين والمجتمع، واحترام الأفكار والمعتقدات والقوانين. وتراعي سياسة الموقع أدب الاختلاف والائتلاف، ويهتم بنشر الإبداع، وهو المصطلح الذي عبر عنه الموقع ب"الإتيان بجديد على غير سابق مثيل، أو تقديم القديم بطريقة جديدة". من جانبه، يرى المدون مازن الضراب، أن الإعلام الجديد ووسائله المختلفة، والتي تأتي من بينها المنتديات الحوارية الإلكترونية، أتاحت الفرصة في النقاش في أمور لا يمكن طرحها على أرض الواقع لاعتبارات اجتماعية، مشيراً إلى أن سر نجاح هذه الوسائل هو أنها تتم بدون مقاطعات الكل له الحق في الحديث، وبمجرد ضغطة زر، وأنها تحولت إلى أول الأماكن التي يأخذ عنها الناس كالأخبار والآراء وكل شيء تقريباً. ويشير الضراب، إلى أن الإعلام الجديد يتيح الفرصة للمستخدمين في وضع الشروط التي يرونها، ويتيح لهم فرصة الكلام، والتعبير عن الاهتمامات والعثور عن الناس الذين يشتركون في الاهتمامات نفسها، متطرقاً في الوقت ذاته إلى تجربته في قناته الشخصية على الانترنت "قناة حركات"، لافتاً فيه هذا الإطار ما توفره هذه الطريقة من سرعة وغزارة في الإنتاج، وأنها لا تضع حدوداً للإبداع، إلى جانب التواصل المباشر مع المتابعين. ويختم الضراب كلمته، أن كل قناة تواصل اجتماعي، يمكنك أن يطوعها المستخدم حسب احتياجه وما يريده، مشيراً إلأى أنه لا يوجد أداة أفضل من الأخرى والأمر مرهون بتطويع الشخص للأداة في صالحه، لافتاً إلى أهمية أن يقوم بالمستخدم بما أسماه "إخراج الثرثار في داخله"، وبأي طريقة أو أداة متاحة. من ناحية أخرى، طرح مالك نجر، الرسام ومنتج الأفلام القصيرة، تجربته في إنتاج الأفلام الكرتونية القصيرة، حيث بدأ تجربته في هذا المجال قبل أن يلتحق بأحد القنوات التلفزيونية، ويبدأ إنتاج برنامج "كوميدو" بالتعاون مع قناة MBC، إلا أنه رأى بمرور الوقت أن إنتاجه يشهد إقبالاً لافتاً على الانترنت أكثر من الإقبال الذي يشهده على شاشة التلفزيون، مما جعله يتجه بشكل مباشر إلى الانترنت، ويبدأ طرح سلسلة "مسامير". سلسلة أفلام "مسامير"، تجاوز متابعيها على الانترنت 4 ملايين مشاهد، مما يؤكد الإقبال الشديد على الانترنت من قبل المتابع السعودي، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن ما دفعه إلى إنتاج هذه السلسلة، هو مدى استيائه من بعض التصرفات التي يراها على مستوى الوطن. وكانت كارثة سيول جدة 2009، هي من دفعت مالك نجر إلى البدء في هذا المجال بشكل قوي، والتنازل عن وظيفته الرسمية ليتفرغ بشكل تام لعمله الجديد الذي يجد فيه نفسه بشكل أكبر، محاولاً عبر إنتاجه الحالي، إحداث قدر من التغيير لدى شريحة الشباب السعودي المُستهدفة من قبل هذا النوع من الإنتاج.