مهرجان الجنادرية ملتقى سياحي وثقافي وتراثي يعيد إلى الأذهان الصورة القديمة التي مازالت عالقة في ذاكرة كبار السن وما يتعلق بها من خوف وجوع وفقر قبل توحيد المملكة العربية السعودية على يد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز، هذه الصورة لا يتذكرها أغلب شعب المملكة، فهم ولله الحمد منذ نشأتهم لا يعرفون إلا العيش الرغيد الذي منَ الله به على هذه البلاد بفضل منه ثم بجهود الملك عبدالعزيز ورجاله المخلصين. فالأوضاع الاجتماعية والأمنية والمعيشية في تلك الحقبة من الزمن قبل توحيد المملكة كانت قاتمة وسيئة، إذا خرج المسافر لا يعلم أهله سيعود أم لا، ولا يعلم طالب الرزق هل سيؤمن لأهله ما يحتاجون، وربما باتوا الليالي بدون طعام. خلاف انعدام الاستقرار السياسي وشتات الكلمة مما جعل من هذه المنطقة ولمئات السنين على هامش التاريخ، ولعل المطلع على كتابات المؤرخين يجد ذلك جلياً، فمن النادر ان يتحدث أحدهم إلا مرور الكرام عن هذه المنطقة. إن النقلة الكبيرة التي أحدثها الملك عبدالعزيز ورجاله المخلصون في تاريخنا تسطر بماء الذهب، فنحن الآن نصنع التاريخ بعد أن كنا على هامشه ومبدعينا يحصدون الجوائز العالمية بعد عقود من الجهل والتخلف. إن النتائج الايجابية لهذه النقلة لا تقتصر في رأي على المملكة العربية السعودية فقط بل تعدى ذلك إلى العالم أجمع تنمية ودعماً ومشاركة وتطويراً في جميع المجالات. من هنا اتمنى من الجهة المنظمة الحرس الوطني ومن رئيس هذا الجهاز العريق صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله أن يتم وضع جناح خاص لتذكير وتوعية زوار مهرجان الجنادرية بهذه النقلة الكبيرة التي أنعم الله بها على هذه البلاد مع وضع ما يستلزم ذلك من وسائل ايضاح لتقريب الصورة للزائر سواء صور أو عروض حديثة وقديمة وكذلك الوثائق التي تتحدث عن هذه المنطقة وما تعانيه من شغف العيش وانعدام الأمن قديماً وكيف تبدلت الأحوال بعد ذلك. إن أغلب زائري المهرجان لا يتذكرون تلك المرحلة وهم بالتأكيد بحاجة إلى من يذكرهم بهذه النقلة التاريخية وجهود آبائنا الذين يستحقون كل الشكر والتقدير على ما بذلوه في سبيل رفعة ووحدة هذا الوطن للمحافظة عليها من كيد الكائدين وحسد الحاسدين. لو عدنا إلى مهرجان الجنادرية وما يتضمنه من سياحة تراثية وفكرية وثقافية فسنجد انها تجمع أطيافاً من المفكرين والإعلاميين خلاف القرية التراثية وما تحتويه من أركان شعبية وتراثية لكل منطقة تذكرنا بالعادات والموروث الشعبي التي كادت أن تندثر. وقد لمست هذا من خلال زيارتي لعمل تقرير عن الجنادرية لتلفزيون قطر، حيث التقيت بالعديد من عمالقة الفكر والأدب والإعلام من جميع دول العالم وكان حديثهم عن المهرجان وما يتطرق له من قضايا بالغة الأهمية والحساسية تهم عالمنا العربي والإسلامي ودورها الكبير في تلمس الحلول للكثير من المشاكل بالاضافة إلى اعجاب الكثير منهم بالموروث الشعبي والعادات القديمة وطرق التدريس التي كانت سائدة في تلك المرحلة. أقدم تهنئتي للقائمين على المهرجان وإلى المزيد من التميز والنجاح. * مسؤول تلفزيون قطر في المملكة