قد أنزل الله القرآن الكريم على قلب نبينا محمد ( بلسان عربي مبين، فحفظه ورعاه، وأدّاه كما أوحاه الله إليه: قال تعالى:" آيات قرآنية ) وكان القرآن الكريم يكتب في حياته ( فيما تيسر من الوسائل المتاحة للكتابة في ذلك الزمن كاللِّحاف والعسب ونحوها، ثم جمع المصحف في خلافة أبي بكر رضي الله عنه بعد حرب المرتدين باليمامة، وقتل كثير من القرّاء ، ثم في خلافة عثمان رضي الله عنه بعد أن اتسعت الدولة الإسلامية وظهر الخلاف في القراءة كتب بعض الولاة إلى عثمان رضي الله عنه هذه المشورة وجمع الناس على مصحف واحد كتبه عثمان رضي الله عنه ونشره في الأمصار، وكانت الكتابة الأولى غير منقوطة ثم نقطت في زمن الدولة الأموية بمشورة من الوالي الحجاج بن يوسف الثقفي، ثم بعد ذلك تنوعت مظاهر العناية بالقرآن الكريم وخاصة من ناحية كتابية، حيث قيض الله لكتابه الكريم مهرةٌ من الخطاطين على مر العصور اشتهروا ببراعة الخط وجماله، وهكذا أضحت كتابة المصاحف عملاً مشروعاً وباباً من أبواب الثمرات وقربة من القرب. وقد اتفق العلماء على استحباب كتابة المصاحف وتحسين كتابتها، بل صرح غير واحد من أهل العلم بأن كتابة المصاحف من أعظم القرب، قال: وكذلك: إذا كتبها لبيعها: " إن الله يدخل بالسهم الواحد الجنة ثلاثة: صانعه، والرامي به، والمسد به "، فالكتابة كذلك لينتفع به أو لينتفع به غيره، كلاهما يثاب عليه. كما أصبحت عناية هذا البلد المبارك بالقرآن الكريم منهجاً متميزاً جديراً بالإعجاب والتقدير شملت هذه العناية طباعته وتفسيره وترجمة معانيه وطباعة الكتب في علوم القرآن، واليوم وفي مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف يلتقي نخبة من أشهر خطاطي المصحف الشريف في العالم في ملتقى " إتقان وإحسان ". فإتقان عمل الخطاطين في كتابة المصحف الشريف، هو إحسان للتراث العربي ولمدرسي الخط قاطبة، وهذا الملتقى مظهر من مظاهر عناية المملكة بكتاب الله عز وجل، وفي الملتقى فرصة لتجلي تجارب أمهر الخطاطين في كتابة المصحف الشريف وإبراز الرسالة التي يحملها خطاط المصحف الشريف. وبهذه المناسبة أود أن أشيد باهتمام وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالقرآن الكريم، ممثلة في الدور الرائد الذي يقوم به مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، مما يبقي المدينةالمنورة مركزاً للإشعاع الحضاري الدائم بإذن الله. كما أسأل المولى القدير أن يجزل الأجر والمثوبة لقادة هذا البلد المبارك وأن يكبت عدوهم وأن يمدهم بعونه وتوفيقه. كما أسأله أن يوفق القائمين على هذا المجمع لكل خير وأن ينفع بهم الإسلام والمسلمين إنه قريب مجيب. * المستشار بالديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء عضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.